تفجيرات بوسـطن توقظ وحش المخــاوف الأمنية الأميركية

مخاوف من خلق أجهزة أمنية ذات سطوة بعد تفجيرات بوسطن. أ.ب

لابد من توخي الحذر من أي رد فعل مبالغ فيه على تفجيرات بوسطن يوقظ وحش الهواجس الأمنية عند الاميركيين مجدداً، ويؤدي الى خلق أجهزة أمنية ضخمة ذات سطوة وسلطة مفرطة تستخدم في استهداف بعض الناس، وتقويض الحقوق والحريات المدنية والفردية.

ومن وجهة نظر مرتكبي هذه التفجيرات، فإن نجاح الهجوم أو فشله يعتمد على رد فعل المستهدفين بالهجوم، فقد نجحت هجمات ‬11 سبتمبر ‬2001 في دفع الولايات المتحدة الى خوض حروب كارثية في أفغانستان والعراق، وإجازتها استخدام التعذيب والسجن من دون محاكمات والتنصت على الاتصالات الهاتفية والتجسس على البريد الالكتروني للأفراد، وفرض القيود على الحريات المدنية، وخلق جهاز أمني أميركي ضخم باهظ التكاليف يتدخل في كل صغيرة وكبيرة.

كما ستكون إحدى نتائج تفجيرات بوسطن زيادة إحساس الأميركيين بعدم الأمان، وتالياً زيادة تأييدهم لمن يعتقدون أن بإمكانه أن يعيد الأمن المفقود. وقبيل تفجيرات بوسطن شهدت أميركا مؤشرات إلى التململ من وجود أجهزة أمنية تضخمت كثيراً من حيث العدد والحجم بعد هجمات سبتمبر ‬2001، خصوصاً في وقت تتعرض الموازنة والانفاق في الولايات المتحدة لضغوط كبيرة.

كما أن الخوف من هجمات بوسطن يتمثل في زيادة حجم الأجهزة الأميركية، ومنحها مزيد من السلطة، ما قد يؤدي الى استهداف من لا ذنب لهم وإضعاف الحقوق والحريات الفردية، وتحويل الادارة الاميركية الى حكومة سلطوية مركزية مستبدة على حساب مناخ الحريات وحقوق الانسان، بحجة الحفاظ على الأمن. إنه من المحبط والمحزن حقاً رؤية مشهد المدرعات والعربات المسلحة تنتشر في الشوارع والاسواق في مساتشوستس، ومظاهر حظر التجول التي اعتاد الناس عليها في بلفاست وبغداد والفلوجة وكابول.

وتسرعت بعض الصحف من غير تريث او الاستناد الى دليل كاف في توجيه الاتهامات والاتجاه بحكاية تفجيرات بوسطن في اتجاه معين سرعان ما تبين أنه خطأ. وعقب هجمات سبتمبر قام عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) بما لا يقل عن ‬103 مهمات محلية داخل الولايات المتحدة للتصدي للإرهاب، بينما كان المدير العام الوطني للاستخبارات يقوم بمهام الاشراف والتنسيق بين ‬17 من أجهزة ووكالات الاستخبارات الاميركية، وإضافة الى عمل هذه الأجهزة هناك عمال وزارة الامن الداخلي التي تقوم بتوحيد جهود ومهمات ‬22 دائرة ووكالة اتحادية تضم ‬240 ألف شخص.

إن إيجاد جهاز بيروقراطي استخباري او أمني ضخم جديد سيكون على الأرجح عامل إعاقة وعرقلة أكثر منه عامل نجاح ومساعدة في جمع المعلومات الأمنية وتحليلها للوصول الى النتائج المطلوبة، فهناك الكثير من الموظفين لا يدركون بدقة طبيعة مهامهم واعمالهم ويلقون بالمسؤولية على غيرهم. وقال حاكم ولاية مساتشوستس ديفال باتريك، انه يأمل كما الكثيرين من المسؤولين الامنيين طرح سيل من التساؤلات التي تحتاج الى إجابات على المتهمين.

وتم العثور على المتهم الثاني جوهر تسارنايف، بعيد انتهاء عمليات البحث التي شملت بوسطن بأكملها، حيث كان مصابا ومختبئا في قارب في حديقة أحد المنازل.

وفي إجراء انتقده النشطاء في مجال حقوق الانسان، قال مسؤولون إنهم يعتزمون استجواب جوهر من دون أن يطبقوا الاجراء المتبع، وهو أن يقرأوا على المشتبه به قائمة بحقوقه، والتي تشمل الحق في الحصول على محام والحق في أن يبقى صامتاً، وقالوا إن استجوابه يمثل «استثناءاً خاصاً بالأمن العام. وقال «الاتحاد الاميركي للحقوق المدنية»، إن مثل هذا الاستثناء «لا ينطبق إلا في حالة التهديد الفوري، وإن تعليق الحقوق يجب ألا يمتد إلى أجل غير مسمى». لكن السيناتور الجمهوري عن ولاية اريزونا جون ماكين والسيناتور ليندسي غراهام من ولاية ساوث كارولينا، قالا إنه تجب معاملة كل متهم «كمقاتل عدو»، ما يعني انه لا يحق له أن يحصل على ما يحصل عليه مدعى عليه في قضايا جنائية.

وفي ‬2001 تم الانحراف بالسير الطبيعي للتحقيقات الجارية بشأن بعض الرسائل التي تحتوي على مادة «الانثراكس» السامة الى الاستعجال، والحاجة لإظهار نتائج ملموسة، وكانت النتيجة مراقبة خمسة علماء وباحثين.

باتريك كوكبرن كاتب ومحلل صحافي بريطاني

تويتر