مهمتهن رصد مقاتلين إسلاميين أو مهاجرين أفارقة

مجندات إسرائيليات يراقبن الحدود مــع مصر

المجندات الإسرائيليات يلعبن دوراً جديداً على حدود مصر. رويترز

من أعلى تلة رملية هي في واقع الأمر نقطة رصد، خرجت أربع مجندات في مهمة تفتيش وسط الرمال شاهرات بنادقهن، وكانت صيحات الحرب التي يطلقنها تشبه أصوات النورس، ومن تحت خوذة كل منهن يتدلى «ذيل الحصان» الذي تعقف به شعرها.

المجموعة مور وحدة رصد على السياج الحدودي بين مصر وإسرائيل، التي ينتشر أفرادها ليلاً لرصد أي متسللين محتملين قادمين من شبه جزيرة سيناء، التي يغيب عنها القانون. وشأن هذه الوحدة شأن عشرات الوحدات الأخرى على امتداد الحدود، إذ إن كل أفرادها من المجندات.

وقالت اللفتنانت مور دافنا، خلال تدريبات في مقر سياريم المخابراتي على بعد مسافة من الحدود «نقدم مساهمة كبيرة في حماية البلاد».

وسيُغضب أي اختراق لسيناء المصريين الذين لا يرضى الكثير منهم عن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل، والتي نزعت السلاح من سيناء بصورة كبيرة عام ‬1979. وهذا يجعل رصد المقاتلين الإسلاميين أو المهاجرين الأفارقة قبل دخولهم الحدود أولوية استراتيجية لإسرائيل.

وفي حين أن إسرائيل تشتهر بمبدأ المساواة في التجنيد بين الجنسين، فإنه عندما يتعلق الأمر بالسلام مع مصر عبر الحدود يصبح للعنصر النسائي قيمة أكثر من نظرائهن من الرجال.

وقالت قائد العمليات في سياريم الميجر أوشرات باحار «ليس من قبيل المصادفة وجود هذا العدد الكبير من النساء في مجال المخابرات الميدانية، ومع كامل احترامي للرجال فإن النساء يبدين قدرة خاصة».

ولم تسهب لكن البريجادير جنرال المتقاعدة روث يارون، وهي المتحدثة السابقة باسم الجيش الاسرائيلي، قالت إن وجهة نظرها أنه في سن التجنيد تميل المرأة إلى أن تكون أكثر ملاءمة للمراقبة الدؤوب التي تتطلبها مهام الاستطلاع.

وقالت يارون «هذا دور يتطلب مهام متعددة يجرى فيها المزج بين الانضباط وسرعة رد الفعل، والتركيز لفترات طويلة وهي صفات كثيراً ما تكون أقل ظهوراً لدى المجند الذي يبلغ من العمر ‬19 عاماً».

وتشير الأعداد إلى أن يارون وباحار ليستا وحديهما في تفكيرهما. وتمثل المرأة ‬55٪ من وحدات المخابرات الميدانية الاسرائيلية مقارنة بـ‬33٪ فقط في القوات المسلحة بصفة عامة.

وما تتفرد به الوحدات القتالية الاسرائيلية التي يمثل الرجال ‬96٪ من عناصرها، هو أن وحدات المخابرات الميدانية لها سرية مشاة لمهام الاستطلاع تتألف من نساء فقط، وقوامها نحو ‬70 مجندة بما في ذلك فريق مور الذي ستخدم عضواته سنة إضافية بعد فترة التجنيد الإلزامي، وهي عامان.

وتراقب آلاف المجندات لقطات الفيديو التي تصور الحدود الاسرائيلية على مدار اليوم من مخابئ تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة. وخارج غزة تضم بعض الشاشات وحدة للتصويب، ما يتيح للمجندات إطلاق النار عن بعد على المتسللين الفلسطينيين.

وفي المواقع الحدودية تستطيع فرق تتكون مما بين أربع وست مجندات، أن تمضي أياماً عدة دون حركة تقريباً على الإطلاق، وسط الحرارة اللافحة وهن ينظرن عبر النظارات المقربة، ويبعثن بتقارير عن التحركات الحدودية عبر الأجهزة اللاسلكية.

وقال جنرال سابق يدير مركز انتليجانس هيريتيج آند كوميموريشن هو ديفيد تسور «لديهن جَلَد والقدرة على التحمل والتركيز».

ومضى يقول «أجهزة المخابرات كانت بين أول الأجهزة التي تقدر هذا والتي أدمجت العنصر النسائي بناء على هذا الأمر».

ويمثل دور المرأة في أجهزة المخابرات قضية متواترة هذه الأيام بفضل فيلم جديد من إنتاج هوليوود عن تعقب أسامة بن لادن وهو فيلم «‬30 دقيقة بعد منتصف الليل». ونجاح مسلسل «الوطن» التلفزيوني وكلاهما يتحدث عن تولي ضابطات في وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) أدواراً رئيسة.

كما أن كتاباً ألفه عضو سابق في وحدة بحرية أميركية خاصة شاركت في الهجوم الذي أسفر عن مقتل بن لادن في ‬2011، يدين بالفضل لمحللة في توصلها إلى هدفهم المنشود.

وقال كولونيل بريطاني متقاعد ومن المحاربين القدامى في حربي أفغانستان والعراق، هو ريتشارد كمب، إنه «لا يعرف نظيراً غربياً مثل اسرائيل به مثل هذا النفوذ للمرأة داخل المخابرات العسكرية».

ومضى يقول «لاتزال المرأة تمثل أقلية في قواتنا المسلحة، لأنه ليس هناك تجنيد يجعل مثل هذا العدد من النساء ينضم كما في اسرائيل»، لكنه أضاف «من تجربتي فإنه في حين أن الرجال عادة ما يكونون أقوى بدنياً فإن النساء كثيراً ما يكونون أكثر تنظيماً وحرصاً، وأكثر عناية بالتفاصيل في تلك السن وأفضل كما هو واضح في جمع المعلومات وتحليلها».

وعلى الحدود المصرية تنشر إسرائيل أيضاً وحدات شرطة من الجنسين وأفواجاً من الجنسين، يطلق عليها «القط البري»، والتي تقوم بمهام الحراسة ونصب الكمائن. ومن عضوات «القط البري» مجندة نالت وساما لشجاعتها بعد أن قتلت مسلحاً جهادياً بالرصاص في سبتمبر الماضي.

كان فريق مور موجوداً في أغسطس عام ‬2011 عندما تسلل جهاديون يحملون البنادق والصواريخ من سيناء وقتلوا ثمانية اسرائيليين، فقلتت القوات الاسرائيلية خمسة أفراد من قوات حرس الحدود المصري عند ملاحقة الجناة، ما تسبب في أزمة مع القاهرة.

وأصبح العجز عن منع ذلك الهجوم يطارد فريق مور ولا شك، وتصاعد العنف في سيناء منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك قبل نحو عامين. وقالت سارجنت تحت قيادة اللفتانت دافنا «أي شيء نراقبه على الجانب الآخر نعتبره خطراً محتملاً».

ويشمل هذا في ما يبدو حرس الحدود المصري الذي تظهر أبراج مراقبته كل بضعة كيلومترات على امتداد السياج الحدودي، وتصر القاهرة على أنها تعمل على جعل سيناء آمنة. ويمكن أن تتسم الحدود بمسحة من الود أيضاً، إذ يسمح للمجندة الاسرائيلية أن ينسدل شعرها على شكل ذيل الحصان، ما يجعل من الواضح أنها امرأة.

وقالت سارجنت من فريق مور «عندما لا نكون مختبئات ويمكنهم (أفراد القوات المصرية) أن يروا أننا فتيات، يحاولون في بعض الأحيان إثارة انتباهنا برسائل، مثل إحدى المرات التي رسموا خلالها شكل قلب مستخدمين قطعاً من الأحجار».

 

تويتر