3 أسباب تسترعي الانتباه في قصة اعتقال سماحة

اعتقلت قوى الأمن الداخلي اللبناني يوم الخميس الماضي وزير الإعلام السابق عضو البرلمان اللبناني ميشال سماحة الذي تردد أنه اعترف لاحقاً بعد ذلك، وبعد التحقيق معه، بالمشاركة في خطة لنقل متفجرات من سورية الى لبنان، وبينما لايزال الغموض يلف حقائق الامور، فإن مثل هذا الحدث لا يحدث في لبنان ويثير دهشة الكثيرين مما يجري خلف الكواليس.

وقالت غلاديس زوجة سماحة الذي يوصف بأنه رجل سورية في لبنان، والحليف الوثيق لتحالف قوى 8 مارس بقيادة حزب الله والمعروف بأنه متحدث محنك ولبق، إنها كانت هي وزوجها بملابس النوم حينما دهمت منزلهما مجموعة من ضباط وعناصر الامن الداخلي اللبناني بالاشرفية في بيروت في ساعات الفجر، وفي غضون ساعات كانت محطات الاذاعة والتلفزيون اللبنانية تبث أن سماحة اعترف أثناء التحقيق معه بأنه شارك في خطة لنقل متفجرات من سورية الى لبنان لتنفيذ تفجيرات في شمال لبنان، خصوصاً في منطقة عكار بمعرفة سورية. ولكن لم يرد أي موقف رسمي أو كلمة بشأن اسباب اعتقال سماحة أو تفاصيل ما تردد عن اعترافه. وهناك ثلاثة أسباب تسترعي الانتباه لتسليط الاهتمام على هذا الحدث:

الأول: حدث لا يقع في لبنان

نعم مثل هذا الأمر لا يحدث في لبنان، فجميعنا يتذكر تلك الايام التي تم فيها اقتياد أربعة من كبار ضباط ومسؤولي الأمن الداخلي اللبناني ووضعهم قيد الاعتقال بسبب تورطهم المزعوم في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في فبراير .2005 وربما كان الشبه بين ما جرى في ذلك الوقت واعتقال سماحة اليوم هو أنه يمكن استغلال الملف السياسي لسماحة واتصالاته بشكل غير رسمي من غير أي دليل. وتشير التسريبات الى أن قوى الامن الداخلي جمعت دليلاً على تورط سماحة في مؤامرة، شمل الاتصالات والمراقبة والاستطلاع السمعي والبصري وإفادات شهود، واذا كان الدليل ضعيفاً فإن هناك عواقب كبيرة.

من جهة أخرى، فإن هناك شيئاً غير قابل للتصديق في هذا الحدث، فحتى لو كان هناك مؤامرة مزعومة وتورط فيها سماحة، وكان على علم مسبق بها فإنه يبدو من المستبعد ان يكون متورطاً على المستوى العملياتي والتنفيذي.

ثانياً: ضعف الحكومة اللبنانية

تبدو الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة نجيب ميقاتي ضعيفة للغاية، فالانقسامات في الاسابيع الاخيرة بين قادة كتلتها حول قضايا لبنانية مثل سياسة الطاقة، سهلت إمكانية الانسحاب منها. وحدث ما حدث بعد قبولها القانون الجديد والمثير للجدل للانتخاب، وباعتقال سماحة فإن ميقاتي خسر أحد أطرافه. واذا ما قرر «حزب الله» المطالبة بالافراج عن سماحة فإن ذلك قد يثير آلام انهيار حكومته، مع أنه ليس هناك الكثير من الاوراق بين يدي ميقاتي فسيجد أنه من المستحيل عليه سياسياً المضي قدماً ضد قوى الامن الداخلي اللبناني التي قالت إن سماحة يواجه اتهاماً بالتورط في مؤامرة لزرع بذور الفتنة الطائفية في منطقة سنية.

ويتوق ميقاتي الذي تصفه حركة تيار المستقبل المعارض حالياً بأنه ورقة التين لحلفاء سورية وايران، إلى الحفاظ على وضعه قائداً في الطائفة السنية، في حين يراه آخرون بأنه الخنوع لـ«حزب الله» وسيبدو بمثابة انتحار سياسي له في وقت تبقى فيه سنة على موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة. ومن جهة ثانية فإنه اذا التزم «حزب الله» الصمت إزاء اعتقال سماحة فإن ميقاتي سيبدو بطلاً لجريمة خارقة.

ثالثاً: فتنة طائفية تلوح في سماء قوى أجهزة الأمن اللبناني

تم اعتقال سماحة من جانب قوى الامن الداخلي اللبناني التي يتولى قيادتها تيار المستقبل المعارض. وخلال دقائق من الاعتقال كان حلفاء سماحة وأصدقاؤه يرددون أنها عمل سياسي وقح، وقد ثار المدير العام السابق لقوى الامن جميل السيد، الذي تحمل اعتقالاً دام سنة للاشتباه في ضلوعه في عملية اغتيال الحريري، ولكن من غير دليل ثار ضد اعتقال سماحة، وقال إن اعتقال شادي المولوي الاسلامي المتشدد في مايو الماضي سبب أزمة للسنة، لأن اعتقاله تم بواسطة جهاز الامن العام المعروف بأنه مقرب من «حزب الله»، وتساءل السيد: كيف يتم التعامل بخشونة وقسوة مع شخص مثل سماحة في حين يتم الافراج عن شخص نكرة وهو المولوي، مع الاعتذار له؟

ويبدو أن هناك حرباً خفية تجرى بين فروع أجهزة الاستخبارات العسكرية في لبنان، مما ترتب عليه وقوع إصابات وضحايا، لكن إذا استمر وقوع ضحايا من امثال سماحة فإن الأمور ستتغير بسرعة.

البروفيسور إلياس مهنا - أستاذ مساعد في جامعة براون موقع مجلة المونيتور الإلكترونية

 

تويتر