جبهة مدنية في تونس لمواجهة حركــة النهـضة

سلفيون خلال إحدى التظاهرات في تونس العاصمة. أ.ف.ب

برز تيار مدني جديد في تونس يقوده شخصيات سياسية وأكاديمية واجتماعية في محاولة لوقف هيمنة الإسلاميين على مقاليد السلطة في البلاد، ويكون بذلك هذا التيار نواة لجبهة معارضة لحركة النهضة التي فازت في الانتخابات الأخيرة، وتبنى المعارضون شعار «العصرنة والحداثة» عوضاً عن العلمانية والجمهورية. وبعد أيام من المواجهات العنيفة بين قوات الأمن وسلفيين، قرر رئيس الوزراء التونسي السابق باجي قايد السبسي إطلاق حزب جديد تحت اسم «نداء تونس»، ودعا المجتمع المدني والأحزاب الأخرى إلى تشكيل أكبر تجمع سياسي ممكن في تونس. وكانت حركة النهضة الاسلامية التي توصف بالاعتدال قد فازت بنسبة 40٪ من مقاعد المجلس التأسيسي للدستور في انتخابات أكتوبر الماضي. وأثارت المبادرة التي تم التحضير لها منذ أشهر، تساؤلات لدى التونسيين، في الوقت الذي يبدو أنها أنعشت الآمال في إنشاء معارضة واعية، يجب أن تبقى متحدة وإلا تعرضت للخسارة في انتخابات البرلمان والرئاسة المقبلة مرة أخرى في .2013 وظهر السبسي، (86 عاماً)، الذي رافق الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة وشغل مناصب قيادية عدة من 1960 إلى ،1980 كزعيم سياسي أمام آلاف المناصرين في العاصمة التونسية، وبجانبه الأمين العام السابق للاتحاد العام للعمال التونسيين، طيب بكوش، ويعتبر الاتحاد من أهم مفجري ثورة الياسمين العام الماضي، كما حظي اللقاء الجماهيري باهتمام الأحزاب التونسية، التي أرسلت موفدين إلى مكان الانعقاد. وجمع التيار الجديد، في قصر المؤتمرات، نخبة البرجوازية التونسية التي تعيش على الساحل الممتد من مدينة المنستير إلى سوسة، الذي يعتبر مهد «البورقيبية». واللافت في الأمر حضور شخصيات في حزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في هذا التجمع السياسي، والتي تبدو بداية لعودة تدريجية لأعضاء الحزب المنحل إلى العمل السياسي تحت مظلة التجمع الجديد. وأثناء خطابه، دعا السبسي إلى عدم استهداف الفنانين، في إشارة إلى السلوك العدواني الذي تعرض له بعض الرسامين من قبل متشددين سلفيين قالوا إن هؤلاء الفنانين تعدو على المقدسات، قائلاً «مجتمع دون إبداع ليس له مستقبل»، مذكراً بأن الشعب التونسي مسلم وليس بحاجة إلى حكومة تلقي «خطبا دينية» وتتصرف مثل «المعلم». وهاجم المسؤول التونسي السابق حركة النهضة، التي كانت محظورة في الماضي، «هؤلاء الناس لا يؤمنون بالدولة التونسية ولا يستسيغون العصرنة التونسية التي اكتسبتها خلال الـ50 سنة الماضية». ويرى السبسي انه يجب المحافظة على مكاسب المجتمع التونسي، داعياً كل أصحاب النوايا الحسنة إلى الانضمام إليه، «سنكون بحاجة إلى الجميع للخروج من هذا الوضع الممل».

وفي السياق ذاته تقول الأمين العام للحزب الجمهوري، مايا جريبي، إن لدى السبسي قدرة على توحيد صفوف المعارضة التونسية وإنه شخصية تحظى بالتوافق. وعلى الرغم من انضمام حزبها إلى التجمع، تؤكد جريبي استقلالية الأحزاب المنضوية تحت مظلة «نداء تونس»، مشيرة إلى ضرورة تاريخية لاتحاد القوى الجمهوري في البلاد، «قطعنا شوطاً في هذا الطريق»، وتضيف السياسية التونسية، «يجب أن نستمر في تشكيل تحالفات واتفاقات انتخابية». من جهتها، تؤكد السينمائية سلمى بكار، التي انتخبت نائبة عن القطب الديمقراطي المعاصر، وجود مساعٍ من أجل التقارب مع الحزب الجمهوري، فرصتنا الوحيدة للبقاء تكمن في أن نكون بديل النهضة، وفي ما يخص محاسبة رموز النظام السابق تقول بكار، «يجب محاسبة أعضاء حزب بن علي إذا ارتكبوا مخالفات، لكن في المقابل يجب التوقف عن البحث عن المشعوذات. هناك مليونا تونسي حملوا بطاقات الحزب المنحل من أجل البقاء». ويتوقع مراقبون أن تدفع حركة «نداء تونس» باتجاه حالة استقطاب حادة في الشارع التونسي بين كتلة السبسي التي تضم حولها بقايا الحزب الحاكم السابق ومجموعات يسارية وحقوقية، وبين النهضة ومجموعات الإسلام السياسي المختلفة، خصوصاً السلفية. ويقول معارضو السبسي، إن مبادرة هذا الأخير ستمكن أتباع وقيادات حزب التجمع الدستوري المنحل من العودة الى الساحة السياسية من باب واسع رغم مطالب شعبيّة بإبعادهم عن الحياة السياسيّة.

تويتر