«خيام التضامن» وسيلتهم الوحيدة لحشد التأييد الدولي

فلسطينيون يضربون عن الطعام دعماً للأسرى

خيمة التضامن مع الأسرى وحّدت الفلسطينيين بمختلف فصائلهم. الإمارات اليوم

بينما يخوض نحو 2800 أسير فلسطيني إضراباً مفتوحاً عن الطعام داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ 17 أبريل الماضي، إضافة إلى ثمانية آخرين يضربون منذ أكثر من شهرين، للمطالبة بحقوقهم الإنسانية العادلة، ووقف انتهاكات السجان الإسرائيلي ضدهم، يخوض الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية منذ بداية شهر مايو الجاري إضراباً مفتوحاً عن الطعام تضامناً مع الأسرى.

ففي ساحة الجندي المجهول بمدينة غزة أقام الفلسطينيون خيمة «للتضامن والإضراب عن الطعام» لدعم الأسرى داخل سجون الاحتلال، إذ يخوض نحو 60 فلسطينياً و35 فلسطينية من أهالي الأسرى، والفصائل الفلسطينية، وأسرى محررين ومبعدين إضراباً مفتوحاً عن الطعام داخل الخيمة، مساندةً للأسرى الذين يواجهون انتهاكات الاحتلال بحقهم، ويخوضون معركة الأمعاء الخاوية.

خيمة تضامن ووحدة

خيمة التضامن مع الأسرى الفلسطينيين حملت مضامين أخرى، فقد وحدت الفلسطينيين أمام قضية الأسرى، إذ إن عدداً من المضربين عن الطعام ينتمون إلى فصائل فلسطينية مختلفة، إضافة إلى توافد الفصائل وجميع شرائح المجتمع إلى خيمة التضامن دعماً للأسرى الفلسطينيين. وتقول النائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة المقاومة الإسلامية «حماس» جميلة الشنطي، التي كانت موجودة داخل الخيمة، إن «خيمة التضامن مع الأسرى والإضراب عن الطعام ظاهرة إعلامية تعبر عن الحالة التي يعيشها الأسرى، فلولا هذه الخيمة لن يرى العالم معاناة الأسرى التي غيبت عن أنظار العالم، فنحن هنا نستقبل الوفود من كل الفصائل لنوصل رسائل حية من داخل الخيمة إلى كل أنحاء العالم». وتضيف أن «من الطبيعي أن الأم التي يضرب ابنها عن الطعام ويمر بحالة من الألم ستعيش الحالة ذاتها ولا تستطيع أن تأكل وتشرب، كما أن المرأة الفلسطينية مجاهدة ومناضلة، وتعيش الحالة المقاومة، وتستخدم سلاح الإضراب عن الطعام للضغط على الاحتلال لتحقيق مطالب الأسرى». وتطالب النائب الشنطي الفصائل الفلسطينية بالتوحد لمواجهة العدو والتصدي للسياسة الإسرائيلية التي تستهدف الأسرى، وكذلك التوجه إلى المحافل العربية والدولية لفضح جرائم الاحتلال بحق الأسرى. من جهة أخرى، يقول القائد العام لكتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة «فتح» سالم ثابت، لـ«الإمارات اليوم»، إن هناك رسالتين نوجههما من داخل خيمة التضامن مع الأسرى، الأولى رسالة إنسانية، كوننا جزءاً من الشعب الفلسطيني، فالمطلوب من كل فلسطيني هو الالتزام والتضامن مع الأسرى على الأقل داخل خيمة التضامن هذه، أما الرسالة الثانية فهي إلى الأسرى داخل سجون الاحتلال مفادها أننا لن نتركهم وحدهم في هذه المعركة البطولية والمعاناة التي يمرون بها، خصوصاً في هذه المرحلة الصعبة. ويضيف أن «هذه الخيمة وحّدت جميع الفلسطينيين بمختلف فصائلهم».

الحاجة أم هاني عودة، والدة الأسير رامي عودة، التي تخوض إضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ بداية مايو، تتوجه كل يوم منذ ساعات الصباح الباكر من منزلها في مدينة غزة إلى خيمة التضامن مع الأسرى في ساحة الجندي المجهول، كغيرها من أمهات الأسرى الفلسطينيين، حيث تبقى موجودة حتى ساعات الليل، في محاولة منها لدعم ابنها المضرب عن الطعام داخل سجون الاحتلال منذ أكثر من 21 يوماً.

وتقول أم هاني عودة لـ«الإمارات اليوم» بصوت متعب: «أنا أضربت عن الطعام للتضامن مع الأسرى ومع ابني رامي، الذي يخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام، فلا يعقل أن يواجه ابني والأسرى ممارسات الاحتلال ويواجهون حياة قاسية لوحدهم، فكان من المفروض علينا أن نقف بجانبهم وندعمهم في محنتهم».

وتضيف: «نحن هنا في غزة وداخل خيمة التضامن مع الأسرى نقدم كل ما نملكه، وكل ما نستطيع للتضامن مع الأسرى ودعم مطالبهم العادلة والإنسانية، فنأتي منذ الصباح حتى ساعات الليل حتى نوصل رسالة إلى كل ضمير حي للوقوف إلى جانب الأسرى لتحقيق مطالبهم العادلة، وأن يسمح لنا بزيارتهم داخل السجون، وهذا أقل مطلب لنا، فنحن لا نعرف شيئاً عن حياتهم».

وتطالب والدة الأسير رامي الأمين العام للأم المتحدة بان كي مون الذي زار عائلة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت، أن يأتي لزيارة أهالي أكثر من 5000 أسير فلسطيني، وأن يشاهد المأساة التي يتعرضون لها يوميا.

ويمر الأسير رامي عودة، بحسب والدته، بحالة صحية سيئة داخل السجن، إذ إنه مصاب بقرحة المعدة، إضافة إلى إصابته في عينه، إذ يتعرض الأسرى لممارسات قاسية داخل السجن، متمثلة في التفتيش العاري والعزل الانفرادي والاعتداء بالضرب، والحرمان من العلاج.

واعتقل رامي قبل تسع سنوات، بينما حرمت والدته من زيارته منذ ست سنوات، وتقول والدته إن «ابنته أماني لا تعرف والدها، ولم تره إلا من خلال الصور، فعندما تم اعتقاله كان عمرها شهراً واحداً».

وإلى جانب أم هاني عودة كانت تجلس زوجة الأسير سلامة مصلح على السرير المخصص لأهالي الأسرى المضربين عن الطعام، ويحيط بها عدد من النساء اللواتي جئن للتضامن معها، فهي محرومة من زوجها منذ 19 عاماً، لأنه محكوم بالسجن المؤبد مدى الحياة.

وتقول زوجة الأسير سلامة مصلح لـ«الإمارات اليوم»: «ما دفعني للإضراب عن الطعام هي عدالة قضية الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال، وحبي للوطن والقضية الفلسطينية، ولأنني زوجة أسير يواجه ممارسات قاسية وعنيفة من قبل الاحتلال، ويخوض إضراباً عن الطعام، فمن الوفاء أن أدعمه وأدعم الأسرى في محنتهم وفي معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضوها داخل السجون، وهذا أقل شيء يمكن أن نقدمه».

وتضيف أن الإضراب عن الطعام هو قرار صعب لا يلجأ إليه الأسرى إلا في أحلك الظروف وأقساها «فلولا تضييق الخناق عليهم واتخاذ إجراءات مذلة بحقهم من قبل الاحتلال لما خاضوا الإضراب عن الطعام، فهم يفتقرون داخل السجون لأدنى مقومات الحياة، ويتعرضون لموت بطيء داخل السجون جراء ممارسات الاحتلال بحقهم».

وتؤكد أن الإضراب المفتوح عن الطعام الذي يخوضه الأسرى والفلسطينيون في غزة والضفة مستمر، بل هو في ازدياد حتى يتم تحقيق مطالب الأسرى التي تعد مطالب بسيطة وحقاً مشروعاً وعادلاً لهم.

وتقول إنه «إذا لم تتم تلبية مطالب الأسرى فستكون هناك عملية اغتيال بطريقة غير مباشرة للأسرى المضربين عن الطعام داخل السجون، فالأسيران بلال ذياب وثائر حلاحلة دخلا يومهما الـ70 وهما يخوضان إضراباً مفتوحاً عن الطعام، وحياتهما باتت في خطر».

وشهدت خيمة الأسرى مشاركة أسرى محررين ومبعدين في فعاليات التضامن مع الأسرى، فالأسير المحرر ضمن صفقة تبادل الأسرى والمبعد من مدينة طوباس بالضفة الغربية إلى غزة مصطفى مسلماني يخوض الإضراب عن الطعام دعماً ووفاء لإخوانه ورفاقه الأسرى.

ويقول مسلماني لـ«الإمارات اليوم»: «عندما خرجت من السجن تركت خلفي الآلاف من الأسرى وهم رفاقي وإخواني، فكان من باب الوفاء والالتزام الوطني والأخلاق أن أتضامن معهم وأن ادعم موقفهم، لاسيما أنني واجهت المعاناة التي يتعرضون لها، وتجرعت مرارتها، فنحن متضامنون هنا وشركاء في معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها الأسرى، ولن نتركهم وحدهم، وسنكون جنوداً أوفياء لهم حتى ينالوا مطالبهم العادلة، بل هي مطالب بسيطة للغاية، وقد كفلها القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة».

ويضيف: «سنبقى مضربين عن الطعام ونتحمل حرارة الصيف والجوع والعطش، وكل الأمراض حتى ينعموا بحقوقهم الإنسانية والعادلة، فنحن هنا نوجد طوال الوقت مضربين عن الطعام، نساند بعضنا بعضاً، ويتوافد إلينا الآلاف من كافة شرائح المجتمع إضافة إلى الفصائل الفلسطينية».

ويشير مسلماني إلى أن الأسرى يواجهون سياسة مذلة متمثلة بالعزل الانفرادي، فهناك أكثر من 20 أسيراً داخل العزل الانفرادي من 10 سنوات، كما يوجد أكثر من 300 أسير فلسطيني داخل سجون الاحتلال، مضى على أسرهم أكثر من 20 و30 عاماً، منهم كريم يونس، وماهر يونس، ومخلص صوافقة، وعثمان بني حسين ورافع كراجة.

ويوضح أن الإضراب عن الطعام من أصعب الوسائل والأسلحة التي يلجأ إليها الإنسان، خصوصاً الأسرى، ويقول: «لكن ما يهون علينا هو إيماننا بالله، ثم إيماننا بعـدالة قضية الأسرى، وهذا ما يجعلنا نتحمل كل شيء في سبيل نصرة قضية الأسرى، والتضامن معهم، ودعم مطالبهم العادلة».

تويتر