تزايد الصعوبات أمام « سودان البشير » رغم انفصال الجنوب
سودانيات خرجن لتحية البشير لدى عودته من الصين. رويترز
بينما بدأ السودانيون الجنوبيون العد التنازلي للاستقلال في التاسع من يوليو الجاري، يفكر الشماليون بقلق في مستقبل يتراجع فيه نصيبهم من النفط ويرتفع فيه التضخم، فيما تزداد حركات التمرد جرأة. التحديات التي فرضها تقسيم أكبر دول إفريقيا مساحة، تعني أن الرئيس عمر حسن البشير سيتعين عليه احداث توازن دقيق بينما يحاول لملمة ما تبقى من الدولة التي يحكمها منذ اكثر من 20 عاماً، وإذا أخطأ فما عليه سوى أن يمعن النظر في جيرانه في شمال افريقيا ليرى ماذا يمكن أن يحدث بعد ذلك، فقد أطاحت الاحتجاجات الشعبية برجلين قويين استمرا في الحكم لفترة طويلة في مصر وتونس، فيما تهدد حرب اهلية زعيماً آخر في ليبيا.
وفي أسواق الخرطوم التي يغشى الغبار أجواءها، يعلق المشترون والبائعون على الانفصال بمشاعر متباينة من الحزن والاستسلام والقلق. وقال بائع صحف يدعى محمد «استقلال الجنوب خطأ جسيم، خطأ فادح ارتكبته حكومتنا، انه امر خاطئ، اقتصادنا سيعاني لأننا نعتمد على النفط.. الأسعار ترتفع كل يوم والتضخم سيزيد».
وصوّت الجنوبيون لمصلحة الانفصال عن الشمال في استفتاء أجري في يناير الماضي، جاء تتويجاً لاتفاق سلام أُبرم عام 2005 وأنهى عقوداً من الحرب الاهلية التي أودت بحياة نحو مليوني شخص. لكن صراعات السودان تتعدى مجرد الشمال والجنوب. ورفعت جماعات عرقية، تشكو من التهميش، السلاح في اقليم دارفور بغرب السودان وفي مناطق بالشرق، كما خاض كثير من مقاتلي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق الحدوديتين اللتين لاتزالان ضمن الشمال، قتالاً ضد الخرطوم.
وتجمع بين حركات التمرد المتنوعة شكوى مشتركة ألا وهي الاستياء العميق مما يرونه هيمنة شبه تامة لنخبة صغيرة من الشماليين على السلطة والثروة في السودان. ويقول محللون ان هذه الحركات ربما تصعّد من حملاتها بعد انفصال الجنوب بسبب ما تراه من فرصة سانحة للضغط من اجل الحصول على تنازلات منحكومة هشة في الخرطوم. وقال الباحث بمعهد الوادي المتصدع للأبحاث علي فيرجي «القوى المحركة للمظالم الأخرى في السودان، سواء في الشرق او الغرب او في اقصى الشمال او في اراضي كردفان الحدودية او في ولايتي النيل الأبيض والنيل الأزرق، لن تختفي بانفصال الجنوب».
يقول محللون إن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الشمال يتعامل مع حركات التمرد المختلفة بالطريقة نفسها من خلال الحملات الأمنية والمحاولات لشق الصف بين المتمردين بعرض صفقات على بعض قادتهم. وربما يكون من الصعب الاستمرار في هذه الأساليب بينما تجفف إيرادات النفط المتضائلة من خزائن الشمال. وقال الباحث من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات فؤاد حكمت «لا تستطيع ان تواصل دفع رواتب قوات الأمن والجيش فحسب، وتتناسى الموظفين الحكوميين»، وأضاف حكمت «اذا لم يتغير حزب المؤتمر الوطني خلال عام واذا لم يتبن نهجاً جديداً يقوم عن الاحتواء لا على السيطرة الأمنية فساعتها سيواجه السودان مشكلات بالغة الخطورة». لكن انفتاح النظام السياسي قد يعرض البشير المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية في جرائم ضد الإنسانية الى تحديات من المتشددين في حزبه الذين يعارضون تقديم اي تنازل للولايات الواقعة على الأطراف. ويقول محللون ان السودان يكابد الظروف نفسها التي اشعلت فتيل الاحتجاجات في دول عربية اخرى، خصوصاً شكاوى القمع السياسي وغلاء اسعار الغذاء. لكن لايزال من غير الواضح اذا ما كان السودان المثخن بالجراح، جراء حروب استمرت عشرات السنين، سيكون لديه الطاقة لانتفاضة خاصة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news