محاصرة بين فكرتي المصالح ومواكبة التغيير
واشنطن تخشى فقدان مصالحها في الشرق الاوسط
كلينتون كشفت عن حوار داخلي أميركي حول الثورات العربية. أ.ف.ب
ألمحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، خلال الاجتماعات الدورية في الكونغرس، إلى مخاوف البيت الأبيض إزاء الاضطرابات في البلدان العربية، وخشية تعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر. وعارضت طرح بعض النواب الجمهوريين، الذين يرون ضرورة التنسيق الكامل بين وزارتي الخارجية والدفاع، للتعامل مع الأوضاع الظرفية، وركزت على أهمية تكثيف الجهود، لمواجهة البلدان التي يمكن أن تمثل تهديدا للمصالح الأميركية في أي منطقة في العالم، وأشارت في هذا السياق إلى الصين وإيران، إلا أن نقاشا جديدا بدأ يتبلور في دوائر دبلوماسية أميركية حول كيفية التعامل مع الثورات التي اندلعت في المنطقة العربية.
ويعتقد دبلوماسيون مطلعون على ما يدور في البيت الأبيض، أن ما يحدث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكبر من مجرد حركة احتجاجية أوقدت شرارتها المواقع الاجتماعية على شبكة الإنترنت. ويرى هؤلاء أن المسألة تتعلق بالوضع الاقتصادي المتردي في العالم العربي، إضافة إلى البطالة التي تضرب شريحة واسعة من الشباب العربي، هذه الظاهرة التي استفحلت بسبب الأزمة المالية العالمية. كما يشير الدبلوماسيون الأميركيون، في هذا السياق، إلى الهوة الكبيرة بين الأغنياء والفقراء. وفي ذلك يقول نائب وزير الخارجية السابق المكلف بالشرق الأوسط، روبرت بيلترو، إن الفساد المستشري في هذه البلدان، والاستبداد جعلت الحياة مستحيلة هناك.
ويوضح مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، فيليب ويلكوكس «بعد أن اكتشف الأميركيون وجود رأي عام عربي، باتت وزارة الخارجية الأميركية تعتقد أن الضمانات التي تقدمها أنظمة استبدادية حليفة لواشنطن أقل ثباتا من الضمانات التي تقدمها بلدان أقل إذعانا للولايات المتحدة، ولكنها أكثر استقرارا».
من جهة أخرى، يقول الخبير في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ديفيد ماكوفسكي، إن هناك خلافاً واضحاً بين فريقين في الإدارة الأميركية، ففي الوقت الذي يفضل فيه الفريق الأول «الحفاظ على المصالح الأميركية الحيوية»، في مصر والسعودية والخليج العربي، يرى الفريق الآخر انه من الأفضل «مواكبة التغيرات التاريخية» في المنطقة. وبين هذا الطرح وذاك، تحاول واشنطن الإمساك بالعصا من الوسط، إذ أوفدت الأدميرال مايك مولن إلى بعض الزعماء العرب تطمئنهم، من خلاله، أنها لن تتخلى عنهم، وفي المقابل حثتهم على تبني المزيد من الإصلاحات السياسية. ويوضح المستشار السابق في البيت الأبيض روبرت مالي «تدرك الإدارة الأميركية جيدا أن قطارا بدأ يتحرك في الشرق الأوسط، ولا تعلم إلى أين سينتهي به الأمر»، مضيفا «النماذج القديمة أصبحت مهجورة». بات البيت الأبيض يدرك الآن، حسب ويلكوكس، أن «التدخل العسكري في إيران بات مستبعدا تماما». ويعتقد مدير قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية سابقا، لاري بوب، أن «الإدارة تدرك أنه لا يوجد نمط واحد من التيار الإسلامي».
ويخشى خبراء الاستراتيجية في واشنطن من «أن يقال قريبا إن أميركا خسرت الشرق الأوسط، كما قيل في ،1979 إن واشنطن خسرت إيران»، حسب مالي. ويرى دبلوماسي أوروبي، «هناك انطباع بأن أميركا ليس لديها تأثير حقيقي في المنطقة، أو بدائل لما هو قائم الآن، وقد منيت السياسة الخارجية والعسكرية بانتكاسات متتالية، منها الفشل في إيجاد تسوية للنزاع العربي الإسرائيلي والخروج غير المشرف من العراق، والعجز في التعامل مع الملف النووي الإيراني، وأصبح الانطباع بأن أميركا أصبحت «خارج اللعبة»، يزعج الدبلوماسية الأميركية، وباتت الإدارة الأميركية تخشى تصالحاً عربياً إيرانياً في المستقبل. وفي الوقت الذي تلاشى فيه نفوذ القوى الكبرى في الشرق الأوسط، حسب ماكوفسكي «خرج أوباما مستفيدا من هذه الأزمة، إذ كان الوحيد الذي تنبأ بما حدث من خلال التركيز على الشعوب عوضاً عن الأنظمة»، مضيفا «لقد تعامل مع الأحداث بشكل جيد على المستوى الدولي».
ويرى دبلوماسي مخضرم «أن أميركا يجب أن تلعب دورا مهما في مصر، لأن عدم اهتمام واشنطن بالمرحلة الانتقالية هناك قد يقلب الموازين».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news