ثورات العرب تبشر باستعادة عصرهم الذهبي
متظاهرون مصريون في ميدان التحرير. إي.بي.إيه
توسعت دائرة الاحتجاجات في المنطقة العربية لتشمل العراق في أقصى الشرق إلى المغرب في أقصى الغرب، مروراً باليمن ومصر وتونس وليبيا، وتطالب الشعوب العربية في رسالة واضحة لكل العالم، بقيادات سياسية جديدة. وكانت البداية بسقوط النظامين في كل من تونس ومصر، إذ انتهى عهد زين العابدين بن علي، في الأولى، بعد حكم قمعي دام نحو ربع قرن، في حين اضطر الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الذي حكم البلاد مدة تناهز الـ30 عاما، للتنحي، بعد ضغوط متزايدة من الشارع. ولاقت الحركات الاحتجاجية دعما متفاوتا من طرف الإعلام في الدول الغربية، التي تنبأت بها، وأشارت إلى الأسباب التي قد تؤدي إلى «نهضة» شعبية في الأوساط الشعبية العربية. وبشكل رمزي ساهم تدشين أكبر ناطحة سحاب في العالم، بدبي، في إعادة الثقة للعرب. ويذكر أن الاستثمارات الخليجية لعبت دوراً رئيسًا في نجدة الاقتصاد الأوروبي خلال الأزمة المالية، ما سلط الضوء على هذه الدول الصاعدة في الخليج. كما أن صعود طبقة وسطى مثقفة ومتعلمة، ساهم في انتعاش الاقتصاد في تلك الدول، الذي أصبح معروفا بالصناعات الفاخرة، ومنتجات «الحلال»، والسياحة، والإعلام، والسينما. وركزت هذه الدول الصاعدة على المستهلكين في العالم العربي وآسيا، وقد تكون هذه القفزة الاقتصادية في هذا الجزء من العالم، هي التي جعلت الدكتاتوريات في تونس ومصر، تبدو بالية أمام شعوبها، الذين تيقنوا أنه آن الأوان للتغيير الجذري.
لم يكن بالإمكان الاستمرار في سياسة إقصائية، إذ تقوم فئة معينة باستغلال ثروات البلاد، في الوقت الذي يتم فيه تهميش الطبقات الوسطى من المجتمع بالكامل، بتواطؤ من البلدان الغربية. وقد ساهمت الشبكات الاجتماعية على شبكة الانترنت في نشر هذا الوعي، وإيجاد وحدة في التفكير، بسرعة فاجأت الحكومات المعنية. وكان من المفترض أن تشد هذه التغيرات انتباه صانعي القارات في الغرب، وبشكل أخص فرنسا، إلا أن الدبلوماسية الفرنسية تعيش وضعاً متردياً في الآونة الأخيرة، الأمر الذي لا يؤهلها للعب دور فعال في حل مشكلات العالم العربي. لقد كانت فرنسا عمياء لا على ما يحدث حولها. بل انها تجهل الحجم المتنامي للدول الصاعدة، وكان النمو في بعض أرجاء العالم العربي لا يحظى بالاهتمام في باريس، بل كان محل سخرية وتشويه للسمعة. لايزال الغرب أسير العقلية الاستعمارية القديمة بحيث يسخر من النمو الاقتصادي الذي حققته دول الخليج، ولا يستطيع قبول فكرة أن العرب بإمكانهم تحقيق إنجازات وتطوير أنفسهم. وبفعل تأثير هذه الأيديولوجية التي عفا عليها الزمن، فإن البلدان الغربية لم تدرك أنه بإمكان الشعوب العربية أن تنتفض ذات يوم وتطالب بحقوقها المشروعة، سواء في ما يخص بالممارسات الديمقراطية أو حرية التعبير وحقوق الإنسان. ولعلنا نذكر الضجة الكبيرة التي أثارها فيلم «الخارجون عن القانون»، الذي سلط من خلاله المخرج رشيد بوشارب الضوء على المجازر التي اقترفتها الآلة الاستعمارية في الجزائر في ،1995 وكشف المشاعر الحقيقية الاستعمارية لفرنسا الحديثة.
والنهضة العربية التي نشهدها حالياً تطوي هذا الفصل الاستعماري بشكل نهائي، وتؤذن بميلاد «قوة» اقتصادية وسياسية وثقافية جديدة، أكثر قوة وتأثيرا.
والعالم العربي في طريقه لاستعادة عصره الذهبي، وترك الإرث الاستعماري وراء ظهره إلى الأبد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news