مصر: أزمة «الدستور» تثير جدلاً بشأن منع تملّك الصحافيين الصحف

أثارت الأزمة القائمة حاليا في صحيفة «الدستور» المصرية المستقلة، وقبلها أزمة إغلاق صحيفة «البديل» المستقلة الكثير من الجدل في الوسط الصحافي، الذي بات يبحث عن حل لإشكالية امتلاك رجال المال والأعمال الصحف، وفرض مصالحهم أو توجهاتهم عليها، بينما يمنع أهل المهنة من امتلاك الصحف التي يعملون فيها.

وفي مصر من حق الأشخاص امتلاك الصحف، طالما يمتلكون المال ولديهم القدرة على إنشاء شركة مساهمة، وجلب عدد من الصحافيين من أعضاء النقابة المصرية كرؤساء تحرير ومديري أقسام، بينما لا يحق للصحافي أن يمتلك المؤسسة الصحافية كون الصحيفة بالنسبة للقانون عملاً تجارياً، والصحافي ممنوع من ممارسة التجارة بحسب لوائح نقابته.

وكان رجال أعمال مصريون يساريون يمتلكون صحيفة «البديل»، التي توقفت عن الصدور. وأثار رجال أعمال آخرون ينتمون إلى حزب «الوفد» المعارض أزمة صحيفة «الدستور»، بعد أيام من قيامهم بشرائها وسط تعهدات بعدم تغيير سياستها المعارضة للحكومة، ومن ثم إقالة رئيس تحريرها الصحافي إبراهيم عيسى بعد فترة.

ويشترط قانون «تنظيم الصحافة» رقم 96 لسنة ،1996 بشأن الصحف التي يصدرها الأشخاص أن تتخذ شكل شركات مساهمة، وأن تكون الأسهم اسمية ومملوكة للمصريين وحدهم، ولا يقل رأسمال الشركة المدفوع عن مليون جنيه (190 ألف دولار تقريبا)، لإصدار صحيفة يومية، و250 ألف جنيه للأسبوعية، و100 ألف جنيه للشهرية.

وينص القانون أيضا على أنه لا يجوز أن تزيد ملكية الشخص وأفراد أسرته وأقاربه حتى الدرجة الثانية في رأسمال الصحيفة على 10٪. وبينما لا يمنع القانون الصحافيين من امتلاك حصص في الصحف إلا أن المجلس الأعلى للصحافة وهو الجهة المنوط بها منح تراخيص الصحف يمنع أن يكون رئيس التحرير مشاركا في الملكية. وسبق أن أوقف ترخيص جريدة «الشروق» اليومية قبل صدورها، بسبب ملكية الصحافيين سلامة أحمد سلامة وحسن المستكاوي بعض الأسهم في الصحيفة، ولم يسمح بصدورها إلا بعد تنازلهما عن حصصهما لآخرين.

ويرى المحامي والناشط الحقوقي نجاد البرعي، أن الأمر «ظالم» من الأساس، وأنه يجب أن تطلق حرية إنشاء الصحف، وأن يكون من حق الصحافي تملك أسهم فيها، لأن التجربة تثبت مدى نجاح ذلك في صحف كبرى بينها «اللوموند» الفرنسية.

بينما يقول رئيس تحرير صحيفة ومجلة «روزاليوسف» عبدالله كمال، إن القانون لا يميز بين الصحافي وغيره في ملكية الصحف، وإنما يضع اشتراطات محددة تتعلق بعدد الأسهم ونسبتها، مشيرا إلى أن هناك صحافيين مصريين لديهم أسهم في صحف يديرونها. وأوضح أنه شخصيا لا يعتقد أن حماية حرية الصحافة تكون بأن يمتلك الصحافيون مؤسساتهم، وإنما من خلال الالتزام بقواعد المهنة، والتأكيد على الدقة والصدقية حتى مع اختلاف الآراء.

من جهته، هاجم الناشر المصري المعروف هشام قاسم، قانون تنظيم الصحافة قائلا إنه «قانون اشتراكي قديم، لم يعد يخدم سوى الإقطاعيين الجدد في الاستحواذ على الصحافة المصرية»، حسب تعبيره.

وكتب الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي، في مقال نشرته صحيفة «المصري اليوم»، يوم الأحد الماضي، لقد «أصبحنا أمام تساؤلات كبرى، حان وقت مناقشتها، حول علاقة الصحافة برأس المال، والقواعد التي يجب أن تحكم هذه العلاقة والقيود القانونية التي مازالت تحرم الصحافيين امتلاك أسهم في الصحف».

وأشار الشوبكي إلى أن هناك صحفاً عالمية كبرى مملوكة لمحرريها ولآلاف المواطنين، من خلال الأسهم «وتحميها ترسانة من القوانين والقواعد المنظمة للعلاقة بين المالك والمحررين».

تويتر