العالم اعتبر تدريبات «الكيان» العسكرية في رومانيا شيئاً عادياً
إسرائيل عضو «غير معلن» في الاتحاد الأوروبي
روبرت فيسك. الإمارات اليوم
أثار مقتل خمسة عسكريين إسرائيليين في حادث تحطم مروحية في رومانيا الأسبوع الماضي، تساؤلات عدة سبب بعضها قلقاً وخوفاً لدى الأوروبيين العاديين. فقد وقع الحادث في سياق تدريبات عسكرية لقوات اسرائيلية مع قوات من دول حلف شمال الأطلسي. لا بأس في ذلك ولكن لكم ان تتخيلوا كيف يكون الأمر لو ان خمسة من مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية «حماس» هم الذين قتلوا في ذلك الحادث في رومانيا. لو حدث ذلك لانهمك حلف الناتو والغرب كله في تحقيقات مستفيضة لتفسير الحادث، وإنني لا أحاول عقد مقارنة بين «حماس» وإسرائيل التي اقدمت على قتل 1300 فلسطيني منهم اكثر من 300 طفل في غزة قبل 19 شهراً، ولم تبذل جهداً كبيراً لتجد من يصدق تبريراتها، بينما قتلت حماس -التي يصفها الغرب بالحركة الارهابية والمتوحشة ومصاصة الدماء- 31 اسرائيلياً بينهم ثلاثة جنود اطلقوا النار على بعضهم بعضاً في حقيقة الأمر.
وبسبب تقريره عن تحقيقه المستفيض في حرب غزة، والذي اعترضت عليه حكومات سبع دول اوروبية ووصفه القسم الأكبر من المجتمع الدولي بأنه جيد وقيم، تلقى محقق الأمم المتحدة القاضي الجنوب افريقي واليهودي ريتشارد غولد ستون وصف «الشيطان والشرير»، وغيرها من أقذع الشتائم من اسرائيل والقوى المؤيدة لها في الولايات المتحدة. ويبقى هناك سؤال يطرح نفسه بقوة: ماذا يفعل حلف الناتو حينما يقوم بتدريبات على الحرب مع جيش متهم بارتكاب جرائم حرب؟ ولماذا يقوم بذلك؟ ولماذا يقوم الاتحاد الاوروبي بأي شيء في مشارق الأرض ومغاربها من شأنه ان يريح اسرائيل؟
في كتاب له يصدر في نوفمبر المقبل سيحاول الصحافي ديفيد كرونين تقديم تحليل جذري وشامل لعلاقتنا نحو الأوربيين مع اسرائيل، وقد اطلعت على مسودة الكتاب التي أصابتني بالذهول الى حد الصدمة التي تحبس الأنفاس، إذ يقول في مقدمته «لقد تمكنت اسرائيل من تطوير علاقات اقتصادية وسياسية قوية ومتميزة مع الاتحاد الاوروبي خلال العقد الماضي الى حد أنها اصبحت تتمتع من الناحية الفعلية بعضوية كاملة في الاتحاد ولا ينقصها غير الاسم». وفي الحقيقة فإن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي سابقاً خافيير سولانا، الذي كان قبل ذلك اميناً عاماً لحلف الاطلسي هو الذي قال ذات مرة العام الماضي «اسمحوا لي بأن اقول إن اسرائيل عضو في الاتحاد الأوروبي من غير ان تكون لها عضوية مؤسساته».
يتساءل أوروبيون ومنهم أنا: عفواً، وهل نعلم بهذا؟ وهل ادلينا بأصواتنا في هذا الأمر؟ ومن سمح به؟ وما موقف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي يقوم بحملة لتسويق فكرة زيادة الضغط لقبول انضمام تركيا الى الأتحاد الاوروبي؟ قد تكون الإجابة نعم، فهو يقدم نفسه صديقاً لإسرائيل من دون ان ينسى أو يتجاهل حقيقة أن بلاده قدمت مجموعة جوازات سفر بريطانية مزورة لعملاء الموساد الاسرائيلي لاغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في دبي. وكما يقول كرونين «فإن جبن الاتحاد الأوروبي وتخاذله تجاه اسرائيل إنما هو نقيض صارخ لموقفه من جرائم ومجازر وقعت في مناطق نزاعات أخرى»، فبعد الحرب بين روسيا وجورجيا عام 2008 اوفد الاتحاد الأوروبي بعثة مستقلة لتطبيق القانون الدولي، وطالب بإجراء تحقيق دولي حول التجاوزات في سريلانكا ضد نمور التاميل.
من اللافت هنا التذكير أنه في عام 1999 بلغت قيمة مبيعات بريطانيا لإسرائيل من الاسلحة 11.5 مليون جنيه استرليني وأنها تضاعفت تماماً في العام التالي دون ان يغيب عن بال البريطانيين ان اسرائيل تواصل احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة وتواصل بناء المستوطنات لليهود على اراضي الفلسطينيين، ورغم أنه كانت بعض الاعتراضات البريطانية بين عامي 2002- 2006 إلا أنها لم تكن ذات قيمة أو شأن ولم تمنع الحكومة البريطانية من بيع المزيد من الأسلحة لإسرائيل عام 2006 لتستخدمها في حربها على لبنان من غير ان تحرك بقية دول الاتحاد الاوروبي ساكناً أو تعترض. وفي ذلك العام اعترفت بريطانيا بتدريبها 13 جندياً اسرائيلياً في وقت كانت تنقل فيه طائرات نقل عسكرية اسلحة اميركية الى اسرائيل عن طريق مطارات بريطانية وأيرلندية، وفي الربع الاول من عام 2008 باع البريطانيون المزيد من الاسلحة الى اسرائيل بنحو 20 مليون جنيه استرليني ليتم استخدامها لاحقاً مع مروحيات الاباتشي الاميركية الصنع في قتل الفلسطينيين في غزة، إذ كانت بعض التجهيزات والمعدات في تلك المروحيات صناعة بريطانية. هل تريدون المزيد؟ لقد تلقت اسرائيل المديح لمساعدتها قوات حلف الناتو في النقل والإمداد اللوجستي في افغانستان، وقام رئيس الاركان الإسرائيلي غابي اشكنازي بزيارة لمقر قيادة الناتو في بروكسل وناقش مع المسؤولين فيها كيفية توثيق العلاقات والتعاون بين الطرفين. وختاماً فلعله يكون جميلاً وممتعاً ان يكون لدينا حليف مثل اسرائيل حتى ولو كان بعض قادته وعدد من ضباطه وجنوده مجرمي حرب، فلماذا لا ندعو حزب الله اللبناني للانضمام الى الناتو؟ ولكم ان تتصورا كم تكون استفادة الحلف عظيمة من تكتياته وفنونه القتالية، لاسيما مهارات حرب العصابات، في حربنا في أفغانستان.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news