3 أسباب «محتملة» وراء عودة أميري

عودة المواطن الإيراني، شهرام أميري، أو العالم النووي - كما تدعي أميركا - إلى بلاده، تثير تساؤلات عدة.

يقول مسؤولون أميركيون، إن أميري جندته واشنطن طوعاً وزودها بالكثير من المعلومات الاستخبارية حول البرنامج النووي الايراني، وتلقى بالمقابل خمسة ملايين دولار، وإنه لم يستطع أخذ هذا المبلغ معه عندما عاد إلى طهران الاسبوع الماضي. ويقول أميري إنه تعرض للاختطاف خلال وجوده في المملكة العربية السعودية في يونيو .2009

يبدو أن الأمر الأخير محتمل، بيد أن الاشخاص الذين يقعون تحت حراسة وكالة الاستخبارات الاميركية الـ(سي آي إيه) لا يستطيعون تسجيل فيديو في موقع «يو تيوب» يروون فيه محنتهم كما فعل أميري. إذاً ماذا حدث بالفعل؟ لا أحد يعرف!

في الواقع إن أميري تصرف بشكل معقد للغاية. فالشخص المنشق يهرب من بلاده لأسباب عدة، من بينها الغضب والطموح والتضليل، ويظل هذا الخليط من المشاعر يختمر داخله ويتغير في طبيعته بعد هربه من بلاده. وتشير التجارب الاخيرة لـ«السي آي إيه» إلى أن هناك عدداً من الاسباب تثبت ان هذا التغيير خلال الوقت قد يؤدي إلى عودة الشخص إلى بلاده، لذا فلنمضِ قليلا بهذا الاتجاه.

فشل التجنيد

يبدو ذلك الاحتمال غريباً بعض الشيء. فإذا كان الشخص موجوداً بالفعل في اميركا، فلماذا الفشل إذاً في تجنيده؟ ولكن الحقيقة الواضحة هي ان الاستخبارات الاميركية إذا لم تستمر في إغراء المنشق فإنه سيصاب بعدم قناعة بوضعه الجديد. وربما يفسر ذلك لماذا عاد الجاسوس السوفييتي، فيتالي يورشينكو، إلى بلاده. فقد كان يورشينكو ضابطاً في الاستخبارات السوفييتية المعروفة بـ«كي جي بي» والذي هرب إلى أميركا خلال تكليفه مهمة في روما عام ،1985 لكنه بعد شهور قليلة عاد مرة اخرى إلى الاتحاد السوفييتي. وفي مؤتمر اكاديمي عام 1999 شكا النائب السابق لرئيس الاستخبارات المضادة، بول ريموند، من أن الوكالة حاولت عصر يورشينكو عصراً لاستخراج المعلومات الاستخبارية منه، فكل واحد في الـ«سي آي ايه» يريد ان يطرح عليه سؤالاً، لدرجة انهم حاولوا أن يعرفوا منه ما إذا كان يعرف مكان عامل الاغاثة السويدي، راؤول ولينبيرغ، الذي اختفى عندما كان تحت عهدة الاتحاد السوفييتي، وانتهى ريموند إلى القول «لأننا لم نتعب في تجنيده، فلم نساعده على التأقلم هنا في أميركا».

العامل الإنساني

من المحتمل أن يكون أميري لم يرتح للعيش في الولايات المتحدة. ربما شعر بخيبة الامل ورأى في أميركا صورة خلاف تلك التي تعكسها افلام هوليوود. ربما أيضا شعر بتأنيب الضمير، وربما افتقد زوجته وولده. ومن الناحية العامة، فإن الـ«سي آي إيه» تحاول دائما ان تستقطب عائلة المنشق لتكون معه، فلماذا لم يحدث ذلك في حالة أميري؟

كان يورشينكو، على سبيل المقارنة، يعاني مشكلات شخصية عدة، كما أشار رئيسه السابق في الـ«كي جي بي»، اوليغ كالوغين. كان يورشينكو مريضا ويتطلع لأدوية العالم الغربي، وكان له عشيقة سوفييتية في سفارة بكندا والتي حاول ان يغويها للهرب معه إلى اميركا، وتسبب هذا لاحقا في تفاقم المشكلات معه.

عودة بلا تخطيط

الاحتمال الاخير هو أن يكون أميري طعما، وعميلا مزدوجا، تم إرساله لتضليل الولايات المتحدة عن طريق بث معلومات استخبارية تحمل بعضا من الحقائق المقنعة والمشوهة، على شاكلة ما يحدث ما يحدث في افلام الجاسوسية وفي الحياة الحقيقية.

مسؤولون أميركيون كثيرون اعتقدوا في الثمانينات أن يورشينكو عميل مزدوج زرعته الـ«كي جي بي». لكن قضية أميري بالمقارنة تعتبر عملية متعددة المستويات لا يظهر منها في الوقت الحالي سوى جزء ضئيل للعيان، والحقيقة حول ممارساته قد لا تظهر إلا بعد سنوات عديدة أو لن تظهر أبداً.

 

تويتر