إسرائيل تحوّلت إلى مجموعات من فرق الموت

مهرجان لـ«حماس» لتخليد ذكرى المبحوح. إيه.بي.إي

لو افترضنا أن حادث الاغتيال الذي نُفذ في دبي كان ناجحاً، فإن محمود المبحوح يكون قد قُتل وعاد طاقم القتلة بسلام إلى قواعده، ولم يتعرض أي إسرائيلي لتعقيدات فقدان هويته، ومن ثم ماذا سنفعل؟ ربما يأخذ مكان محمود شخص آخر يكون أبرع منه في تنفيذ المهمات، وقتل الجنود الاسرائيليين وتهريب السلاح الإيراني إلى غزة، كما أكدت ذلك عمليات تصفيات عديدة.

 
أحمد ياسين.

قمنا بتصفية عباس الموسوي مثلاً، وكان ذلك عملاً ناجحاً من قبل الجيش الإسرائيلي، فجاءنا السيد حسن نصرالله، وقتلنا الشيخ أحمد ياسين، وكان عملاً ناجحاً من قبل الأمن الاسرائيلي الداخلي «شين بيت» فجاءنا أقوى منه من حماس، وقتلنا أبوجهاد، ولكنا تعرضنا للانتقام عندما قتلنا يحيى عياش، وصار الخطر يحوم فوق كل إسرائيلي ويهودي في جميع أنحاء العالم بعد مرور عام على قتل عماد مغنية.

ولنفترض أن عملية دبي حققت نجاحاً باهراً، وأنه تأكد أن «الموساد» هو الفاعل، فهل نريد أن نعيش حقاً في دولة هي مجموعة من فرق القتل، التي ترسل شبانها من أجل خنق الناس في غرف الفنادق؟

ما الذي سيقوله هؤلاء القتلة لأطفالهم عندما يعودون سالمين إلى بيوتهم؟ هل سيقولون إنهم قتلوا شخصاً بوسادة، وأنهم ارتدوا ملابس لاعبي التنس، تماماً كما يحدث في الأفلام؟ ما الذي سيقولونه لأنفسهم عندما ينظرون في المرآة؟ إن الامور تجري كما يرام في الحرب على الإرهاب؟ إنهم اسهموا في زيادة أمن الدولة؟

على الرغم من أن الاغتيالات ليست فاعلة ولا شرعية وأحياناً ليست أخلاقية عندما يكون المستهدف قائداً سياسياً أو شخصاً معتقلاً، فإننا لم نكرّم القتلة فحسب، وإنما منحناهم هالة من البطولة. يا ترى ما مدى فخرنا بأولئك الأشخاص الذين خنقوا المبحوح في دبي لو أنهم نفذوا المهمة من دون اللجوء إلى سرقة هويات إسرائيليين أبرياء؟

كيف نحب أن نسترق النظر الى بعضنا بعضاً ونشعر بالفخر بجهاز «الموساد»، المشهور بذراعه الطويلة التي يمكنها أن تصل الى اي فندق، طبقا لما ذكرته تقارير اخبارية اجنبية؟ وكيف نحب أن نصبح رامبو الاسرائيلي؟


خليل الوزير.

في الحقيقة ليس هناك فرق بين القتل من قبل حرس الحدود أو وحدة دوفديفان التي تقتل المطلوبين في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وفريق القتل الذي نفذ عملية دبي. وكان الجدل الوحيد الذي نشأ بعد عملية دبي مفاده أنها تمت حسب الخطة أم لا. ولكن الجدل الحقيقي مفاده أن عمليات الاغتيال باتت سلاحاً شرعياً، وليس هناك أي شك في ذلك، كما أنه ليس هناك أي سؤال حولها.

وقبل بضعة أسابيع، نشر عدد من الخبراء الامنيين الاسرائيليين مقالات تمجد وتشيد برئيس جهاز الموساد الاسرائيلي مئير داغان، وتجاهلت تلك المقالات تماماً تاريخ الرجل المظلم في كل من غزة ولبنان، بل إنهم بالغوا في تملقهم لبطولاته. وقد نسينا منذ زمن بعيد أن «الموساد» هو جهاز من المفروض أن يجمع المعلومات الاستخباراتية، وليس الجهاز الذي ينشر الموت، ومن المعروف أن الدول الشرعية لا توظف فرق القتل. وبناء على صيحات الاستحسان من قبل الخبراء الامنيين تم تمديد عمل داغان عاماً آخر، ولكن لماذا؟ لأنه أصبح متخصصاً في القتل.

ولكن علينا ألا نشتكي من داغان، فهو يملك الحق في اقتراح القيام بعمليات طائشة يتلقى عليها هو ومنظمته الكثير من المجاملات والاستحسان والميزانيات. وفي حقيقة الامر فإن مسؤولية تصفية الاشخاص تقع على عاتق من يوافق عليها، وهو رئيس الحكومة بينامين نتنياهو الذي لم يتعلم شيئاً من فشل عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل عام1997 .

 
يحيى عياش.

ونستطيع الاعتقاد بأن جهاز الموساد نفذ فعلاً كل شيء نسب اليه، ونستطيع الموافقة حتى على أن المبحوح يستحق الموت. ومن الممكن أن نفهم الرغبة في الانتقام ومعاقبته، إضافة إلى الحاجة الى مكافحة تهريب الاسلحة الى غزة. ونستطيع مواصلة تجاهل الاسباب التي تؤدي الى الارهاب وهي الاحتلال الإسرائيلي. ولكن بعد تصفية المبحوح بوسادة فإننا نشعر بأننا نعيش في بلد لا يرسل فرق القتلة فحسب، وإنما في بلد لا يطرح أي أسئلة حول أعمال هذه الفرق.

 

 

تويتر