انتفاضة أوغندية ضد إجبار النساء على إرضاع الكلاب

جينفر مع ابنتها. أرشيفية

لا يتوقع الناظر الى صورة جينفر الوبوت المنحنية فوق ماكينة الخياطة أنها تمثل ملصقا من اجل حركة حقوق النساء إذ إن هذه المرأة الأوغندية لم تكن واعية تماما كيف أن قصتها التي تصعب على التصديق تردد صداها في جميع أنحاء بلدها، وفي أروقة السلطة أيضاً. وكانت نتيجتها منح الآلاف من النساء اللاتي خضعن للمعاملة السيئة والمهينة فرصة للحصول على حقوقهن.

وأجبرت جينفر على إطعام جراء زوجها من ثدييها لمدة سبع سنوات، حيث كان زوجها ناثان ألووي يشرب كثيرا حتى يسكر ثم يرجع الى زوجته ويوثق يديها وقدميها ويجبرها على إطعام الجراء من ثدييها .

وكان الرجل دفع مهرا لزوجته قيمته بقرتان، ولذلك فإنه يرى أنه نظراً إلى عدم وجود البقرتين لتزويده بالحليب فيجب على المرأة التي قايضها بالبقرتين أن تزوده بالحليب. وقالت الزوجة (26 عاما) «تعين علي أن أرضع الجراء طوال الليل وفي الصباح كان زوجي يفك وثاقي».

وبدأت محنة جينفر عام 2002 لدى مجيء مولودها الاول وهي طفلة اسمها «اخوم»، لكن عند مجيء المولود الثاني وهو طفل حمل اسم ابيه، حسب التقاليد، ارتاحت الأم من عذاب ارضاع الجراء، حيث أبى الوالد ان يرضع ابنه الذي يحمل اسمه حسب التقاليد القبلية مع الجراء. وعندما جاء المولود الثالث وهو صبي يدعى «اولينغا» عادت الجراء للرضاعة من الأم الا أن الصبي مرض وفارق الحياة قبل أن يكمل عامه الاول. وتقول الام «أعتقد ان مرض الصبي ناجم عن الكلاب».

وحاولت جينفر مقاومة زوجها قبل أن تبلغ عائلتها وعائلة زوجها وكذلك كبار شخصيات القبيلة عما تعانيه من زوجها، ووصلت بها الجرأة الى انها قدمت شكوى للشرطة في اقرب بلدة على بلدتها وهي باليسا، لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح.

وبعد وفاة الطفل أملت جينفر أن يتوقف زوجها عن إجبارها على إرضاع الجراء ولكنها في مارس الماضي وضعت مولودة، ولكن معاناتها مع الجراء عادت من جديد، وبصورة أشد عنفا، ففي إحدى الليالي عندما احتجت على ارضاع الجراء وخزها زوجها برمح أسفل ذقنها، ولكن يبدو هذه المرة الاخيرة كان الكيل قد طفح ولم تعد جينفر قادرة على التحمل أكثر من ذلك فهربت الى بيت النساء اللاجئات في بلدة باليسا الذي تدعمه احدى الجمعيات الخيرية والذي ساعد جينفر على القيام بإجراءات قانونية ضد زوجها.

ووصلت قضية جينفر الى الصحف في جميع أنحاء أوغندا، حيث ندد كتاب بهذه المعاناة التي تعرضت لها، إضافة الى ظهور مطالبات للبرلمان الاوغندي لتشديد القوانين على كل من يضطهد النساء. وقالت كارولين أودوي منسقة المساعدات في باليسا «فتحت قضية جينفر أعين الكثيرين على حقوق المرأة».

ورغم أن قضية جينفر ليس لها مثيل في أوغندا إلا أن العنف ضد النساء منتشر كثيرا في هذا البلد، حسب الاحصائية التي أجرتها الحكومة عام ،2006 حيث عانى أكثر من ثلثي نساء أوغندا من العنف المنزلي.

وتقول جماعة ميفومي الناشطة في مجال حقوق المرأة في أوغندا إن عادة دفع «ثمن الزوجة» تؤدي الى تصاعد كبير في العنف ضد المرأة.

وتنص العادات القبلية أنه على الرجل أن يرسل وفدا الى عائلة الفتاة التي يريد الزواج بها وعند ذلك تقوم العائلة بتقييم ابنتها، وعادة ما تحسب القيمة بخليط من المواشي وبعض المال، وبعد ذلك تبدأ المساومة حتى يتم الاتفاق على السعر. وتقول مديرة «ميفومي» أنوكي تيريز «تعطي فكرة ثمن الزوجة الانطباع بأن الرجل اشترى زوجته بما فيها موافقتها على ممارسة الجنس معه وخضوعها التام للعمل».

وتقول المسؤولة القانونية في ملجأ النساء في باليسا هوب أيسيدونا، إن هذه التقاليد تؤدي إلى تدفق النساء الى مكتبها هرباً من الازواج. وهناك امرأة تدعى فلورنس طردت من بيتها بعد ان أبلغت زوجها بعد مرور سنوات عدة على الزواج انها تحمل مرض الايدز، وطالب الزوج أهل الزوجة باستعادة الثمن الذي قدمه عند الزواج، ولكن المواشي التي قدمها كانت قد نفقت جميعاً، فحاول الاستيلاء على قطعة ارض يملكها والد الزوجة بدلاً من مواشيه. ولطالما أسهمت فكرة ثمن الزوجة في تعقيد الجهود الرامية الى تحقيق العدالة لهؤلاء النسوة المضطهدات، حيث يستطيع القاضي ان يحكم بإعادة ثمن الزوجة قبل ان يستمع إلى القضية.

وبالعودة الى جينفر فإن قضيتها لاتزال امام لجنة حقوق الانسان ولكن اذا فشلت في الحصول على حقها هناك فستلجأ الى القانون الذي صدر حديثا ضد العنف المنزلي. وتساعد احدى الجماعات المدافعة عن حقوق المرأة جينفر لبناء بيت لها تأمل ان تحصل عليه في العام الجاري، وتعلمت مهنة الخياطة وتستطيع الاعتماد على نفسها الآن لتدبير عيشها، وهي تقول «ابناي الكبيران مازالا مع والدهما وأنا اشتاق اليهما وأتمنى ان أنضم الى أطفالي كلهم من جديد».

تويتر