محاسبة إسرائيل على ترسانتها النووية غير واردة

مفاعل ديمونة النووي يعد الأكبر في المنطقة. أرشيفية

قبل فترة قصيرة، التقت جماعة من المفكرين الأوروبيين، ومن ضمنهم مسلمون، مع رئيس تحرير الصحيفة الدانماركية التي نشرت الصور الكاريكاتورية المسيئة عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم،ونجمت عنها اضطرابات كثيرة لمناقشة موضوع حرية التعبير.

وتعلمنا أن حرية التعبير أحد الصمامات في قلب أوروبا الذي يجب أن يظل مفتوحاً، كي تظل القارة حية وصحية. وبصدق تام، أستطيع القول إنني مارست حرية التعبير في الزاوية التي أكتبها منذ زمن بعيد. ولكني أريد أن أرى إذا كان القراء وجماعات المصالح سيؤيدون حقي في كتابة هذا المقال، حتى لو كانوا يعارضون بشدة ملاحظاتي. وأراهن على أن ذلك غير ممكن، اعتماداً على تجارب سابقة، إذ سيستنكرون كل ما أكتب ويعتبرونني عدوا، وأني أنتهك القوانين المسكوت عنها، وأنبش عن الأشياء التي ينبغي أن تظل مدفونة باسم السلام والعدل. ويظهر لنا الأسبوع المنصرم كيف أن التفكير المنافق قد دفع العالم إلى حافة الهاوية.

وبصورة مفاجئة، يطالب الرئيس الأميركي باراك أوباما إيران أن تفتح جميع منشآتها النووية للتفتيش إذا كانت تريد تجنب «طريق يمكن أن يقودنا إلى مواجهة». وفي مايو الماضي، وقف أوباما في واشنطن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي ذهب إلى العاصمة الأميركية للحصول على الموقف المعتاد للولايات المتحدة إزاء إسرائيل، وهو الدعم الكامل والمطلق لسياساتها، مخطئة أو صائبة، علناً وسراً.

ولكوني من مؤيدي الإصلاحيين في إيران، أدعم توجيه انذار إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. لكن، ماذا بشأن الجمل الموجود في الغرفة، ونراه جميعاً ولكننا لا نستطيع الإشارة إليه؟ ماذا بشأن القوة الوحيدة في الشرق الأوسط، وهي متعصبة وعدوانية، وتملك ترسانة ضخمة من الأسلحة النووية تكفي لتدمير المنطقة برمتها؟ علينا أن نتحدث عن إسرائيل، وفي أسرع وقت ممكن.

ويبدو أن القوى الكبرى تتجه نحو نزع السلاح النووي على نطاق عالمي، حيث تتخذ خطوات صغيرة، ولكن مهمة، كي تظهر للجميع أنها تريد منهم مشاركتها في ذلك. ويظهر قرار أوباما إلغاء الدرع الصاروخية في أوروبا أن الرجل جاد فعلاً في ما يفعل، وكذلك إعلان رئيس الحكومة البريطانية غوردن براون أن بلاده ستقوم بتخفيض غواصاتها من طراز «ترايدنت» الحاملة للصواريخ.

وخلال الربيع الماضي، طلبت مساعدة وزير الدولة البريطاني وكبيرة مفاوضي الأسلحة النووية الأميركية روز غوتيمولر من إسرائيل التوقيع على معاهدة الحد من الأسلحة النووية. وبذلك، انتهك الصمت الذي كان مطبقاً منذ 40 عاماً، ومشاركة الولايات المتحدة في منع تفتيش ترسانة إسرائيل النووية.

وفي ستينات القرن الماضي، تمكنت إسرائيل بنجاح من إخفاء أسلحتها النووية عن المفتشين الأميركيين. وفي ،1986 كشف التقني النووي الإسرئيلي، موردخاي فعنونو الذي كان يعمل في مفاعل ديمونة النووي، عن معلومات حول ترسانة إسرائيل النووية، ولايزال يعاني من التعذيب حتى الآن. ولم تعد إسرائيل التي أعماها الغرور مهتمة بإنكار ترسانتها النووية والهيدروجينية والبيولوجية المدمرة التي تضم أكثر من 200 رأس نووي .

ودأب نتنياهو على التهديد بأنه سيدمر المواقع الإيرانية النووية، إذا شعرت حكومته بأن الخطر الناجم عنها حقيقي. والآن، حصل على ما يريد بعد انكشاف سر المنشأة النووية الجديدة. وطالب الناشط في حقوق الإنسان الإسرائيلي جدعون سبيرو بشجاعة أن تخضع إسرائيل إلى القوانين التي تفرض على إيران، وجميع الدول الأخرى في الشرق الأوسط، وإذا رفض الرئيس الأميركي ذلك، لن يكون هناك أي مسوغ أخلاقي لمحاسبة إيران أو كوريا الشمالية، أو أي دولة أخرى مارقة كما تصفها واشنطن.


* ياسمين اليبهاي براون كاتبة في صحيفة «الإندبندنت»

تويتر