مذكرات جندي دنماركي في أفغانستان تفشي أسراراً حساسة

راستاك أفصح عن معلومات لا تعرفها الحكومة أو الرأي العام ووضع الجيش في موقف صعب. أرشيفية

نشر عنصر في القوات الخاصة الدنماركية مذكراته، وتناول فيها العمليات التي شارك فيها ضمن وحدة النخبة «الكوماندوز» التي عملت في أفغانستان. واستعرض الرقيب توماس راستاك تفاصيل المهمات الخاصة للوحدة في مناطق مختلفة من أفغانستان، في كتابه «المطارد.. في الحرب مع النخبة». وروى تفاصيل العمليات العسكرية الحساسة في أفغانستان، خصوصاً نشاط فرقة «كوماندوز» دنماركية تنشط في مجال تصفية عناصر حركة طالبان وتنظيم القاعدة.

واعتبر نواب في البرلمان الدنماركي المذكرات إفشاءً لأسرار الجيش، وطالبوا القيادة العسكرية بمساءلة راستاك. وأذعن العسكريون لضغوطهم، ورفعوا دعوى ضد الجندي أمام المحكمة في العاصمة كوبنهاغن. واعتبر القضاة في المحكمة أن الدعوى جاءت متأخرة، لأن الكتاب بات بين أيدي قراء كثيرين في الدنمارك، لأن صحفا نشرت ماجاء فيه، وصرّح القاضي بوديل توفتمان أن المعلومات التي تناولها الكتاب تمس بأمن بلاده.

 عقوبة صارمة 


يعاقب القانـون الدنماركي بالسجـن حتـى 12 عـاماً لكل مـن يفشـي أسـراراً دفاعيـة، مـع أن خـبراء دنماركيين يؤكدون أنه من المستبعد أن يحكم على الجندي الرقيب توماس راستاك بالسجن.
وقالت المحكمة الأسبوع الماضي إن الوقت تأخر لوقف نشر الكتاب، حيث تم توزيعه ملحقاً خاصاً لصحيفة «بوليتيكن» اليومية، كما تم نشره في مواقع إلكترونية. ومع ذلك، تصر المؤسسة العسكرية على ملاحقة الجندي الذي أفشى أسراراً عسكرية في غاية الحساسية، وطالبت دور النشر بوقف طبع وبيع المذكرات، واسترجاع النسخ المباعة.

ويرى مراقبون أن سلوك القيادة العسكرية الدنماركية غير منطقي، لأن حظر نشر المذكرات بات مستحيلاً بعد وصول آلاف القراء داخل الدنمارك وخارجها إلى محتوى الكتاب المثير للجدل.

وقال المسؤول في الجيش، بيتر أوتكن، لوسائل الإعلام إنه يجري التحقيق مع توماس راستاك، للاشتباه في أنه «انتهك قواعد سرية المعلومات»، وأفصح عن معلومات عسكرية سرية.

ومن التفاصيل التي سردها راستاك الذي خدم في وحدة الجوالة في العراق وأفغانستان ودول البلقان، كيف كان ورفاقه يتخفون في زي قرويين أفغان، وهم يطاردون عناصر «طالبان» في الجبال جنـوب أفغانستان. ويعد هـذا التصرف مخالفاً لأخلاقيات الحرب، وخرقاً لميثاق جنيف.

ووصف الصحافي في «ذي كوبنهاغن بوست»، دانيال نيلسن، القضية بأنها مثيرة ، حيث يشير الكاتب إلى القوات الأميركية في مهمات اشتركت الوحدة الدنماركية معها في العمليات العسكرية. ويضيف نيلسن «أفصح عن معلومات لاتعرفها الحكومة أو الرأي العام، لذلك، وضع الجيش في موقف صعب. تضمت المذكرات كماً هائلاً من المعلومات حـول العمليات، ما قد يؤثر على العلاقات مع الدول الأخرى، في مقدمتها الولايات المتحدة».

وقالت وزارة الدفاع البريطانية إنها مهتمة للاطلاع على محتوى الكتاب، ومدى التهديد الذي يمكن أن تمثله بالنسبة للدنمارك. وأوضحت أن من حق الجنود والضباط كتابة مذكراتهم بعد انتهاء خدمتهم، إلا أنها شددت على ضرورة التنسيق مع الجهات المسؤولة، لتفادي تسريب أو الإفصاح عن معلومات من شأنها تهديد أمن البلاد.

في سياق آخر، يبدو أن وسائل الإعلام الدنماركية مستمرة في نهجها من خلال تناول المحظورات، حيث سارعت صحف إلى نشر محتويات الكتاب من دون مراعاة حساسية الموضوع.

يذكر أن صحيفة «جيلاند بوستن» نشرت صور مسيئة للإسلام في ،2005 وأثارت جدلاً واسعا، وغضب المسلمون في كل أنحاء العالم، ولم تتردد الصحف الدنماركية في نشر الصور الكرتونية بذريعة حرية التعبير.
تويتر