أكاذيب غربيّة حول قضية المقراحي

احتدم نقاش ساخن في الأوساط الإعلامية الغربية عقب إطلاق سراح المتهم في تفجير الطائرة الأميركية فوق اسكتلندا، عبدالباسط المقراحي، واتسم ذلك بكثير من النفاق والكذب. وقد أرجع وزير العدل الاسكتلندي، كيني كاكسيل سبب الإفراج عن المواطن الليبي إلى تدهور حالته الصحية، حيث لايمكنه استكمال ما تبقى من العقوبة داخل السجن. والواقع أنه لا أحد في لندن أو إدمبيرغو يمتلك القدرة ليشرح لنا ما حدث بالفعل فوق سماء القرية الاسكتلندية الصغيرة قبل 21 عاما، في حين قامت حكومتا اسكتلندا وانجلترا بابتزاز المتهم لكي يتنازل عن طلب الاستئناف شرط إطلاق سراحه في الحال.

وبالفعل فقد تم الإعداد لصفقات بيع أسلحة لليبيا مقابل عقود استيراد النفط. ولكن ما كان سيحدث لو استمر المقراحي في إجراءات الاستئناف من خلال تقديم ملف يحتوي على 600 صفحة من الأدلة على براءته من حادث التفجير، أكيد سوف يمكننا ذلك من معرفة أشياء مهمة عن ملابسات القضية ولماذا تحولت فجأة إلى «مصلحة استراتيجية» بالنسبة لبريطانيا.

يقول المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي أيه»، روبرت باير «انتهت القضية بخيار التقليل من الأضرار». ويضيف باير، الذي شارك في التحقيقات الأولية «لقد جمع المقراحي في طلبه بالاستئناف أدلة دامغة تفضح النظام القضائي».

وتقول شهادات جديدة إنه من المستحيل أن يكون المتهم قد اشترى الثياب التي عثر عليها في أنقاض الطائرة المحطمة. ويذكر أن الحكم على المقراحي استند إلى شهادة بائع في محل بجزيرة مالطا، قال ان المتهم اشترى الثياب منه. إلا أن البائع لم يتعرف إلى عبدالباسط في المحكمة وأعطى مواصفات خاطئة عنه أثناء التحقيق.

إضافة إلى ذلك لم يجد خبراء البحث الجنائي أثرا للمتفجرات في حقيبة المقراحي، كما أثبتت الأدلة الجديدة استحالة نقل المتفجرات إلى طائرة «بان ام»، من جزيرة مالطا عبر مطارين دون اكتشاف وجودها من طرف أجهزة المراقبة. وقد قيل إن أحد الشهود الرئيسين في القضية الذي يدعي أنه رأى المقراحي برفقة العليم فهيمة وهما يشحنان المتفجرات على متن الطائرة في مطار فرانكفورت هو عميل للاستخبارات الأميركية، وقد تلقى أربعة ملايين دولار مقابل شهادته، هذا من دون أن ننسى أن المقراحي دين من طرف ثلاثة قضاة اسكتلنديين في هولندا «المحايدة» ولم تكن هناك هيئة محلفين.

ذكر الخبير بول فوت في تحقيقاته عن تناقضات كثيرة في الأسس التي بني عليها الحكم. وجاء في تقرير فوت ان موظفين في السفارة الأميركية بموسكو ألغوا حجوزاتهم في الطائرة المنكوبة من فرانكفورت، بعد أن تلقوا تحذيرات من واشنطن بوجود تهديدات إرهابية. ووصف الخبير رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر بأنها «مهندسةالتعتيم»، على القضية، وأنها عملت على نسف جهود التحقيق في الحادث.

وفي مكالمة أجرتها تاتشر مع الرئيس الأميركي جورج بوش الأب، في يناير 1990 قالت إنها سوف تصنف الحادث في المستوى «الأدنى»، بعد أن أكدت أجهزة الاستخبارات في البلدين أن جماعة فلسطينية تدعمها إيران، قامت بتفجير الطائرة الأميركية انتقاما لإسقاط طائرة إيرانية من طرف سفن حربية أميركية في الخليج. وقد تم تقليد قائد السفينة التي أسقطت الطائرة الإيرانية، وسام الاستحقاق من طرف بوش الابن نظرا لسلوكه «الاستثنائي خلال خدمته في البحرية الأميركية». ويذكر أن 290 شخصا لقوا حتفهم في الحادث بينهم 66 طفلا.

خلال الغزو العراقي للكويت، في ،1991 احتاجت الولايات المتحدة للدعم الإقليمي والدولي لمواجهة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وتمكنت حينها من حشد تأييد واسع، إلا أن الدولة الوحيدة التي تحدت أميركا ووقفت إلى جانب العراق كانت ليبيا. وقامت وسائل الإعلام البريطانية متبنية صوتا واحدا، بحملة مسعورة ضد الجماهيرية، حسب فوت وكان تلفيق حادث لوكربي للنظام الليبي أمراً محتوما.

في ،2007 أوصت لجنة مراجعة القضايا الإجرامية الاسكتلندية، بقبول الاستئناف في قضية المقراحي. وقال العضو في اللجنة، الدكتور جرهام فوربس «استنادا لتحقيقات طويلة، وأدلة جديدة وأخرى لم تتوافر قبل المحاكمة فإنه من المحتمل أن يكون المتهم قد تعرض لسوء استخدام العدالة». الأمر الذي لم يشر إليه وزير العدل الاسكتلندي، عندما أعلن الإفراج عن المقراحي.

جون بيلغر

تويتر