لبنى أحمد الحسين
أصبحت قضية الصحافية السودانية، لبنى أحمد الحسين التي أوقفتها شرطة «النظام العام» في الخرطوم، والمعرّضة للجلد 40 جلدة لارتدائها بنطالاً غير لائق بنظر السلطات قضية رأي عام، بعد أن قررت لبنى تحويل المحاكمة الى مادة نقاش عمومي لمجتمعها، بعد أن طبعت 500 دعوة لأصدقائها وللإعلاميين لحضور المحاكمة وتنفيذ الحكم.
فسّرت لبنى هذا التصعيد تجاه إجراء شرطة النظام العام في السودان بأنه ليس قضية شخصية، لأنها ببساطة وكما كتبت في رسالتها على الإنترنت هي «قضية مئات بل آلاف الفتيات اللواتي يجلدن يومياً وشهرياً وسنوياً ثم يخرجن مطأطئات الرؤوس، لأن المجتمع لا يصدق أن هذه الفتاة جُلدت في ملابس، والنتيجة الحكم بالإعدام الاجتماعي على أسرة الفتاة، ووصمة العار التي يمكن أن تصاب بها الفتاة نفسها».
وعلى الرغم من أن المادة 152 من القانون السوداني والتي تعاقب بالجلد على ارتداء الملابس الفاضحة، من دون أن تحدد مواصفاتها، ليست وليدة اللحظة، إلا أن حالة الانزعاج التي بدت عند النخبة السودانية من جميع الاتجاهات تقريباً بدت لافتة، ربما لأنه لم يدر في مخيلتهم أن التطبيق الشرطي للقانون، واعتبار البنطال زياً فاضحاً- في زمن الفضائيات والعري دون مواربة- سيكون بهذا المستوى من عدم التوفيق والفجاجة، وربما أيضاً لأن كلمات لبنى لامست شغاف قلب كل أسرة وأب وأخ حين قالت «تخيلوا ماذا سيتبادر إلى الذهن حين يقال إن فلانة بنت علان جلدت بأفعال فاضحة في النظام العام»، وربما أكثر من ذلك لمخاوف داخل النخبة بأن تكون «البيروستريكا السودانية» التي تجاوزت برأي الكثيرين منهم الغلو والانتقادات تتعثر، وأن جيوب التشدد كامنة ويمكن في لحظة أن تطل.
المحاكمة تأجلت في جلستها الأولى، ولبنى ذهبت إليها باسمة وبصحبة الأهل والأصدقاء، مرتدية في لقطة تجمع السهل الى الممتنع «البنطال» ذاته، جسم الجريمة، كما أنها رفضت أمام المحكمة- ربما لأنها تريد أن تقول أنا مواطنة سودانية وفقط-حصانة الأمم المتحدة التي تتمتع بها كموظفة في إحدى منظماتها، وهي تذكّرنا في ذلك بسامقات رائدات عربيات، حين وقفن للدفاع في مواقف شبيهة أمام المحاكم، لكنها تذكرنا أكثر بقدر الصحافي العربي الذي لا ينتهي دوره داخل الصحيفة و«الريبورتاج»، بل يتعدى ذلك الى الاشتباك الملموس مع تجليات التعسف والاستبداد حوله.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news