«عسكر طيبة» تحد صعب أمام الحكومة الباكستانية
جنود باكستانيون في حالة انتشاء بعد تحقيق نجاحات في وادي سوات. أ.ب
إذا كانت معركة باكستان ضد حركة طالبان تبدو صعبة، فإن أمامها تحدياً أصعب هو اتخاذ قرار بشأن العمل مع جماعة «عسكر طيبة» المتشددة التي رعتها يوماً لتقاتل الهند في كشمير.
ويعتقد خبراء أمنيون من الولايات المتحدة والهند أن الجيش الباكستاني وجهاز المخابرات العسكرية التابع له قادران على القضاء على الجماعة التي ينحى عليها باللائمة في هجمات مومباي التي وقعت نوفمبر الماضي، إذا اختارا القيام بهذا.
ويقول بروس ريدل، الضابط السابق في المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه)، الذي قاد مراجعة للاستراتيجية الأميركية في أفغانستان وباكستان التي طلب الرئيس الأميركي باراك اوباما إجراءها «الجيش الباكستاني يستطيع القيام بهذا، والمخابرات العسكرية قادرة على اخباره أين يعثر على هؤلاء الرجال في غمضة عين».
ويقول المسؤول السابق في إدارة البحث والتحليل في وكالة المخابرات العامة الهندية، بي رامان، «يستطيعون القيام بهذا، لكنهم لا يفعلون، لأنهم ينظرون إليها كأصول استراتيجية»، لكن الباحثة سامينا ياسمين، الأستاذة في جامعة أستراليا الغربية التي تجري أبحاثا من أجل كتاب عن جماعة عسكر طيبة قالت إن الواقع على الأرض ربما يكون أكثر تعقيدا. وقالت إنه على مدار السنين تمخضت «عسكر طيبة» عن جماعات منشقة انفصلت عن الجيش الباكستاني والمخابرات العسكرية، حتى عن قيادة الجماعة نفسها. وأضافت «هناك عناصر في جماعة عسكر طيبة لم تعد خاضعة لسيطرة الجيش، تحركت على مسار لم يتوقعه الناس». وأضافت «بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، ظهر قطاع داخل جماعة عسكر طيبة قد لا يكون خاضعا لسيطرة الجماعة».
ووضع رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ جماعة «عسكر طيبة» على رأس جدول أعماله الأسبوع الماضي، عندما أبلغ رئيس باكستان آصف علي زرداري بأن الهند لن تستأنف محادثات السلام مع بلاده إلى أن تتخذ إسلام آباد إجراءات ضد الجماعة وزعمائها. ويبدو أنه كسب تأييد الغرب، حيث ينظر إلى «عسكر طيبة» على أنها تمثل تهديدا قد يكون في حجم تهديد تنظيم القاعدة. لكن التوصل إلى توافق في الآراء حول ما تستطيع باكستان فعله حيال «عسكر طيبة» وما يجب عليها أن تفعله هو بصعوبة تحقيق توافق في الآراء حول درجات اللون الرمادي.
ويقول محللون هنود إنه على غرار جماعات كثيرة متشددة، ولدت جماعة «عسكر طيبة» من رحم (الجهاد) ضد السوفييت في أفغانستان الذي كانت وكالة المخابرات المركزية الأميركية تدعمه، ثم بدأت الجماعة تنفذ عمليات ضد الحكم الهندي في كشمير في .1993
ويرى رامان أن «عسكر طيبة» هي أكبر جماعة متشددة في باكستان، وإن وجودها أكبر حتى من وجود «طالبان»، ولها جناح خيري هو جماعة الدعوة التي تمارس أنشطة إنسانية. وقال إن لها أراضي وعقارات ومعاهد إسلامية في شتى أنحاء باكستان، وتعاونت مع تنظيم القاعدة، وفي الوقت نفسه، وفرت بنيتها التحتية لتدريب الباكستانيين من الشتات.
وخلافاً لجماعات متشددة أخرى، كانت جماعة عسكر طيبة حريصة على تفادي الهجمات داخل باكستان، وبذلك، تجنبت غضب الجيش الذي يهاجم الآن حركة طالبان الباكستانية.
وأعطت هجمات مومباي التي وقعت في نوفمبر الماضي، وأسفرت عن مقتل ،166 إشارات إلى وجود انقسامات، إما داخل المخابرات العسكرية الباكستانية أو عسكر طيبة، فللمرة الأولى، استهدف في الهجوم يهود وغربيون، وانطوى ذلك على مجازفة برد فعل أميركي عنيف.
ويقول رامان إنه لهذا السبب غير مقتنع بأن المخابرات العسكرية كمؤسسة، لا مجرد أفراد من الضباط، هي التي أمرت بشن الهجمات. وأضاف «لم أر أي دليل مقنع، يظهر أن المخابرات العسكرية كمؤسسة أصدرت الأمر، كانوا سيراعون ألا يهاجموا غربيين».
والتمييز مهم، فمن غير المرجح أن تتحرك المخابرات العسكرية خطوة من دون موافقة الجيش الذي يرأسه الجنرال أشفق كياني الذي كان رئيسا سابقا للمخابرات العسكرية.
وترى ياسمين، الأستاذة في جامعة أستراليا الغربية، أن من التفسيرات المحتملة أن يكون هناك تشرذم داخل «عسكر طيبة»، لأن زعيمها حافظ سعيد الذي أفرج عنه هذا الشهر، بعد أن كان موضوعاً قيد الإقامة الجبرية كان دوما واضحا بأن يكون تركيز الجماعة على الهند، لا على أجندة عالمية.
ومهما كانت حقيقة هجوم مومباي، فإن مسألة رغبة الجيش الفعلية في القضاء على «عسكر طيبة» مسألة منفصلة.
وتشتكي الهند منذ زمن طويل من أن باكستان تختار أهدافا بعينها من المتشددين الذين يهددون الأمن الداخلي، مثل حركة طالبان الباكستانية في وادي سوات، بينما تترك من يمكن استغلالهم ضد الهند، أو من يستطيعون مساعدتها على مد نفوذها إلى أفغانستان. وهي حجة تلقى قبولاً في الغرب.
وقال مسؤول دفاعي أميركي «باكستان تصنف التهديدات المتنوعة من المتشددين نوعا ما»، وبالتالي، لم نر أي مؤشر إلى وجود إعادة توجيه للاستراتيجية في باكستان في الوقت الحالي».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news