الاعتراف بيهودية إسرائيل يقوّض فــرص السلام

نتنياهو شدّد في واشنطن على مطلبه باعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية. إي.بي.إيه - أرشيفية

تستعد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لتحركاتها الوشيكة، وربما الحاسمة إزاء إعادة إطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط، وذلك بعد سلسلة من الاستشارات مع القادة العرب والإسرائيليين، بمن فيهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شدد بعد لقائه أوباما في واشنطن أخيراً، على مطلبه الذي يقضي باعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية لاستئناف المفاوضات معهم، ويبدو أن المطلب يلقى قبولاً في الولايات المتحدة والعواصم الغربية الأخرى.

ولكن، يتعين على واشنطن والمجتمع الدولي معها الحذر من الانزلاق في هذا الطريق، لأن وراء ما يبدو بأنه مطلب بريء لقبول إسرائيل، كما تريد نفسها أن تكون، ثمة محاولة مدفوعة أيديولوجياً لإجبار الفلسطينيين على إنكار تاريخهم. ويتضمن اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية، والاعتراف بأن الأراضي التي فقدوها في 1948 حق تاريخي لليهود. ويتناقض هذا الأمر مع التاريخ الفلسطيني وإحساس الشعب الفلسطيني بالهوية والانتماء. كما يؤدي الاعتراف بيهودية إسرائيل إلى إلغاء قرن كامل من النضال الفلسطيني.

وفي جوهر العنصرية الإسرائيلية إن فلسطين هي أرض الشعب اليهودي، ويزعم اليهود أن تاريخهم تم تصحيحه عن طريق قيام دولة إسرائيل.

وعلى الرغم من انقسامهم الحالي، فإن غالبية الفلسطينيين، بمن فيهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قبلت بالحقيقة السياسية لإسرائيل. وذهبت منظمة التحرير الفلسطينية إلى أبعد من ذلك، في اعترافها بحق إسرائيل بالعيش في أمان ضمن حدود آمنة، كما قبلت بفقدان 77٪ من أرض فلسطين التاريخية والقبول بالمناطق التي احتلتها إسرائيل عام .1967

وفي الحقيقة، فإن قبول نظرية التعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإنهاء العنف شيء إيجابي، لكن الاعتراف بمزاعم إسرائيل التاريخية والأخلاقية لما كانت عليه أرض فلسطين العربية أمر آخر مختلف تماماً. وينطوي الطلب الإسرائيلي على أهداف أخرى، إذ إنه يمنع الفلسطينيين الذين هجروا من فلسطين عام 1948 من المطالبة بحق العودة إلى أراضيهم السليبة وممتلكاتهم.

ولا تعني رغبة الفلسطينيين في العودة إلغاء الشخصية اليهودية، فهي تكمن في معنى أعرض، يتمثل بما يزعم اليهود من ظلم تاريخي تعرضوا له، والذي ينبغي الاعتراف به وتصحيحه والتعويض عنه.

وتدرك القيادة الفلسطينية أنه لا يمكن إجبار إسرائيل على إعادة اللاجئين الفلسطينيين بالقوة، وإن أي قرار يتعلق باللاجئين يجب التفاوض بشأنه، والتوصل إلى اتفاق مشترك حوله.

وثمة مسألة حيوية، تتعلق بعرب 1948 الذين أصبحوا الآن يشكلون 20٪ من تعداد السكان في إسرائيل. وبالطبع، فإن الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية يمكن أن يقوض وضعهم ويعرّض وجودهم للخطر، خصوصاً في ضوء تزايد قوة الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تحاول الآن أن تحرم المواطنين العرب من حقوقهم الأساسية.

وأكدت القيادة الفلسطينية أنها لن توافق على المطلب الإسرائيلي، لكنها حتى في حال خضعت للضغوط الإسرائيلية وسياسة ليّ الأذرع الغربية المنقادة إسرائيلياً، فذلك سيكون تنازلاً مزيفا، وسيضعف الوجود الفلسطيني ويزيد من الانقسامات ضمنه.

ويتعين على إسرائيل أن تفكر ملياً في جدوى هذه القضية (يهودية الدولة)، قبل أن تفرضها.

ويجب على الدول الغربية أن تستوضح طريقها، قبل تبنّي هذه الصيغة المشحونة آيديولوجياً، وفرضها على شعب ضعيف ومنقسم حالياً، الأمر الذي يزيد من التوتر ويضعف من إمكانات التوصل إلى سلام.

تويتر