تغطيات أنفلونزا الخنازير
الشجاعة ليست صفة محتملة للصحافة وإنما مهمة أساسية من وظائفها، وفي أزمة انفلونزا الخنازير ابتلع الناس كل ما قالوه سلفا عن «نهاية الصحافة الورقية» فتطلعوا بين يوم وليلة اليها بوصفها «مستقر البيانات والمعلومات» و«غرفة العمليات» و«كتيبة القتال الأمامية»ضد «الجائحة الوشيكة».
وقد قدمت الصحافة الغربية (الورقية) في الأيام القليلة التي واكبت الأزمة نموذجا مبهرا للتغطية من أكثر من منظور ـ منها الاستفادة الملموسة من ثورة المعلومات وتقديمها لملاحقة تكاد تجسر الهوة بين النخب الطبية والأكاديمية وجمهور القراء، والاستفادة أيضا من الوسائل الجديدة التوضيحية والبيانية (الغرافيك)، وأيضا القدرة على التكامل بذكاء ورشاقة مع الشريكة ـ الضرة، أي الصحافة الالكترونية بحيث يصبح ما تنشره الورقية إضافة لا تكرارا وتطويرا لدور في تقسيم عمل وليس إرباكا له.
وبقدر ما نجحت الصحافة الأوروبية والأميركية والعالمية في تغطيات مواجهة الفيروس ـ بقدر ما ارتبكت شقيقتها العربية فمضت في تغطيتها بمسارات متضاربة.
ففي الشق المتعلق بنقل أخبار تفاصيل الفيروس من وكالات الأنباء الدولية ومعاهد الأبحاث الغربية، لم تتأخر مطبوعة واحدة عربية في النقل حرفا بحرف، لكن في المقابل وفي التغطية الداخلية للموقف داخل كل بلد ـ استيقظ الرقيب الدائم والنائم داخل كل صحافي عربي وقال له: هنا انتبه.
في الحالة المصرية مثلا ـ خلقت بعض الصحف لنفسها خطوطا حمرا وهمية ومخاوف من حساسيات معينة فقاربت الأزمة «عن بعد»، بينما يشهد لصحيفة «الدستور» في المقابل أنها تجاوزت عن وعي كل الأسلاك الشائكة فأجرت تغطية شاملة اخترقت فيها «تابو» مصالح أصحاب مزارع الخنازير و«تابو» التضليل الرسمي و«تابو» تصور أن الدعوة لذبح الخنازير قد تتماس مع أصحاب مذاهب أو اعتقادات معينة، فجاءت النتيجة إجماعا وطنيا يتخطى كل التقسيمات ويوافق على أولوية مواجهة الفيروس وتصديرها على كل اعتبار اخر.
تظل لأزمة الصحافة العربية أوجه كثيرة ـ لكن تبقى العثرة غير المرئية تجاهل بعض الصحافيين لأسقف حرية عالية ومتاحة ـ سواء كان هذا عن سهو أم عن عمد.
alayak2005@yahoo.com
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news