أوباما وحده يمكنه إنقاذ إيران من ضربة إسرائيلية

إيران أصبحت تمتلك الدورة الكاملة لإنتاج الوقود النووي.           رويترز


قبل ان توجه اسرائيل ضربتها الشديدة للمفاعل النووي العراقي في يونيو عام ،1981 أوفد رئيس وزرائها مناحم بيغين، صحافياً في مهمة سرية حساسة الى عواصم اوروبا، مزوداً بأوامر بعقد لقاءات مع اكبر عدد ممكن من الصحافيين والسياسيين وغيرهم من اصحاب القرار وذوي التأثير في الرأي العام. وكان مستنِداً في مهمته الى سبب قوي وهو قلق اسرائيل المتزايد من البرنامج النووي العراقي واستعدادها لعمل اي شيء لمنع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين من انتاج قنبلة نووية.

ويواصل مسؤولون وموفدون اسرائيليون هذه الايام مهمات مماثلة في لندن وغيرها من العواصم الغربية، لتحذيرها من ان ايران تواصل تخصيب اليورانيوم لإنتاج أسلحة نووية.

ووصف مسؤول كبير من هؤلاء خلال مناقشاته مع البريطانيين امتلاك ايران مثل هذه الأسلحة بأنه تهديد قاتل لوجود اسرائيل من اساسه، مما سيضطرها الى الدفاع عن نفسها بشتى الوسائل وتحت جميع الظروف. ويبدو ان الأوضاع السياسية والعسكرية تتجه في طريقها الى الالتقاء والتناغم بشأن احتمال هجوم اسرائيلي على ايران، ما لم تحمل الاشهر المقبلة تغييرات درامية كبيرة في الشرق الاوسط.

ويعتقد خبراء في الشؤون النووية على نطاق واسع، ان طهران قادرة الآن على تخصيب ما يكفي من اليورانيوم لإنتاج قنبلة ذرية وتطوير اسلحة قادرة على حمل رؤوس نووية في منشأة نطنز النووية، وان امتلاكها التكنولوجيا والمواد اللازمة لذلك اصبح مجرد مسألة وقت.

وليس هناك ما يشير الى وجود احتمالات ولو ضعيفة، لعدم اعادة انتخاب الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في انتخابات الرئاسة المقررة في يونيو المقبل. وقد كرر نجاد الذي يحظى بدعم كامل من المرشد الأعلى في ايران علي خامنئي، تعهده بالمضي قدما في تطوير البرنامج النووي لبلاده. واذا ما اعيد انتخاب نجاد فإن اسرائيل التي لا تنسى تصريحاته التي هددها فيها بمحوها من الخارطة، ستفعل أي شيء لوقف ذلك البرنامج النووي، وما تقوم به ايران من تسليح ودعم لحزب الله اللبناني وحركة المقاومة الإسلامية «حماس».

ويبدو أن الحكومة الاسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، التي تضم عسكريين ذوي خبرة مثل ايهود باراك وزير الحرب وموشيه يعالون رئيس الأركان السابق، ستكون قادرة على التخطيط لضربة عسكرية شديدة لإيران التي قد تشكل قدراتها النووية المتنامية، مع النزعة والخبرة العسكريتين لحكومة نتنياهو، «كوكتيلاً» قاتلاً.

ولابد لإسرائيل من أن تأخذ في حساباتها قبل القيام بأي عمل عسكري عوامل عدة، اهمها الدفاعات الجوية الايرانية التي تفوق بكثير الدفاع الجوي للسودان الذي تعرض لهجوم جوي اسرائيلي الشهر الماضي، وان من الأفضل ان تبادر بالهجوم اليوم قبل الغد وقبل ان تتسلم ايران نظام الدفاع الجوي المتطور (اس -300) الذي اشترته من روسيا أخيراً.

وقد تبدو هذه الضربة الاستباقية مغرية وجذابة بالنسبة للعسكريين، لكن من المؤكد ان ثمنها السياسي سيكون كبيراً ويورط الشرق الأوسط في أتون حرب جديدة كبيرة، وهذا ما يثير جدلاً موسعاً ليس في المنطقة وحسب، بل في اوروبا. وبالنسبة لرد الفعل العالمي فإن اسرائيل لن تحسب له كثيراً من الأهمية كما كان الأمر بالنسبة لغارتها على العراق. وتقول المؤشرات إن العقبة الوحيدة والجدية أمام أي هجوم عسكري اسرئيلي ضد ايران هو الرئيس الأميركي باراك اوباما الذي شن هجوماً دبلوماسياً يبدو ناجحاً حتى الآن لإصلاح العلاقات المتوترة مع طهران بعد 30 عاماً من القطيعة والعداء. وهناك اشارات ايجابية تدل على اهتمام الجانب الإيراني بما يعرضه الاميركيون. ويبقى مطلوباً من أوباما إقناع إيران بتجميد برنامجها النووي للانضمام الى الدول التي تربطها علاقات تعاون جيدة مع بلاده.

كما يدرك نتنياهو الذي سيزور واشنطن الشهر المقبل، انه يتوجب على اسرائيل ليس ابلاغ الولايات المتحدة مسبقاً فحسب، بل ان تحصل على موافقتها قبل القيام بأي عمل عسكري ضد ايران.



ريتشارد بيستون - كاتب صحافي

تويتر