عنصــريـة اليمـــين الإسرائيلي تتصاعد

زعبي سببت الحملة االإسرائيلية عليها لكونها وجهاً جديداً في التجمع. الإمارات اليوم

قالت النائبة العربية في الكنيست الإسرائيلي عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي، حنين زعبي، «إن اليمين المتطرف داخل إسرائيل يشهد صعودا حادا في درجة العنصرية ضد الوجود العربي الفلسطيني في أراضي الـ،48 وأن الحكومة الإسرائيلية الجديدة بزعامة اليمين المتطرف ستواصل إنكارها لحقوقنا المدنية والقومية، وستكون أكثر حدة في التعامل معنا، وستعمل على شرعنة ربط وجودنا بما تسميه «الولاء» لإسرائيل كدولة يهودية.

وأضافت زعبي في حديث عبر الهاتف لـ«الإمارات اليوم» « التعامل مع وجودنا كوجود مشروط، وليس كأصحاب وطن، أصبح خطاباً أكثر هيمنة في السياسة الإسرائيلية، وفي ما يتعلق بالخدمات اليومية، مثل العمل والصحة والتعليم، فإن التمييز والتضييق من سمات السياسة في إسرائيل». وتالياً تفاصيل الحوار:

--ما الجديد بالنسبة للوجود العربي الفلسطيني في أراضي الـ48 في ظل تصاعد اليمين؟
-نشهد نحن فلسطينيي الـ48 صعودا حادا في درجة العنصرية لدى اليمين المتطرف في إسرائيل ضدنا وضد كل فلسطيني، لكنه ليس انقلاباً على حالٍ كانت أفضل، أو انتقالاً من واقع ديمقراطي سابق إلى واقع عنصري، فالفلسطينيون داخل إسرائيل يعيشون في ظل ممارسات عنصرية يومية، وفي ظل تشويه منهجي لهويتهم القومية والفلسطينية في حياتهم اليومية منذ 60 عاماً.

لكن الجديد في هذه الفترة أن العنصرية التي كانت شبه مختفية، أو كانت تمارس عمليا، ويتم التنصل منها على مستوى الخطاب السياسي، هي الآن أكثر علانية، فالنظام السياسي والمجتمع الإسرائيلي لم يعد يخجل من تيارات ومواقف سياسية ممثلة في الحكومة، وبشكل كبير في المجتمع تنكر على الفلسطينيين حقهم في أرضهم، وتطالب بطردهم، فاليمين المتطرف الفاشي في السلطة ينكر علينا مجرد وجودنا في أرضنا، ويشترط على وجودنا التزامنا وولاءنا الكامل لدولة إسرائيل.

--لكن، توخياً للتحديد، ما الصورة المتوقعة لتعامل الحكومةالجديدة؟
-الحكومة الإسرائيلية اليوم ليست بعيدة عن اليمين المتطرف الذي يشهد تصاعداً في عنصريته في كل مكان، والعنصرية باتت موجودة لدى كل أفراد المجتمع الإسرائيلي، والحكومة الجديدة ستستمر بتعاملها معنا كباقي الحكومات الإسرائيلية السابقة، وستواصل إنكارها حقوقنا المدنية والقومية، لكنها ستكون أكثر حدة في التعامل معنا، وستعمل على شرعنة مخططات ومواقف ربط وجودنا بمطلب ما يسمى «الولاء» لإسرائيل كدولة يهودية، وستتعامل معنا كضيوف، ووجود مشروط، وليس كأصحاب أرض، وستستمر في مصادرة الأراضي، وستكون هناك محاربة لوجودنا من خلال تضييق الخناق على المسكن، وسيزيد التمييز ضدنا في الحياة اليومية والخدمات مثل العمل والصحة والتعليم، فمثلاً نسبة الفقراء العرب 50٪، ونسبة مشاركة العرب في سوق العمل نحو 50٪ فقط، وستكون هناك محاربة لوجودنا من خلال تضييق الخناق على المسكن ومصادرة الأراضي.

وقبل أسبوعين، صدرت دراسة مسحية اقتصادية واجتماعية من جهات إسرائيلية بخصوص الوجود الفلسطيني في الداخل، في ما يتعلق بمجال السكن، وذكرت أن 54٪ من الفلسطينيين سيحتاجون لوحدة سكنية واحدة على الأقل خلال السنوات العشر الأخيرة، وأن 34٪ منهم لن يستطيعوا توفير وحدة سكنية.

نشرت صحيفة «هآرتس» عن قائد إسرائيلي أن حاخامين في الجيش الإسرائيلية أبلغا قوات الاحتلال بأنهم يخوضون «حرباً دينية» ــ كيف تقرأون ذلك؟

شراسة الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وصلت أصلاً إلى أعلى درجات العنف والتطرف، والجيش يتبع سياسة القتل من أجل القتل. وفي المقابل، لا أظن أن التوجه الديني أخطر من توجهات «علمانية» تشرعن القتل، الجيش الإسرائيلي وجنرالاته «علمانيون». وقبل أيام، نشرت «هآرتس» روايات ووثائق سرية لجنود، حول قتل رجال الإسعاف والإنقاذ، وشعارات طبعت على ملابس الجنود منها شعارات موجهة للأم الفلسطينية تقول « مصير ابنك في يدي»، وصورة أخرى تجسد إطلاق نار على فلسطينية حبلى، وأن حياة اثنين (أي هي وجنينها) في طلقة واحدة، ورسوماً أخرى تفيد بقصف مساجد وقتل أطفال ومدنيين، والتبجح ببطولة إسرائيل بقتلها الفلسطينيين بدم بارد.

--ماذا يمكن أن تفعلوا كحزب عربي في الكنيست وسط كل هذا الغلو والتطرف؟
-نقوم بدورين، الأول تجاه مجتمعنا العربي في إعطائه حصانة وقوة وطنية، وبلورة الحس والوعي الوطني لديه، وتوعيته على حقوقه، والثاني تجاه إسرائيل، من خلال تمثيل مجتمعنا وصوته مقابل الحكومة الإسرائيلية والكنيست، والدفاع عن حقوقنا اليومية التي جزء منها حقوق قومية بالدرجة الأولى، مثل الأرض واللغة والمسكن، والقسم الآخر حقوق مدنية، مثل حقنا في التعليم والصحة وفرص العمل.

ويعتمد برنامجنا على المطالبة بمساواة قومية ومدنية كاملين، الاعتراف بنا كأصحاب هذا الوطن، وتحويل هذه الدولة من يهودية إلى دولة كل المواطنين، وهذا هو البوصلة التي تسيّر عملنا السياسي، ويومياً نقوم بتفكيك وترجمة ذلك إلى مطالب عينية يومية.

وبما أننا نعرف أنفسنا كفلسطينيين وكأصحاب وطن بالأساس، نرى أن الدفاع عن حق شعبنا في إنهاء الاحتلال جزء من برنامجنا الذي لا تتوقف حدوده داخل أراضي الـ،48 وإنما حدوده هي الحدود التاريخية لشعبنا، وبالتالي يتضمن برنامجنا عودة اللاجئين الفلسطينيين، ودحر الاحتلال، وتفكيك المستوطنات، والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، إذ لا ندخل الكنيست فقط كمواطنين، بل ندخلها بكامل وعينا التاريخي وبكامل حدود صراعنا مع إسرائيل.

--هل يمكن أن يمنح الكنيست أي مساحة لبرنامجكم ومطالبكم؟
-الأمر سجال، الكنيست كالحكومة والشعب الإسرائيلي، لا يعترف بحقنا في وطننا، ويتعامل معنا وكأن المواطنة فضل يستوجب شكرنا ولاءنا، وتبدع الحكومات الإسرائيلية في تطوير سبل العقاب إذا لم نقم بالولاء واعتبار المواطنة الإسرائيلية هوية لنا. لكننا، نعتبر تاريخ شعبنا هو ما يمثل ولاءنا وهويتنا، وكما هو معروف فالدولة والكنيست يتعاملان معنا كأعداء، وكخطر ديمغرافي وكخطر أمني، إلا إذا نسينا هويتنا وحقوق شعبنا، عندها سنكون «مواطنين صالحين».

--هل يضيف وضعك كامرأة عبئاً إضافياً على مهامك؟
-لعملي في الكنسيت مستويان، الأول الصراع القومي مقابل إسرائيل، والثاني النضال على المساواة وحقوق الفرد داخل المجتمع، ويؤمن حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» بمجتمع عصري متنور عادل وديمقراطي، ومسؤوليتي أولاً تمثيل الحزب، وطرح برنامجه، والعمل البرلماني والجماهيري وفق هذا البرنامج الذي تحتل فيه المرأة وحقوقها مكاناً مركزياً.

ثم إن كل قضية تمييز تعاني منها المرأة الفلسطينية هي أيضاً قضية تمييز يعاني منها المجتمع العربي في البلاد، مثلا قضايا الفقر والبطالة وقلة فرص العمل، وبطالة الأكاديميات، هي نتاج لسياسة إفقار تمارسها سلطات الدولة ضد المجتمع العربي. سلطات الدولة تستثمر ميزانيات الدولة والضرائب في تطوير المجتمع اليهودي، ضمن مخطط إبقاء المجتمع العربي في حدود صراعه على البقاء.

أرى قضية المرأة العربية الوجه الآخر لقضية النضال القومي، ولا أؤمن بنضال قومي لا يتعامل مع المرأة بندية كاملة، وبوصفها مشاركة مركزية في النضال السياسي وفي قيادة مجتمعها، كما لا أؤمن بنضال نسوي من خارج حدود النضال القومي.

--كيف تفهمين فتح اليمين الإسرائيلي المتطرف النار مبكراً عليكِ ومطالبته بطردك من الكنيست؟ ولماذا أنت تحديداً؟
-هذه دعوة متكررة شبه موسمية يقوم بها الكنيست ضد كل عضو عربي في الكنيست يقول إنه لا يعترف بيهودية الدولة، وهذا جزء من عملية الكسب الجماهيري التي يقوم بها اليمين، وتؤكد فعلاً أن برنامجه هو المزيد من الكره للعرب. وكانت الدعوة لطردي وفتح النار علي، لأنني الوجه الجديد في حزب التجمع الديمقراطي داخل الكنيست، حيث إن جميع الأعضاء سبق لهم أن شاركوا في دورات سابقة، وكوني أمثل التيار القومي، ودعوتي المتكررة لرفض يهودية الدولة.

ولن تخيفنا هذه الهجمات المستعرة، ولن توقفنا عن نضالنا ومطالبتنا بحقوقنا، وهي دليل على أننا في التوجه الصحيح، وتزيد من تمسكنا ببرنامجنا ودورنا.

 

 قطعان المستوطنين لم يدخلوا أم الفحم

قالت الزعبي أن تظاهرة اليمين المتطرف الفاشي في مدينة أم الفحم بقيادة باروخ مارزل، وغيره من ورثة كهانا، وبعضهم ممثل وموجود في الكنيست من خلال حزب «إسرائيل بيتنا» وأحزاب أخرى، نقلت مفردات الصراع على حقوقنا القومية والمدنية إلى الصراع على وجودنا، فاليمين المتطرف الفاشي ينكر علينا مجرد وجودنا في أرضنا، ويشترط على وجودنا التزامنا وولاءنا الكامل لدولة إسرائيل كدولة يهودية.

ومنعنا نحن الفلسطينيين اقتحام قطعان اليمين المتطرف لمدينة أم الفحم، عبر وجود مكثف في ثلاثة مداخل مختلفة لأم الفحم، وحددت الشرطة الإسرائيلية للمتظاهرين مساراً قصيراً لا يمكّنهم من الدخول إلى البلدة، لأنها أدركت أن وجودنا سيمنع دخول اليمين لمدينة أم الفحم، وقد كنا مستعدين لمواجهتهم بأجسادنا ومنعهم من الاقتحام، وفي النهاية لم يدخل سوى 100 شخص من اليمين بحماية 3000 شرطي، وساروا لـ100 متر، ويدل اضطرار هذه العصابة من اليمين إلى أن تكون تحت حماية الآلاف من عناصر الشرطة، والتحرك لمسافات قليلة، على مدى خوفها من وجودنا.

تويتر