ساركوزي يواجه اضطرابات محلية قريباً

غواديلوب شهدت أخيراً شغباً كبيراً ومعارك في الشوارع. أرشيفية ــ أ.ب

عندما قام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في زيارته الأخيرة الى معرض الخضار في جنوب باريس، أعرب عدد من انصاره عن دعمه واخذوا يصرخون «نيكولا... نيكولا»، وتم ذلك بينما كان ساركوزي يواصل طريقه عبر خليط من الناس والحيوانات والمحاصيل الزراعية.

وكان مرافقو الرئيس يفعلون ما بوسعهم لمنع وقوع حوادث غير متوقعة، كما حدث في المهرجان ذاته من العام الماضي، عندما حدثت اسوأ زلات ساركوزي، حيث تم تصويره بينما كان يواجهه احد العامة وهو يصرخ في وجهه «يا فاشل».

وتصل نسبة شعبية الرئيس الفرنسي حاليا الى 36٪، وهي في ادنى حالاتها منذ ان تم انتخابه قبل عامين. وقالت مجلة «لو اكسبرس» إن «ساركوزي يلعب بالنار حاليا»، وفي الاسبوع الماضي كاد ان يقع الانفجار المتوقع بعد أن شهدت البلاد أسوأ اعمال عنف عام 2005 إثر قيام الشبان بحرق السيارات والاشتباك مع الشرطة. غير أن هذه المرة اعمال الشغب لم تقع في ضواحي المدن الفرنسية، ولكن في جزيرة غواديلوب الفرنسية الواقعة في البحر الكاريبي، حيث يعادل دخل الفرد هناك نحو نصف ما يحصل عليه الفرد في فرنسا، في حين ان معدل البطالة يعادل ثلاثة اضعافه. وادت اصداء هذا العنف الى حدوث توتر وغضب شديدين في فرنسا ذاتها.

ويعتبر سكان جزيرة غواديلوب البالغ تعدادهم 430 الف نسمة مواطنين فرنسيين من الناحية النظرية، مثل سكان باريس وليون. ويقول المتخصص في الرأي العام في شركة «ايفوب» لاجراء استطلاعات الرأي فريدريك دابي «يبدو النظر الى سكان غواديلوب مثل النظر الى فرنسا عبر عدسة مكبرة ومشوهة. وثمة اشياء لها علاقة بغواديلوب، وعلى الرغم من وجود محيط كبير بين الطرفين إلا ان القاسم المشترك بينهما هو العذاب الاجتماعي».

وقال 63٪ من الاشخاص الذين شملهم استطلاع للرأي اجرته صحيفة «سودويست» إن مثل هذا العنف يمكن ان يحدث في فرنسا قريبا، وتتجه الأنظار حاليا نحو الاضراب المخطط له قريبا.

وعلى الرغم من ان المشكلات في الجامعات بقيت محدودة، إلا ان الشرطة الفرنسية قامت الأسبوع الماضي بإبعاد الطلاب الذين احتلوا جامعة السوربون كجزء من نزاع طويل الامد بشأن خطط الاصلاحات التي قام بها الرئيس ساركوزي، والتي لم تنل رضا الطلبة، وقال احد البرلمانيين الفرنسيين «انها مؤشرات تحذيرية تسبق العاصفة»، وتراجع الوزراء عن بعض الاصلاحات الرئيسة امام الاحتجاجات في المدارس.

ويرى دينيس موتيز العامل في تحليل الرأي العام ان جميع احاديث ساركوزي حول الاصلاح وهي الشعارات التي اوصلته الى السلطة، تثير مخاوف الناس حاليا. وجاء مؤشر على مناخ التوتر السائد عندما قال المليونير جاك سيغيلا، احد اصدقاء ساركوزي المقربين، إن اي شخص لا يملك ساعة «رولكس» عندما يصل الى سن الخمسين يكون فاشلا. ونجم عن ذلك موجة غضب عارمة. وذكر احد مواقع الانترنت الفرنسية ان ذلك «فحش».

وأخيرا تمت استعادة هدوء هش الى غواديلوب، والتي تم ضمها الى المملكة الفرنسية عام .1674 وشهدت هذه الجزيرة اطلاق النار على مسؤول نقابي انطلق على اثره شغب كبير ومعارك في الشوارع الى درجة تطلبت ارسال 260 شرطيا خاصا من فرنسا بالطائرة الى الجزيرة لحفظ النظام. وهرب السياح من الفنادق الفاخرة، في حين تم الغاء عدد من رحلات الطيران. وعلى الرغم من ان ساركوزي عرض اصلاحات بقيمة 580 مليون يورو لمساعدة المناطق الفرنسية الواقعة ما وراء البحار، بما فيها تقديم مساعدات للعائلات الفقيرة وضبط الاسعار، إلا ان السخط لايزال واضحا في وجوه المحتجين، الذين نظموا اضرابا عاما منذ نحو شهر. وقال قائد الاحتجاج في غواديلوب ايلي دوموتا «ليس هناك اي شيء جديد فيما يطرحه ساركوزي بشأن مطالبنا من زيادة مائتي يورو على الراتب»، وتحدث اصحاب العمل عن زيادات تراوح بين 35 و120يورو.

وانتشر الاضراب الى بلدان مجاورة، حيث وصل الى مارتنيك، والى غويانا الفرنسية وجزيرة رئينيون الموجودة في المحيط الهندي. لكن القلق من انتقال الاضراب بسرعة الى الارض الام فرنسا دفع ساركوزي الى التحرك سريعا الاسبوع الماضي، حيث التقى رئيس الحكومة، ومن ثم اجرى خطابا متلفزا، والتقى قادة نقابيين إضافة إلى كبار الشخصيات من اليسار الفرنسي.

ويتحدث العديد من المحللين عن فقدان الاتجاه على هذا المستوى من القيادة الفرنسية. ويعاني ساركوزي القدر نفسه، كما هي حال بقية القادة الاوروبيين، الذين يحاولون اقناع شعوب مشوشة وتريد جواباً للازمة المالية.

عن «الابزرفر»

تويتر