انتخاب رئيس إيراني جديد يهدّد الحوار مع واشنطن

لم يتبق أمام الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي تحب واشنطن دائما ان تكرهه، غير بضعة أشهر لانتهاء فترته الرئاسية، لكن هذا ليس سببا كافيا للابتهاج والاحتفال. واذا كان الرئيس الاميركي باراك اوباما يرغب حقاً في تحسين العلاقات مع طهران، فإن خير سبيل لذلك هو العمل مع نجاد.

وفي خطابه بمناسبة الاحتفال بذكرى الثورة الاسلامية الشهر الماضي، اعلن نجاد استعداد بلاده للحوار مع أميركا، ومن يدري فقد يؤدي انتخاب رئيس ايراني جديد في يونيو المقبل الى اغلاق النافذة امام فرصة نادرة.

ويبدو أن اوباما يدرك هذا جيدا، حيث قال أخيرا انه سيبحث عما وصفه بـ«مفاتحات» أو مداخل لبدء محادثات مباشرة وجها لوجه مع ايران، غير ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نبه اوباما الى ان الحكمة تقتضي ضرورة التريث وتأجيل مثل هذه المحادثات الى ما بعد انتخابات الرئاسة الايرانية المقبلة، لكن هذه النصيحة لا تبدو فكرة جيدة، فمازال من المبكر للغاية التنبؤ بنتائج تلك الانتخابات، وبينما يشير المراقبون الى ان احتمالات فوز نجاد كبيرة، على الرغم من الصعوبات والتوقعات، يعتقد ساركوزي ان فوز رئيس ايراني معتدل مثل محمد خاتمي قد يهيئ المسرح جيدا لمحادثات اميركية ايرانية اكثر ايجابية ومثمرة.

وفي واقع الامر فإن نجاد قد يكون الرئيس الايراني الاكثر قدرة على التأثير في القادة المتشددين في طهران ومواجهتهم، في حين قد يفتقر خاتمي وغيره من المعتدلين للجرأة على القيام بمغامرات او خطوات مجازفة وسط اولئك المحافظين. وعلى الرغم من كل شيء فإن نجاد ذهب بكل جرأة الى أبعد نقطة لم يسبقه اليها رئيس ايراني، فهو بخطاباته الحافلة بالبيان والخشونة والقسوة عبر عن رغبته في الوصول الى جميع أولئك الذين يختلفون معه في الافكار ووجهات النظر.

ففي عام 2006 كتب نجاد خطابه الشهير والمطول من 18 صفحة الى الرئيس الاميركي السابق جورج بوش يناقش فيه ويعرض قيماً دينية ومسائل تاريخية وقضايا في العلاقات الدولية،. وأشار نجاد الى اهتمامه باستئناف كامل للعلاقات الدبلوماسية مع مصر على نقيض رغبة المتشددين الذين قطعوا العلاقات مع القاهرة قبل ثلاثة عقود. لكن خطوته تجاه الولايات المتحدة تبقى الاكثر جرأة فقد بعث برسالة الى أوباما يهنئه فيها بانتصاره التاريخي في خطوة هي الاولى من نوعها لزعيم ايراني منذ قيام الثورة الاسلامية لرئيس اميركي منتخب. ولا ننسى ان مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي هو من يقود اساسا دفة السياسة الخارجية لبلاده، ومن الغباء ان نعتقد ان نجاد كان يتحرك منفردا، فلا يمكنه ان يبعث برسالة التهنئة الى اوباما من غير علم قائده الاعلى او اذن تكتيكي منه، بل يذهب بعضهم الى حد القول ان خامنئي فوض نجاد بصورة غير مباشرة للقيام بهذه الخطوة، لانه في مركز حساس وصعب يجعل اتخاذه قرارات او خطوات مباشرة بشأن العلاقات مع الولايات المتحدة امرا صعبا لاعتبارات عدة، اهمها ان مؤيديه قد يرون في ذلك تخليا عن بعض الثوابت الثورية. وقد عبر اوباما بوضوح عن اهتمامه ببدء حوار مع ايران قائلا انه ليس هناك متسع من الوقت لاضاعته، وانه يعتزم خلال شهور قليلة المبادرة باطلاق المفاوضات غير المشروطة واقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع طهران. وعلى الرغم من كل اخطائه فقد اتخذ الرئيس الايراني خطوات غير مسبوقة للوصول الى الولايات المتحدة والتأثير فيها، بينما قد لا يتمكن رئيس ايراني مقبل من القيام بمثل هذه الخطوات، لذا يجب على اوباما الامساك بتلابيب الفرصة القائمة لمصافحة نظيره الايراني الذي يمد اليه يده من بعيد.

❊علي رضا محرر صحافي إيراني

تويتر