<p align=right><font size=1>عبدالله يتجه ببلاده إلى مزيد من الاصلاحات. رويترز</font></p>

التغييرات السعودية.. توجه نحو الانفتاح

أكد محللون سعوديون أن التعيينات الأخيرة التي طالت المؤسسات القضائية والدينية والتعليمية في المملكة، تظهر توجه القيادة السعودية نحو مزيد من الانفتاح وتخفيف قبضة التيار الأكثر تشددا على الحياة العامة، الأمر الذي يشكل بالنسبة إلى الإصلاحيين بداية حقيقية لعهد الملك عبدالله.

إلا أن في ذهن العاهل السعودي، وإلى جانب الرغبة في الإصلاح، الرغبة بحسب المحللين في تغيير صورة المملكة المتضررة في الخارج، خصوصا في مجالي حقوق الإنسان والمراة.

وقال الكاتب السعودي تركي الحمد لوكالة «فرانس برس» «أعتقد أن هذه التغييرات تعني بكل بساطة أن عهد الملك عبدالله الإصلاحي، ورغم أن الملك تولى الحكم منذ أكثر من ثلاث سنوات، قد بدا للتو»

وأضاف الحمد الذي يعدّ من دعاة الإصلاح في المملكة، أن «التغييرات شملت أهم ثلاث مؤسسات، التعليمية والدينية والقضائية» ، مشيراً إلى وجود مشكلات في القضاءالسعودي تتمثل خصوصا في «بطء» الإجراءات وصدور أحكام «قاسية أحيانا وغير مفهومة وتسيء إلى صورة المملكة في الخارج».

ورأى الحمد أن أهم تغيير هو إقالة رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ صالح اللحيدان الذي أثارت فتاواه الكثير من الجدل. ورأى أن «أي تغيير من دون إقالته كان سيكون من دون معنى».

فقد أفتى اللحيدان مثلا، وهو أحد رموز المؤسسة الدينية الوهابية في المملكة، بجواز قتل أصحاب القنوات الفضائية، علما أن أبرز الفضائيات العربية أصحابها سعوديون.

وقال الحمد إن «الشيخ اللحيدان أحرج المملكة كثيرا بفتاواه غيرالمسؤولة؛ لقد قام تقريبا بتدمير كل ما فعلته المملكة لتحسن صورتها بعد أحداث 11 سبتمبر» .2001

كما رأى الحمد أن تعيين أمير من خلفية أمنية (الاستخبارات) غير دينية وزيرا للتربية والتعليم يعني «الاعتراف بأن التعليم كان يعاني عندنا من مشكلة كبيرة وكانت تسيطر عليه عناصر متشددة تزرع التطرف في عقول الطلاب».

ولفت إلى أن تعيين امرأة نائبة لوزير التربية لتصبح أول امرأة تدخل الحكومة السعودية «مؤشر إلى أن أشياء كبيرة ستحدث في المستقبل على صعيد وضع المرأة».

ويشير قريبون من العائلة المالكة إلى أن زوجة وزير التعليم الجديد الأمير فيصلبن عبدالله، وهي الأميرة عادلة ابنة العاهل السعودي، تقف بقوة وراء العديد منالبرامج المتعلقة بحقوق المرأة والرعاية الصحية، وإساءة معاملة الأطفال وتعليم المرأة، وهي تدفع بقوة باتجاه التغيير في هذه المجالات.

إلا أن الحمد دعا إلى التريث قبل الترحيب بالتغيير على رأس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية)، وقال إنه «إذا بقيت الممارسات كما هي، فإن المشكلة تكمن في جهاز الهيئة نفسه، وعندئذ يجب أن تقلم أظفارها أو تلغى تماما وتلحق بوزارة الداخلية».

ورأى الحمد أن الهيئة التي تشكل محور انتقادات مستمرة من قبل الإصلاحيين «لاتراعي أي شيء اسمه حقوق الإنسان» واسمها كان في صلب قضايا عدة تناولتها الصحافة العالمية.

من جهته، قال المحامي والناشط الحقوقي عبدالرحمن اللاحم لوكالة «فرانس برس» إن«الملك عبدالله منذ بداية توليه مقاليد الحكم، كان يراهن على جيل الشباب، ومن هذا المنطلق جاء تعيين وزير العدل الجديد وغيره من القيادات الشابة في المؤسسات الشرعية والتشريعية والتعليمية».

وإذ أشار إلى سعي القيادة إلى «إيجاد مؤسسة قضائية عصرية تلتزم المعاييرالعالمية»، أكد اللاحم أن «التغييرات هدفها التوأمة بين القواعد الاساسية للشريعة والقوانين والمواثيق الدولية، خصوصا في مجال حقوق الإنسان».

أما الكاتب السعودي عبدالله بن بخيت الذي اشتهر بمقالاته التي تنتقد علىالدوام هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فأعرب عن اعتقاده «بأن هناك بالفعلتوجها ملكيا لمزيد من الانفتاح»، وقد تجسد ذلك خصوصا على حد رأيه بتغيير رئيسالهيئة الشيخ إبراهيم الغيث ودخول امرأة في الجهاز الحكومي.

وربط بن بخيت بين تعيين امرأة في منصب قيادي، وعمل الهيئة المتهمة باتخاذتدابير قاسية في حق النساء اللواتي يعتبرن مخالفات بنظر رجال الهيئة، وقال انوجود امراة في الجهاز الحكومي من شانه جعل «الهيئة تفهم أن التوجه الأساسي للدولة هو منح المرأة المزيد من حقوقها، وأنها لم تعد مجرد ربة منزل أو فتاة يتم مطاردتها حول طريقة لبسها وإنما قيادية في الدولة».

أما الكاتب السعودي عبدالله بن بجاد العتيبي المتخصص في الحركات الإسلامية، فقال إن التغييرات في الإدارة «ستغير وجه المملكة»، وأعرب عن اعتقاده بأن الناس «يجدون التغيير في الإجراءات وسيلمسونه في الشارع».

وفي وقت ينظر فيه إلى تعيين امرأة في حكومة أو إلى تغيير مسؤول حدثا عاديا فيالكثير من دول العالم، تتمتع قرارت العاهل السعودي الأخيرة بوقع يكاد يكون ثوريا في السعودية.

وقال الباحث من معهد كارنيغي للسلام كريستوفر بويك «ماقام به الملك عبدالله مدهش حقا، فبعض المؤسسات التعليمية والقضائية كانت تعمل بشكل منعزل، ما أعطى رجال الدين المحافظين القوة لمنع أي تغيير».

الأكثر مشاركة