المطران كبوجي.. مقاتل فلسطين المنفي

عاد اسم مطران القدس المنفي من قبل الاحتلال الاسرائيلي هيلاريون كبوجي، ويعرف على نطاق واسع بمطران الوحدة والتسامح، إلى دائرة الضوء بعد 32 عاما من الانزواء، حيث عاود استئناف سيرته النضالية ناشطا حقوقيا هذه المرة على متن سفينة «الأخوة» اللبنانية لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، والتي منعتها قوات بحرية الاحتلال الإسرائيلي من الاقتراب من سواحل القطاع، واقتحمتها في عرض البحر، واعتدت على من فيها بالضرب، قبل ان تقتادها الى ميناء اشدود الاسرائيلي.

يملك كبوجي سجلا وطنيا حافلا تعرفه الأجيال التي فتحت عينيها على الحياة في منتصف الستينات ومطلع السبعينات، حيث واجه الاحتلال الاسرائيلي ببسالة وتوجت نضالاته باعتقال اسرائيل له في 1974 بتهمة حمل وتهريب أسلحة الى خلايا المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية،حيث حكم عليه بالسجن 12 عاماً، وانطلقت حملات تضامن واسعة معه للمطالبة بالإفراج عنه، قبل أن يعقد الفاتيكان اتفاقاً مع إسرائيل للإفراج عنه سنة ،1977 بشرط أن يتكفل البابا بعدم صدور أي تصريحات عن المطران كبوجي تتعلق بإسرائيل وألا يعود إلى الشرق الأوسط للإقامة أو العمل.

تم نفي المطران كبوجي إلى إيطاليا بعد اعتقاله أربع سنوات في سجون الاحتلال، حيث رفض أن يعين مطراناً في البرازيل أو غيرها، محتفظاً لنفسه بصفة «مطران القدس في المنفى»، ومردداً على الدوام «أنا مؤمن إيماناً لا يتزعزع بحتمية الانتصار والتحرير والعودة إلى القدس».

وقال المطران في كلمة له في حلب أخيرا «منذ 31 سنة وأنا منفيّ، أعيش في إيطاليا، أعيش حزيناً كئيباً معذباً، محروماً من أعزّ ما أملك، محروماً من عائلتي الفلسطينية الحبيبة، عائلتي هي الفلسطينيون، كل الفلسطينيين».

لم ينس المطران كبوجي وطنه فلسطين للحظة وظل متابعا ومتفاعلا مع ما يجري على أرضها يوما بيوم. وأخيراً وتعليقاً على الشقاق بين حركتي «فتح» و«حماس» قال المطران في رسالة وجهها للشعب الفلسطيني«وحدة الصف، التضامن، هما حجر الزاوية والأساس والمنطلق هو السلاح الفتاك لما نصبو إليه من تحرير وتحرر. كل بيت ينقسم على نفسه يخرب. إن الانقسام العميق القائم حاليا بين إخوة البارحة وأعداء اليوم يدمي فؤادي. إنه سبب الضعف والضياع الذي منه نعاني حاليا.. ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، لذا باسم الله الواحد الأحد، بدم شهدائنا الأبرار، بدموع اليتامى والأرامل والثكالى، وبعذابات إخوتنا المساجين الأبطال استحلف الجميع ان يضعوا حداً لخلافاتهم، أن يوحدوا صفوفهم، أن يتحاوروا ولا يتقاتلوا كي نحقق ما نصبو إليه من حرية وعزة وكرامة».

ولد المناضل المسيحي الصلب في حلب عام ،1922 وفي 1965 أصبح مطرانا لمدينة القدس لكنيسة الروم الكاثوليك، وحمل من البدايات إيماناً غير محدود بقضية فلسطين، لكنه لم يقنع بالتعاطف الفكري فقرر النزول للعمــل المباشر فانضم للثورة الفلسطينية مقدما نموذجا لقرن الإيمان بالفعل.
تويتر