صعود أوباما.. ذروة انتصار حركة الحقوق المدنية

أوباما يواجه تحديات داخلية وخارجية بعد تولّي الرئاسة. غيتي

يعد تنصيب الديمقراطي باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة باعتباره أول أميركي إفريقي يرتقي هذا الموقع، لحظة مهمة في السباق الذي استمر عقوداً عدة من أجل الحقوق المدنية في أميركا، وفي العالم بصورة عامة.

ويرى كثيرون أن أوباما يمثل الأمل في مواجهة القنوط وارتفاع مستوى التوقعات في المستقبل بعد هذا الانتصار لقيادتنا نحو الخروج من الركود العالمي واستعادة القيم الديمقراطية لأميركا، وهو أيضاً رمز للانبعاث في وجه ماض بائس، إنه يمثل قدوم فجر مرحلة جديدة.

واليوم يقف أوباما رأساً برأس القامات الكبيرة، أمثال المهاتما غاندي والدكتور مارتن لوثر كنغ، ونيلسون مانديلا، بفضل الملايين من الاشخاص المجهولين الذين جعلوا نصر اوباما ممكناً.

وسيجري الاحتفال بتنصيب اوباما بدءاً من قرى كينيا الى ولاية كينساس، إنه النصر الذي يعكس المرحلة، ويمنح الامل لها. ويمثل انتخاب اوباما تعبيراً لفكرة التجمع العرقي العظيم.

أكد أوباما أننا كأميركيين يمكن ان ننتصر في حين أننا سنفشل إذا كنا متفرقين. وكان هذا الائتلاف الذي ضمن له الفوز يشمل 95٪ من أصوات الاميركيين الافارقة، وثلثا اصوات اللاتينيين، وثلثا اصوات الشبان، ونال أوباما قبولاً عظيماً في اوساط الاميركيين من أصل آسيوي، وبين الاميركيين الاصليين، والاميركيين من أصل عربي واليهود.

واستغرق تحقيق هذا الانتصار عقوداً، إذ لم يكن من الممكن تحقيقه في وقت سابق في اميركا، وبالتأكيد ليس قبل عام ،1954 عندما كان جدار الفصل العنصري يبقينا في حالة تفرقة، وجاهلين وخائفين. ويمكننا التفكير بالاميركيين الأفارقة لدى عودتهم من الحرب العالمية الثانية، طالبين بنجاح الاندماج في القوات المسلحة، أو في عام 1945 عندما تم إلغاء قرون من الفصل العنصري الشرعي في التعليم، أو في 1955 عندما رفضت روزا باركس أن ترجع الى مؤخرة الحافلة او الدكتور كينغ عندما قاد حافلة مونتغمري للمقاطعة او عندما قاد الملايين نحو العاصمة واشنطن، مطالباً بفرص عمل ورعاية صحية، الامر الذي كان «حلماً» لجميع الأميركيين في عام 1963 وأدى الى صدور قانون الحقوق المدنية، وإلى قانون حق التصويت في عام .1965 وكانت الحملات الانتخابية في 1984 و1988 حلقتين في هذه السلسلة التي المتواصلة.

ويعد وصول أوباما الى البيت الابيض من الإشراقات الكبيرة في سياستنا، ومع ذلك فإنها من اللحظات المظلمة في اقتصادنا.

ونصدر في الولايات المتحدة فرص العمل، والصناعة ورأس المال الى الخارج في حين أن المخدرات والاسلحة تدخل بغزارة الى البلد وتبدو الحقائق مرعبة، إذ يعيش 38 مليون شخص تحت خط الفقر، اي نحو 13٪ من السكان في أغنى دولة في العالم. ويعد 30٪ من أطفال أميركا من أصل إفريقي فقراء «رسمياً». وهناك 45.7 مليون شخص من دون ضمان صحي. ولدينا عولمة رأسمالية من دون عولمة لحقوق الانسان، وحقوق العمال، و حقوق الاطفال. وفقد نحو مليون اميركي وظائفهم خلال الشهرين الماضيين. وهذه فضيحة أخلاقية، ولذلك حان الوقت من أجل التغيير. ولا يريد الاميركيون العاديون أكثر من المساواة الاقتصادية، والتي تتضمن في قلبها العدل، والمساواة العرقية، والفرص الاقتصادية. ولا يشكل السود معظم الفقراء الاميركيين، وإنما هم من البيض من النساء والشبان وهم من العمال غير المهرة العاطلين عن العمل، وينبغي على خطة الإصلاح الاقتصادي الجديدة ان تجسر الفجوة بين الفقراء والاغنياء.

وسيواجه أوباما تحديات، لكن الآمال كبيرة في أن يبدأ طريقاً جديداً للسياسة الاميركية الخارجية، بحيث يلغي سياسة الحرب الاستباقية، وانتهاك القانون الدولي بذريعة محاربة الارهاب، والآمال كبيرة في إلغاء الخطاب الذي يدعو الى الانقسام واستبداله بالمبادرات المثمرة والحوار وإعادة بناء الأحلاف. والآمال كبيرة بأن يقوم أوباما بإنهاء الحرب في العراق، وإعادة الجنود الى الوطن، والبدء في مفاوضات سلمية ووضع حد للعنف في الشرق الأوسط ما يؤدي الى التعايش بين دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية.

حان الوقت كي تستعيد الولايات المتحدة سمعتها الدولية وتعود من جديد، باعتبارها الدولة التي تقود العام عبر قيمها في الديمقراطية والحرية.

وبالنسبة لي، فإنها ستكون لحظة السعادة غير المنتهية، بوصفها ذروة الإنجاز التي قدمتها حركة الحقوق المدنية. وإن كان يمكن انجاز ذلك في الولايات المتحدة، فلماذا لا يحدث ذلك في فرنسا، والمملكة المتحدة؟ ولماذا لا يحدث في كل مكان؟

القس جيسي جاكسون مرشح سابق للرئاسة الأميركية

تويتر