برلين رفعت ميزانية 2026 العسكرية إلى 108.2 مليارات يورو

ألمانيا بحاجة إلى معدات أميركية حاسمة لإعادة التسلح وسط زيادة الإنفاق

صورة

بدأت أوروبا تدرك تدريجياً أن التهديد الذي تشكله روسيا يستلزم زيادة الإنفاق على جيوشها وأساطيلها وقواتها الجوية، من أجل إعادة تسليحها وتحديثها، ويجب أن تكون القارة العجوز مستعدة للحرب، حتى لو كان ذلك هو السبيل لمنعها.

ومع تراجع التزامات الولايات المتحدة تجاه الأمن الأوروبي، ومطالبتها الدول الأوروبية بأن تكون أكثر اكتفاء ذاتياً، فإن الأضواء تتجه حتماً إلى ألمانيا، فهي ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد أميركا والصين، والأكبر في أوروبا، وبسكانها البالغ عددهم 83.5 مليون نسمة، تعد أكثر دول أوروبا سكاناً.

وخفضت الحكومات الألمانية المتعاقبة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير بعد نهاية الحرب الباردة في عام 1990، وركزت في البداية على إعادة توحيد شرق البلاد وغربه، وعلى مدى السنوات الـ35 الماضية عانت القوات المسلحة من نقص التمويل.

واتفق حلف شمال الأطلسي «الناتو» للمرة الأولى بشكل غير رسمي على هدف إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع في عام 2004، واعتمده رسمياً في عام 2006، وكرره في عام 2014.

وعلى الرغم من قوتها الاقتصادية لم تحقق ألمانيا هذا الهدف إلا العام الماضي للمرة الأولى.

حالة حرجة

وأدت عقود من الإنفاق المنخفض إلى وضع الجيش الألماني في حالة حرجة، فقواته البرية جاهزة بنسبة 50% فقط، وهناك متأخرات في الصيانة تصل إلى مليارات اليوروهات، حيث إنه في وقت ما من عام 2018، كانت أربع طائرات فقط من أصل 128 طائرة من طراز «يوروفايتر - تايفون» التابعة لسلاح الجو الألماني، جاهزة للقتال.

ويجب أن يرتفع الحجم الإجمالي للجيش بطريقة ما من 182 ألف جندي حالياً إلى 260 ألفاً في غضون 10 سنوات.

تدرك برلين حجم المهمة التي يتعين القيام بها، فقد أعلن المستشار السابق أولاف شولتس، في خطابه الذي أطلق عليه اسم «نقطة التحول» بعد ثلاثة أيام من حرب روسيا على أوكرانيا على نطاق واسع في عام 2022، عن تخصيص صندوق خارج الميزانية بقيمة 100 مليار يورو للمعدات العسكرية، وسرعان ما تبين أن هذا المبلغ أقل بكثير مما هو مطلوب.

وفي مارس 2025، أقنع فريدريش ميرتس، خليفة شولتس، البرلمان المنتهية ولايته بتعديل القانون الأساسي، وهو الإطار الدستوري لألمانيا، ورفع «فرامل الديون» التي تقيد العجز الهيكلي بنسبة 0.35% من الناتج المحلي الإجمالي.

وبعد إعفاء الإنفاق الدفاعي من «فرامل الديون»، وافق ائتلاف ميرتس من يمين الوسط ويسار الوسط على زيادة الميزانية العسكرية بشكل كبير من 86 مليار يورو في عام 2025 إلى 108.2 مليارات يورو في عام 2026.

وتعتزم ألمانيا تلبية الهدف المُعدل لحلف «الناتو» المتمثل في إنفاق 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي على متطلبات الدفاع الأساسية، و1.5% أخرى على تعزيز المرونة والأمن، وستقترض الحكومة ما يصل إلى 400 مليار يورو إضافية على مدى السنوات الخمس المقبلة لإعادة التسلح.

خطط مماثلة

وقد أعدت وزارة الدفاع الاتحادية الألمانية خطة شراء بقيمة 377 مليار يورو تتراوح بين عمليات شراء فورية وعقود طويلة الأجل.

وتشترك هذه الخطة في جانب واحد مع خطط مماثلة في جميع أنحاء أوروبا في السعي إلى تحقيق أمرين في الوقت نفسه: تقبل الحكومات الحاجة إلى إعادة التسلح، والأمل في إعادة تدوير بعض المبالغ الضخمة التي ينطوي عليها ذلك من خلال تعزيز قطاعات الدفاع المحلية.

وبناء على ذلك، يمكن لشركات تصنيع المعدات الدفاعية الألمانية أن تتوقع أرباحاً هائلة، حيث تم تخصيص 182 مليار يورو من المبلغ الإجمالي للشركات الألمانية.

وستتلقى شركة «رينميتال أي جي» وشركاتها التابعة طلبات بقيمة 88 مليار يورو، بما في ذلك 687 مركبة قتال مشاة من طراز «بوما»، وما يصل إلى 3500 مركبة مدرعة من طراز «بوكسر»، و561 نظاماً مضاداً للطائرات من طراز «سكاي راجر 30».

ومن المرجح أن تزود شركة «ديل دفانس»، التي تتخذ من بافاريا مقراً لها، صواريخ وقاذفات أرض - جو، قصيرة ومتوسطة المدى من طراز «إيريس»، بقيمة 17.3 مليار يورو، إضافة إلى ذخائر أخرى.

وبشكل عام، من المتوقع أن تكون 10% فقط من المشتريات الجديدة من الولايات المتحدة، ما يشير إلى انخفاض كبير في اعتماد ألمانيا على أميركا وتعزيز قطاعي الدفاع المحلي والأوروبي، لكن من المهم النظر إلى الأنظمة والقدرات التي تشملها هذه النسبة.

زيادة الالتزام

من المتوقع أن تنفق ألمانيا 2.5 مليار يورو على 15 طائرة هجومية إضافية من طراز «لوكهيد مارتن إف 35»، قادرة على حمل قنابل نووية، وبالتالي زيادة التزامها بقدرات الطائرات ذات القدرات المزدوجة التابعة لحلف «الناتو».

وقد يكون لهذا الأمر أهمية أكبر أيضاً، حيث إن البديل الذي تعتزم ألمانيا استخدامه لطائرة «يوروفايتر»، وهو نظام القتال الجوي المستقبلي، هو برنامج ثلاثي مع فرنسا وإسبانيا، مصمم ليس فقط حول طائرة مقاتلة من الجيل السادس، بل أيضاً حول أنظمة مدمجة بدون طيار.

هناك خلافات بين ألمانيا وفرنسا حول تطوير نظام القتال الجوي المستقبلي، وتعيد إسبانيا النظر في مشاركتها، وقد يتم إلغاء البرنامج، ما يزيد من احتمال أن تضطر القوات الجوية الألمانية إلى الاعتماد بشكل أكبر على طائرات «إف 35» الأميركية أكثر مما كانت تخطط له.

كما ستطلب القوات المسلحة الألمانية 400 صاروخ «كروز» من طراز «توماهوك بلوك» من شركة «أر تي إكس» مع ثلاث قاذفات من طراز «لوكهيد مارتن تايفون» مقابل 1.8 مليار يورو، فيما تدرس شراء أربع طائرات إضافية من طراز «بوينغ بوسيدون» للطيران الاستطلاعي والبحري. عن «ذا هيل»


تقليل الاعتماد على أميركا

يدافع البعض عن فكرة تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، لكن هناك وجهة نظر بديلة، فعلى الرغم من انخفاض النسبة الإجمالية للمشتريات من أميركا، لاتزال ألمانيا تعتمد على الولايات المتحدة في مجالات عدة، مثل القدرات النووية، والضربات بعيدة المدى، إلى جانب الاستخبارات والمراقبة وتحديد الأهداف والاستطلاع، فضلاً عن الدفاع المضاد للصواريخ، وقد أبرزت طبيعة الحرب في أوكرانيا حتى الآن الأهمية المركزية لجميع هذه المجالات تقريباً.

أين يقف ذلك من التبعية عبر الأطلسي؟ يريد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن تكون الدول الأوروبية أكثر اكتفاء ذاتياً، لكنه يتوقع منها أن تستثمر بكثافة في المنصات والمعدات الأميركية، في حين أن الحكومات في أوروبا تريد تعزيز قطاعات الدفاع الخاصة بها، ولا تقلل من تبعيتها الاستراتيجية لواشنطن، إلا أنها لا تملك خياراً آخر، إنها شبكة متناقضة من الطموحات والالتزامات، وتوضح خطط المشتريات الألمانية طويلة الأجل التحديات التي تواجهها، وهناك درجة من عدم الاتساق، لكنها في الوقت الحالي ميزة وليست عيباً.

• من المتوقع أن تنفق ألمانيا 2.5 مليار يورو على 15 طائرة هجومية إضافية من طراز «إف 35»، قادرة على حمل قنابل نووية.

• أدت عقود من الإنفاق المنخفض إلى وضع الجيش الألماني في حالة حرجة، فقواته البرية جاهزة بنسبة 50% فقط.

تويتر