«اليمين» استغل حادث تشارلي كيرك لتحقيق مكاسب سياسية

اليسار الأميركي يحصد ما زرعه بعد مقتل «فلويد»

تظاهرة سابقة بسبب مقتل «فلويد» الذي أشعل أعمال شغب عالمية وحركة عدالة اجتماعية. أ.ف.ب

يبدو الأمر كأنه حدث منذ آلاف السنين، لكننا نتذكر ردّ الفعل على مقتل الرجل الأميركي، جورج فلويد، قبل خمس سنوات، حيث إن وحشية الشرطة الأميركية ضد ذوي البشرة السوداء لم تكن معروفة، لكن لأسباب متعددة، عندما خنق ضابط شرطة، فلويد حتى الموت في «مينيابوليس»، أشعل ذلك أعمال شغب عالمية وحركة عدالة اجتماعية، سرعان ما أصبحت أقل تركيزاً على إحداث التغيير وأكثر تركيزاً على التحكم في خطاب الناس.

وأنفقت المؤسسات الإعلامية ملايين الدولارات لمستشاري التنوّع، لتعليم موظفيها التفكير الصحيح في العرق، ومنحت كلمة «أسود» حرفاً كبيراً مهيباً ومحترماً، وتعرض الناس للعار علناً، والفصل من العمل إذا لم يرددوا شعارات النشطاء ضد العنصرية.

وتعرض المؤلفون البيض للتدمير من قبل أشخاص عاديين من خلال أعمال احتيالية إذا تجرأوا على الكتابة من وجهة نظر شخصية سوداء، لكنهم تعرضوا أيضاً، للانتقاد لكتابة كتب «بيضاء جداً». وانفجرت رقابة «توبيخية» كانت تتراكم لدى اليسار لسنوات.

وجرى منح فلويد نفسه مكانة أشبه بالقداسة، حتى إن صورته بدت منتشرة على جدار قريب من منزلي في لندن، والآن أصبح لليمين جورج فلويد الخاص به، إذ كان مقتل تشارلي كيرك في العاشر من سبتمبر مروعاً، مثل مقتل فلويد أيضاً.

لطالما كان العنف السياسي سمة بارزة في الولايات المتحدة، وقد تصاعد على كلا الجانبين، مع محاولتين لاغتيال الرئيس ترامب خلال الانتخابات، وهجوم متعمد على منزل حاكم ولاية بنسلفانيا، جوش شابيرو، في أبريل، واغتيال ممثلة ولاية مينيسوتا في مجلس النواب، ميليسا هورتمان، في منزلها في يونيو الماضي.

وكان ترامب وحلفاؤه، يعرفون كيرك، لكنهم يستغلون ما حدث له لفرض رقابة على اليسار فقط، وقال نائب الرئيس ترامب، جيه دي فانس، إنه يجب على الذين احتفلوا بوفاة كيرك عبر الإنترنت أن يخجلوا، وقال: «افضحوهم، واتصلوا بصاحب عملهم».

وبعد أن أعلن مقدم البرامج الحوارية، جيمي كيميل، رأيه في مقتل كيرك، على التلفزيون، يوم الإثنين، سحبت «ديزني» برنامجه على الفور من الهواء.

وتتشابه ردود الفعل على مقتل كيرك، بشكل لافت للنظر مع ردود الفعل حول فلويد، قبل خمس سنوات، على الرغم من أن كلا الجانبين سيشعران بالرعب من هذه المقارنة، ورسم التقدميون صوراً لفلويد، والآن ينشر أشخاص من اليمين، بمن فيهم السيناتور تيد كروز، صوراً مصممة بتقنية الذكاء الاصطناعي لكيرك وهو يحتضن «يسوع»، وكرّم الرئيس بايدن، فلويد في عيد ميلاده، فيما صوّت مجلس الشيوخ الأميركي على جعل عيد ميلاد كيرك «يوماً وطنياً للذكرى».

صحيح أن اليسار لم يوقف أي كوميدي عن البث بعد وفاة فلويد، لكنه حاول، وفي عام 2021، احتج الناس أمام مقر شركة «نتفليكس»، لإجبار الشركة على وقف بث الكوميدي، ديف شابيل، لأنه سخر من أيديولوجية النوع الاجتماعي في عرضه. ورفضت «نتفليكس»، فهاجم أحد النشطاء شابيل، على المسرح أثناء تصويره لبرنامجه الخاص على «نتفليكس».

جرى طرد كل من كان له ردة فعل ساخرة على مقتل كيرك من عمله، تماماً كما تم طرد من فعلوا الشيء ذاته بشأن فلويد قبل خمس سنوات، وكتبت كاتبة عمود في صحيفة «واشنطن بوست» مقالاً توبيخياً عني قبل خمس سنوات لـ«تجاهلي للعنصرية» في مقال كتبته، لا علاقة له بالعنصرية.

وفي الأسبوع الماضي، تم طرد الصحافية ذاتها، كما تقول، بسبب منشوراتها، بما في ذلك تغريدتها التي حظيت بإعادة تغريد واسعة، والتي زعمت فيها أن كيرك، قال إن «النساء ذوات البشرة السوداء لا يمتلكن القدرة العقلية الكافية لأخذهن على محمل الجد».

وفي الواقع، قال إن «النساء السوداوات البارزات اللواتي قلن إنهن استفدن من العمل الإيجابي يقررن بأنهن يفتقرن إلى الذكاء اللازم لأخذهن على محمل الجد».

ويبدو أن اليمين يلعب بنفاق بأدوات اليسار، وهو أكثر قسوة. واتضح أن وصف الناس بالفاشيين لعدم مواكبتهم للمعتقدات الليبرالية التقليدية، لا يدفعهم إلى الرغبة في أن يكونوا أفضل. بل يدفعهم إلى التوجه إلى الجانب الآخر الأكثر فاعلية.

وفي الحقيقة، هذا ليس تصحيحاً مبالغاً فيه، بل إنه مجرد تطرف آخر، ولم تعجبني آراء كيرك، وأعتقد أن مقتله كان مروعاً، لكن هذا النوع من الآراء لا يحظى باهتمام كبير على وسائل التواصل الاجتماعي أو السياسي هذه الأيام.

لم يعد هناك انقسام بين اليمين واليسار. وهناك انقسام بين الليبراليين وغير الليبراليين، ويقبل الجانب الليبرالي بتعدد الآراء، أما غير الليبراليين فيشجعون الرقابة، ويقدم الليبراليون تنازلات لتحقيق التغيير، وأما غير الليبراليين فيركزون على الانتقام. *هادلي فريمان   كاتبة عمود في «التايمز»   عن «التايمز»

• جرى طرد كل من كان له ردة فعل ساخرة على مقتل كيرك من عمله، كما تم طرد من فعلوا الشيء ذاته بشأن فلويد قبل 5 سنوات.

تويتر