يواجهون مأساة النزوح والبعد القسري عن عائلاتهم المستهدفة بالصواريخ

أزمات حرب غزة.. خبر يتجرع الصحافيون مرارة نقله إلى العالم

صورة

منذ السابع من شهر أكتوبر الجاري غادر الصحافيون في قطاع غزة منازلهم وودعوا أطفالهم دون رجعة، متخذين من ساحات المستشفيات وميادين الشوارع العامة مستقراً لهم، لتوثيق جميع عمليات القصف والإبادة الجماعية في شتى أرجاء غزة، إذ يتتبعون أثرها رغم كل المخاطر المحدقة بهم، في سبيل بثها على الهواء مباشرة على مرأى ملايين المشاهدين في دول العالم كافة.

وأثناء ذلك، يخوض صحافيو غزة غمار المعاناة التي يتجرع مرارتها أهالي القطاع من دون انقطاع، فعائلاتهم شردت من منازلها مرات عدة، فيما تعرضت بيوتهم للقصف والتدمير، وودعوا ذويهم من دون رجعة إلى مثواهم الأخير.

ويضاف إلى ذلك، تعمد آليات الاحتلال العسكرية استهداف العشرات من الصحافيين أثناء تغطيتهم المستمرة لسلسة الغارات المتواصلة في جميع مناطق القطاع، حيث قتلت إسرائيل منذ اليوم الأول لحربها العسكرية واسعة النطاق ضد 2.2 مليون فلسطيني محاصر 70 صحافياً، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة.

الخبر وناقله

بينما كان مراسل قناة «روسيا اليوم» الفضائية في غزة الصحافي مصطفى البايض ينقل تفاصيل الأحداث اليومية لمجريات الحرب الإسرائيلية ضد غزة على الهواء مباشرة من داخل مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، تحول خلال لحظات معدودة من ناقل للخبر إلى الخبر ذاته، ليقول بعيون دامعة وأنفاس شاهقة من خلف عدسة الكاميرا، «في هذه الأثناء أبادت الطائرات الإسرائيلية تسعة أفراد من عائلتي جراء قصف جوي للمنطقة التي نسكنها في حي (الصحابة) شرق مدينة غزة».

وبعد أقل من شهر واحد ودع المراسل الصحافي أربعة أفراد آخرين من عائلته، وفقاً لحديثه مع «الإمارات اليوم»، كانوا قد قضوا نحبهم في قصف جوي استهدف منزله مباشرة، بينما كان نازحاً وأسرته الصغيرة المكونة من سبعة أفراد إلى مستشفى «ناصر الطبي» في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، حيث مستقر إقامته لنقل مستجدات الحرب الإسرائيلية بعد أن تعرضت منطقة سكناه لعملية قصف جوي في المرة الأولى.

وبين الخبرين الأول والثاني، قضى أطفال مراسل (روسيا اليوم) ووالدته وزوجته أياماً طويلة يتنقلون بين مناطق عدة سكنية في بعد قسري عن (البايض) الذي أجبر على البقاء في مستشفى الشفاء لنقل مجريات الأحداث على مدار الساعة.

وتعد مأساة مراسل (روسيا اليوم) واحدة من بين عشرات الحالات التي عاش تفاصيلها البشعة الصحافيون في مختلف مناطق القطاع، ومن بينها ما ألم بمصور وكالة (الأناضول) التركية علي جادالله، فبينما كان متجهاً من مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة حيث توغل الآليات العسكرية في طريقه صوب مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة، لالتقاط الصور الفوتوغرافية لضحايا قصف مروحيات الاحتلال، اكتشف أن والديه وثلاثة من أشقائه من بين الضحايا داخل ثلاجات الموتى.

مآسٍ كبيرة

ليس ببعيد عن المعاناة الشديدة والمآسي الكبيرة الناجمة عن تداعيات أحداث الحرب الإسرائيلية التي يرصدها الصحافيون عن قرب على مدار كل ساعة، يعاني حراس البوابة الإعلامية في غزة المرارة والصعاب خلال عملية تنقلهم بين مختلف المناطق، ليبقى العالم على اطلاع دائم على كل ما ترتكبه إسرائيل من عمليات عسكرية ضد سكان غزة، إلى جانب تجرعهم مرارة أزمات الحرب القاسية، تماماً كما يعاني منها النازحون والناجون من ويلات القصف العنيف.

المصور الصحافي عمرو طبش يقضي وقته منذ اليوم الأول للحرب على غزة متنقلاً بين المناطق المنكوبة ومستشفيات «شهداء الأقصى» وسط القطاع، و«ناصر الطبي» و«غزة الأوروبي» جنوباً.

ويقول المصور طبش، «جراء نفاد الوقود داخل مناطق القطاع في الأيام الأولى من الحرب التي يشنها الاحتلال، وتوقف مركبات العمل الصحافي، كنت أتنقل وزملائي بين أحياء غزة المدمرة بواسطة عربات تجرها الخيول، في سبيل الوصول إلى الأماكن المستهدفة من الآليات العسكرية والطائرات الحربية، لتصوير المنازل المدمرة وجثث الضحايا المتفحمة والمتناثرة إلى أشلاء من الأطفال والنساء».

ويواصل طبش حديثه، «إن الصحافيين يتجرعون مرارة أزمة نقص الماء والخبز والغذاء، فأثناء وجودي داخل المخابز ومحطات تعبئة المياه لرصد معاناة السكان جراء تفاقم المآسي الناجمة عن تداعيات الحرب الشرسة، واجهت معاناة الحصول على القليل من الخبز والمياه لي ولعائلتي، كبقية زملاء مهنة البحث عن المتاعب».

مواجهة أقسى الأزمات

في ما يتعلق بأزمات انقطاع التيار الكهربائي وتعطل خطوط الاتصالات والإنترنت وانعكاسها سلباً على استمرار التغطية الإعلامية المتواصلة والمباشرة، يقول مراسل قناة (العربية - الحدث) محمد عوض، «نواجه معاناة كبيرة إلى أبعد الحدود جراء انقطاع تلك الخدمات، حيث تعطل الكاميرات عن العمل جراء نفاد طاقة الشحن الكهربائي، ما دفعنا إلى استخدام طرق بديلة مكلفة مادياً، أبرزها ألواح الطاقة الشمسية، لاسيما بعد نفاد الوقود المستخدم في تشغيل المولدات الكهربائية البديلة».

ويشير عوض في حديثه مع «الإمارات اليوم» إلى أن انقطاع خدمات الإنترنت يعد معضلة شديدة تعيق استمرار العمل الصحافي، حيث تحول في كثير من الأحيان دون إرسال المشاهد المصورة إلى القنوات الفضائية العربية والعالمية، لبثها إما على الهواء مباشرة أو أثناء نشرات الأخبار. ويمضي المراسل التلفزيوني بالقول، «إن أزمة انقطاع الاتصال تبعدنا عن الكثير من الأحداث المتلاحقة، وتلقي بظلالها أيضاً على عملية التواصل مع الفضائيات وجهات العمل الخارجية».

• بينما كان مراسل قناة «روسيا اليوم» الفضائية في غزة مصطفى البايض ينقل تفاصيل الأحداث اليومية لمجريات الحرب الإسرائيلية ضد غزة على الهواء مباشرة من داخل مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، تحول خلال لحظات معدودة من ناقل للخبر إلى الخبر ذاته.

تويتر