مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يدعو إلى وقف العنف.. ويصف الوضع بـ «المفجع»

اشتباكات في الخرطوم.. والسعودية وأميركا تؤكدان أهمية التزام طرفي الصراع بالهدنة

سودانيون أمام فرع بنك محترق في جنوب الخرطوم. أ.ف.ب

جددت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة التأكيد على أهمية اتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية في السودان، الذي وقعت عليه القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في مدينة جدة السعودية في 20 مايو الجاري. يأتي ذلك فيما قال سكان في الخرطوم أمس إنهم سمعوا دوي اشتباكات بين طرفي الصراع في أجزاء من العاصمة في ثاني أيام الهدنة، حيث وصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك ما يحدث في السودان بأنه «مفجع»، ووجّه مناشدة مباشرة لطرفي القتال لوقف العنف وحماية المدنيين.

وتفصيلاً، قالت السعودية والولايات المتحدة في بيان صدر في ساعة متأخرة مساء الثلاثاء، إنهما تسعيان للتحقق من ادعاءات بحدوث انتهاكات لوقف إطلاق النار في السودان، وإن نقاشات بناءة تجري حول المساعدات الإنسانية وإيصالها.

يأتي ذلك بعد مضي خمسة أسابيع على الصراع المستمر، «فالشعب السوداني بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية وإلى عودة الخدمات الأساسية، وهو ما سيكون ممكناً في ظل وقف إطلاق النار المؤقت»، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية (واس).

ورصدت الرياض وواشنطن أن طرفي الصراع «لم يلتزما بعدم السعي وراء مكاسب عسكرية خلال فترة الـ48 ساعة، وقبل بدء وقف إطلاق النار، ورغم أن القتال في الخرطوم أخف شدةً عن ذي قبل، فإن المسهلين (الرياض وواشنطن) أبلغا طرفي الصراع بوجود انتهاكات لوقف إطلاق النار، تضمنت عمليات هجوم في الخرطوم والأبيض وهجمات جوية واستغلالاً للأسلحة».

وبحسب «واس»، انخرط ممثلون للجنة المتابعة والتنسيق أول من أمس في جدة «في نقاشات بناءة حول المساعدات الإنسانية وإيصالها، وعملوا على ضم قيادات الطرفين للحديث عن الادعاءات بوجود انتهاكات لوقف إطلاق النار».

وأضافت: «نظراً لاستمرار معاناة الشعب السوداني كنتيجة لهذا الصراع المدمر، فإن المملكة والولايات المتحدة تجددان التزامهما للشعب السوداني، وتطالبان بالتزام الطرفين بما وقعا عليه من التزامات لوقف إطلاق النار المؤقت لتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية».

وقال سكان في الخرطوم أمس إنهم سمعوا دوي اشتباكات بين طرفي الصراع الليلة قبل الماضية في أجزاء من العاصمة السودانية، في ثاني أيام هدنة لمدة أسبوع بهدف السماح بإيصال المساعدات وتمهيد الطريق لهدنة أطول.

وقال سكان في أم درمان، إحدى المدن الثلاث التي تكوّن معاً ولاية الخرطوم، إن هناك تبادلاً لإطلاق النار وقع في وقت متأخر الثلاثاء في مناطق عدة. وأضافوا أنهم سمعوا دوي نيران مدفعية كثيفة قرب قاعدة وادي سيدنا العسكرية في ضواحي العاصمة.

وقال الأستاذ الجامعي حسن عوض لـ«رويترز» عبر الهاتف: «سمعنا في شمال أم درمان ليلة الثلاثاء أصوات اشتباكات عنيفة لكن الوضع بعد الهدنة أفضل. كل يوم جديد يكون لدينا أمل باحتمال انتهاء كابوس الحرب.. لقد كرهنا الحرب».

وأدى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ مساء الاثنين إلى هدوء نسبي للقتال في الخرطوم الثلاثاء، ومع ذلك لم تظهر مؤشرات تُذكر على زيادة سريعة في الإغاثة الإنسانية، إذ قالت فرق الإغاثة إن الكثير من الإمدادات وعمال الإغاثة الذين يصلون إلى بورتسودان على ساحل البحر الأحمر ينتظرون التصاريح والضمانات الأمنية.

في الأثناء وصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك ما يحدث في السودان بأنه «مفجع»، ووجّه مناشدة مباشرة لطرفي القتال لوقف العنف الجنسي وحماية المدنيين.

وأوضح تورك، الذي التقى مع طرفي الصراع، قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو في نوفمبر، أن مكتبه تلقى تقارير عن استخدام طائرات مقاتلة واشتباكات في العاصمة الخرطوم الليلة قبل الماضية رغم وقف إطلاق النار.

وقال تورك في إفادة صحافية في جنيف حيث تناول الأزمات من أنحاء العالم: «كثير من المدنيين محاصرون فعلياً في مناطق تشهد قتالاً بلا هوادة».

وأضاف: «الجنرال البرهان.. الجنرال محمد حمدان دقلو.. عليكما أن تصدرا تعليمات واضحة لا لبس فيها لكل من يأتمرون بأمركما تفيد بعدم التسامح على الإطلاق مع العنف الجنسي.. يجب حماية أرواح المدنيين، ويتعين عليكما وقف هذا العنف العبثي على الفور».

وأكد أن مكتبه وثق ما لا يقل عن 25 حالة عنف جنسي حتى الآن، وأن العدد الحقيقي من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير.

من جهته قال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، أمس، إن ما يربو على 300 ألف فروا حتى الآن من السودان إلى دول مجاورة، حيث عبر كثيرون منهم إلى تشاد ومصر في الأيام القليلة الماضية.

وأضاف في تغريدة على «تويتر»: «مساهمات المانحين في خطة التعامل مع اللاجئين لاتزال شحيحة.. نحن بحاجة إلى مزيد من الموارد بشكل عاجل لدعم البلدان المضيفة للاجئين».

وتقول الأمم المتحدة إن عدد من يحتاجون المساعدة داخل السودان قفز إلى 25 مليوناً، أي أكثر من نصف سكان البلاد.

وأعلنت منظمة الهجرة الدولية أمس، أن السودان شهد نزوح أكثر من مليون شخص داخل البلاد منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وقالت المنظمة في تقرير: «أصبح الآن في السودان أكثر من مليون شخص نزحوا داخلياً منذ اندلاع أعمال العنف في 15 أبريل»، مشيرة إلى أن ولايات «غرب دارفور والنيل الأبيض ونهر النيل والولاية الشمالية» استقبلت العدد الأكبر من النازحين.

تويتر