الأمم المتحدة: لا مؤشر على استعداد طرفي الصراع للتفاوض

هدنة هشّة في السودان وهرب مسؤولين من نظام البشير من السجن

صبي يقف مشدوهاً أمام مبانٍ مدمّرة في أعقاب اشتباكات قوات الدعم السريع والجيش جنوب الخرطوم. رويترز

تسود فوضى عارمة في السودان، في ظل وقف إطلاق نار هشّ، تجسّدت أمس في إعلان أحمد هارون، أحد مساعدي الرئيس السابق عمر البشير، فراره من السجن برفقة مسؤولين سابقين آخرين، وبينما أكد الجيش أن البشير نفسه محتجز في مستشفى عسكري نُقل إليه قبل بدء القتال بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، قالت الأمم المتحدة إنه لا يوجد مؤشر واضح حتى الآن على أن أياً من (طرفي النزاع) مستعد للتفاوض.

وتفصيلاً، أعلن الجيش السوداني في بيان، أمس، أن الرئيس السابق عمر البشير محتجز في مستشفى تابع للقوات المسلحة نُقل إليه من السجن قبل اندلاع المعارك في 15 أبريل في الخرطوم.

وقال البيان إن البشير كان بين مجموعة «من العسكريين احتجزوا بمستشفى علياء، التابع للقوات المسلحة (في أم درمان)، نسبة لظروفهم الصحية قبل اندلاع التمرد، ولايزالون بالمستشفى تحت حراسة ومسؤولية الشرطة القضائية».

وفي تسجيل نشر مساء الثلاثاء، قال هارون إن سجن كوبر خلا من كل نزلائه من سجناء وحرّاس الأحد 23 أبريل، باستثناء قلّة لا تتجاوز الـ10 كان هو بينهم. وأضاف «بناء على طلب القوة المتبقية من قوة السجون، تحركنا لموقع آخر خارج السجن، تحت حراسة محدودة لا تتعدّى الثلاثة من تلك القوة». وتابع هارون إنه ورفاقه تلقوا وعوداً بالإفراج عنهم في اليوم نفسه. لكن ذلك لم يحصل. وبسبب الخطر وتواصل الاشتباكات، اتخذنا قرارنا الخاص بنا بأن نتحمّل مسؤوليتنا بحماية أنفسنا بأنفسنا.

وتبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الاتهام بالمسؤولية عن هرب عدد من السجناء.

في الأثناء، دخل وقف إطلاق النار المبرم في السودان برعاية أميركية، يومه الثاني، لكنه بقي هشاً وسط تقارير لشهود عن ضربات جوية، وإطلاق نار. كما تواصلت عمليات إجلاء الرعايا الأجانب من البلاد. وكان الطرفان أعلنا التزامهما هدنة لمدة 72 ساعة.

وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية أمس، هجوم المتمردين على مقر قيادة منطقة العاصمة المركزية، رغم الهدنة المعلنة لثلاثة أيام بداية من الثلاثاء.

وقال مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، في منشور أورده على حسابه بموقع «فيس بوك»،«تتواصل خروقات المتمردين للهدنة المعلنة، وذلك بمحاولة الهجوم في هذه الأثناء على مقر قيادة منطقة العاصمة المركزية التي ستصدهم وتكبدهم أفدح الخسائر».

من جهته، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس في مجلس الأمن الدولي، أول من أمس، إن وقف إطلاق النار يبدو صامداً في بعض المناطق حتى الآن.

لكنه أضاف أن أياً من الطرفين لا يبدو مستعداً للتفاوض بجدية، وهو ما يشير إلى أن كلاً منهما يعتقد أن بإمكانه تحقيق نصر عسكري على الآخر.

وقال بيرتس، متحدثاً إلى المجلس من مدينة بورتسودان «هذا خطأ في التقدير». وأضاف «المعارك استؤنفت قرب الحدود التشاديّة، وهناك تقارير متزايدة ومقلقة عن تسلّح قبائل وانضمامها إلى القتال»، مضيفاً أنّ اشتباكات بين مجموعات مختلفة اندلعت أيضاً في منطقة النيل الأزرق على الحدود الجنوبيّة الشرقيّة مع إثيوبيا.

كما أفاد شهود وكالة فرانس برس باندلاع اشتباكات استُخدمت فيها خصوصاً طائرات مقاتلة في ود بنده في غرب كردفان (جنوب)، وهي منطقة على الحدود مع دارفور.

وأفاد شهود بتحليق طائرات مقاتلة في سماء أم درمان، وقيام المضادات الأرضية بالتصدي لها.

وأكد آخرون وقوع اشتباكات بكل أنواع الأسلحة في منطقة سوبا جنوب شرق الخرطوم.

وخلّفت المعارك أكثر من 459 قتيلاً، وما يزيد على 4000 جريح، وفقاً للأمم المتحدة.

ومع انخفاض نسبي في حدة القتال في معظم أنحاء مدينة الخرطوم، تواصل الحكومات الأجنبية تنظيم عمليات إجلاء رعاياها عبر قوافل برية وطائرات وسفن لإخراج الآلاف من مواطنيها.

وأكد مسؤول عند معبر القلابات الحدودي بين السودان وإثيوبيا تزايد أعداد العابرين إلى الجانب الإثيوبي، منذ أن بدأت عمليات إجلاء الأجانب.

وقدّرت الأمم المتحدة أن 270 ألف شخص يمكن أن يفروا إلى تشاد وجنوب السودان المجاورين.

وأعلنت وزارة الخارجيّة السعوديّة أنّ سفينة تقلّ 1687 مدنيّاً من أكثر من 50 دولة، فرّوا من العنف في السودان وصلت إلى السعوديّة أمس، في أكبر عمليّة إنقاذ من نوعها تُنفّذها المملكة حتّى الآن. كما وصلت إلى فرنسا طائرة تقلّ 245 مواطناً فرنسا وأجنبياً.

وأجلت النرويج 22 من مواطنيها في طائرة عسكرية.

كما وصلت طائرة نقل عسكرية بريطانية إلى قبرص، وعلى متنها فارون من السودان.

ويعاني السكان الذين بقوا في الخرطوم انقطاعاً في المياه والكهرباء ووسط نقص فادح في المواد الغذائية، وانقطاعات متكرّرة في الهاتف والإنترنت.

وفي واشنطن أكد المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض مقتل أميركي ثان في السودان أول من أمس. وأضاف نعمل على تسهيل إجلاء عدد صغير من الأميركيين الراغبين في مغادرة السودان، كما سنواصل العمل دبلوماسياً مع الطرفين المتحاربين من أجل التوصل لوقف دائم لإطلاق النار.

تويتر