لمواجهة «الهيمنة الأميركية»

الصين في عهد شي تحاول إقامة نظام عالمي جديد

زيارة شي لموسكو تأتي في سياق السعي لعالم متعدد الأقطاب. أ.ف.ب

 تشكل زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ الأخيرة لروسيا جزءاً من محاولة بكين إعادة صياغة صورة الصين الدولية، وإعادة تشكيل المجتمع الدولي على أسس وفقاً لوجهة النظر الصينية، حسبما نقلت «إذاعة آسيا الحرة» عن معلقين في مقابلات وبرامج إذاعية حديثة.

وقالت وزارة الخارجية الصينية عن القمة التي عقدها الزعيمان، الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين، إن شي أجرى «تبادلاً معمقاً لوجهات النظر» مع بوتين حول القضايا الدولية والإقليمية الرئيسة ذات الاهتمام المشترك، بهدف تعزيز التنسيق الاستراتيجي والتعاون العملي، والتوقيع على إعلان بأن علاقتهما تدخل «حقبة جديدة»، في إشارة إلى كلمة شي المفضلة التي يرددها دائماً.

وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي يخرج فيه شي منتصراً من صراع طويل على السلطة، حيث نجح في تولي زمام البلاد لفترة رئاسية ثالثة.

شي الآن حر في توجيه الدبلوماسية الصينية إلى عصره الجديد، إذ يقول إنه سيكون «مستقبلاً مشتركاً للبشرية»، وهي عبارة يقول محللون إنها تعني أن بكين ستتطلع إلى إقامة تحالفات أقوى مع أنظمة أخرى لمواجهة «الهيمنة الأميركية».

وقالت توفيا جيرنج، الزميلة غير المقيمة في «المجلس الأطلسي»، إن السياسة الخارجية للصين في العقود الأخيرة ركزت عادةً على اتباع قيادة الدول الأخرى، أو تسهيل الترتيبات الدولية، بدلاً من إبراز نفسها كقوة عالمية للآخرين.

وقالت جيرنج: «في التوسط في النزاعات الإقليمية تميل الصين إلى لعب دور التابع أو الميسر بدلاً من دور القائد». وأضافت: «هذه المرة من المدهش أن الصين لا تقود فقط النزاعات الدولية بل تتوسط فيها بنجاح دون وجود الولايات المتحدة».

وكانت جيرنج تشير إلى زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى بكين، التي تلاها بيان ثلاثي من الصين والسعودية وإيران في 10 مارس، حيث أعلنت الصين استئناف الرياض وطهران العلاقات الدبلوماسية.

ويعد هذا نجاحاً واضحاً لبكين، وهو الأول لها في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، ويمكن أن تتبعه نجاحات أخرى.

وقالت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية القومية الناطقة بالإنجليزية، إن الاتفاقية «دليل آخر على أن القطبية الأحادية لم تعد موجودة، وأننا بالفعل في نظام عالمي متعدد الأقطاب بحكم الواقع».

وقالت الصحيفة: «الشرق الأوسط والعالم ليس فقط في نظام ما بعد أميركا، ولكن أيضاً في نظام ما بعد الغرب».

وقالت جيرينج: «كما هو الحال في الشرق الأوسط، لا تريد الصين في الواقع استبدال الولايات المتحدة، لأنها لا تريد أن تتورط في نزاعاته، ولكن في مثل هذه النزاعات تنظر الصين أولاً في ما إذا كان يمكنها الاستفادة منها بمخاطر منخفضة للغاية كما فعلت مع الاتفاقية الإيرانية السعودية».

وقال موريتز رودولف، الزميل في مركز بول تساي الصيني في كلية الحقوق بجامعة ييل، إنه يعتقد أن الصين تحاول أيضاً أن تصبح ممثلاً عالمياً جاداً وواضعاً للمعايير الدولية.

وأوضح رودولف أنه «مع دخول الولايات المتحدة موسم الانتخابات الرئاسية، أعتقد أننا لن نفاجأ برؤية المزيد من النشاط الصيني في العامين المقبلين فقط».

وقال: «من المنظور الصيني يبدو أن سياستهم الخارجية تتجه نحو الجنوب العالمي مع محاولات لبناء تحالفات مع تلك الدول، واستخدام هذه التحالفات في السعي لتحقيق أهداف طويلة الأجل، مثل تغيير النظام الدولي. بالنسبة لي يبدو أن هناك هدفاً استراتيجياً حقيقياً لتشكيل النظام العالمي من خلال استخدام القانون».

وتوقع رودولف أن يكون لاستخدام المعاهدات الدولية والقوانين والاتفاقيات الملزمة الأخرى لتعزيز أهداف سياسة بكين آثار جانبية قوية.

وقال: «بمجرد أن تصبح الصين لاعباً عالمياً، فإن نظامها القانوني سوف يمتد أيضاً. هذه واحدة من تلك القضايا التي يمكن أن تغير بشكل جذري كيفية عمل العالم».

وأوضح أنها «عملية تدريجية، وفي مرحلة ما تستيقظ وتدرك أن النظام العالمي قد تغير. أصبحت القواعد أكثر صينية، وأصبح النظام العالمي صينياً أكثر أيضاً».

تويتر