عقب يوم من المواجهات الدامية في المنطقة الخضراء

أنصار الصدر ينسحبون من الشارع والجيش يرفع حظر التجوّل

شوارع بغداد أصبحت هادئة وخالية من الاحتجاج بعد انسحاب أنصار الصدر أمس. أ.ب

انسحب أنصار الزعيم العراقي مقتدى الصدر، أمس، من المنطقة الخضراء في بغداد بعد أن أمهلهم زعيمهم 60 دقيقة لوقف كل الاحتجاجات، مندّداً باستخدامهم العنف بعد مواجهات بينهم وبين القوى الأمنية وأفراد الحشد الشعبي أسفرت عن مقتل 23 منهم خلال 24 ساعة.

وفور بدء الانسحاب، أعلن الجيش رفع حظر التجوّل الذي أعلنه، أول من أمس، في البلاد.

وبدأت المواجهات التي استخدمت فيها الأسلحة الآلية والقذائف الصاروخية، أول من أمس، بعد نزول أنصار الصدر إلى الشوارع غاضبين، إثر إعلانه اعتزاله السياسة «نهائياً»، وتلت ذلك فوضى عارمة تطورت إلى اشتباكات.

وقال الصدر في مؤتمر صحافي عقده في النجف «إذا لم ينسحب كل أعضاء التيار الصدري خلال 60 دقيقة من كل مكان، حتى من الاعتصام، أنا أبرأ منهم، بغض النظر من كان البادئ أمس، أمشي مطأطأ الرأس وأعتذر للشعب العراقي الذي هو المتضرر الوحيد مما يحدث».

وأضاف «أنا أنتقد ثورة التيار الصدري. بئس الثورة هذه. بغض النظر عمن هو البادئ. هذه الثورة ما دام شابها العنف، ليست بثورة».

وفور انتهاء ندائه، بدأ أنصاره ينسحبون من المنطقة الخضراء في العاصمة التي تضمّ المؤسسات الرسمية والسفارات وتعتبر محصنة أمنياً، وسكت صوت السلاح.

ووقعت المواجهات بين «سرايا السلام» التابعة لمقتدى الصدر من جهة، وقوى أمنية وفصائل من الحشد الشعبي موالية لإيران تشكل جزءاً من القوات العراقية الرسمية.

وقتل خلال المواجهات في المنطقة الخضراء 23 من أنصار الصدر بالرصاص، وفق مصدر طبي، وجرح 380 آخرون.

وندّد الإطار التنسيقي، القوة الثانية في البرلمان بعد التيار الصدري والذي يضم ممثلين عن فصائل في الحشد الشعبي وأحزاب أخرى بينها ائتلاف «دولة القانون» برئاسة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، بـ«مهاجمة عناوين الدولة المختلفة، بما فيها مجلس القضاء والقصر الحكومي ومقر مجلس الوزراء وغيره، وتعطيل ومهاجمة مؤسسات الدولة»، في إشارة الى اقتحام أنصار الصدر هذه المؤسسات في مناطق مختلفة.

وأكد الوقوف «مع الدولة ومؤسساتها»، ودعا «جميع الفعاليات دينية وسياسية واجتماعية الى التدخل والمبادرة من أجل درء الفتنة، وتغليب لغة العقل والحوار، وتجنيب البلد مزيداً من الفوضى وإراقة الدماء».

كما دعا التيار الصدري «إلى العودة الى طاولة الحوار والعمل مع إخوانهم من أجل الوصول إلى تفاهمات مشتركة».

ويشهد العراق أزمة سياسية حادة منذ انتخابات 2021 بعد فشل أقطاب السياسة العراقية في الاتفاق على اسم رئيس جديد للحكومة، كما فشل البرلمان في انتخاب رئيس جديد. ويلتقي مقتدى الصدر والإطار التنسيقي على أن حل الأزمة يكمن في تنظيم انتخابات جديدة. لكن الصدر يريد حل البرلمان قبل كل شيء، بينما يريد الإطار التنسيقي تشكيل حكومة أولاً.

وتصدّر التيار الصدري نتائج الانتخابات الأخيرة ليشغل 73 مقعداً (من 329 هو مجموع مقاعد البرلمان)، لكن لم تكن لديه أغلبية تمكنه من تشكيل حكومة. وبسبب الفشل في الاتفاق على صيغة حكومية، أعلن الصدر في يونيو استقالة نوابه من البرلمان.

ومنذ قرابة الشهر، كان أنصاره يعتصمون قرب البرلمان مطالبين بحلّ مجلس النواب وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة من أجل السير بالبلاد على طريق الإصلاحات.

ويدعو الصدر إلى «إصلاح» أوضاع العراق من أعلى هرم السلطة إلى أسفله وإنهاء «الفساد» الذي تعانيه مؤسسات البلاد.

وغالباً ما يعلن الصدر الذي يتمتع بنفوذ كبير في العراق مواقف مفاجئة يعود ويتراجع عنها أحياناً. وهو لم يتوقف عن التصعيد في الأسابيع الأخيرة؛ فقد خيم أنصاره خارج البرلمان وأغلقوا لفترة وجيزة المنافذ إلى مجلس القضاء الأعلى.

ورداً على سؤال طرح عليه خلال المؤتمر الصحافي، أمس، عما سيحصل لاحقاً، رفض الصدر الرد، قائلاً إنه «لا يتعاطى السياسة».

وتشوب علاقة الصدر بإيران التي تتمتع بنفوذ كبير في العراق، الضبابية. فهو عاش لفترة طويلة في إيران، لكنه يتمسك في الوقت نفسه بشيء من الاستقلالية على الصعيد الوطني الداخلي.

تويتر