أصابع الاتهام تشير إلى مسؤولية إسرائيل عن مقتله

عملية اغتيال العقيد خودائي في إيران تهدف إلى تخريب الاتفاق النووي

صورة

لم يعلن أي طرف مسؤوليته عن الاغتيال الأخير الذي وقع لمسؤول إيراني، ولكن إذا صحت تكهنات الصحافة التي تشير إلى إسرائيل، فما هي المحفزات والأهداف وراء هذا العمل؟ ما نعرفه أن مسؤولاً كبيراً في الحرس الثوري الإيراني تم إطلاق النار عليه وقتله، عندما كان داخل سيارته أمام منزله في طهران من قبل مسلحين مجهولين يركبان دراجة نارية. وندرك أن قلة من الدول لديها المحفز والقدرات على تنفيذ اغتيالات في إيران، وأن إسرائيل، وربما عن طريق توظيف أعضاء في جماعة مجاهدي خلق وكلاء عنها، قامت باغتيال عدد من العلماء الإيرانيين بالطريقة ذاتها في السابق، وفق ما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

علاقة

وأثار اتهام إيران لإسرائيل بمسؤوليتها عن القتل، إضافة إلى أسلوب القتل الجريء، احتمال وجود علاقة بين حالة القتل الأخيرة وحالات القتل السابقة في إيران التي نسبت إلى إسرائيل، والتي استهدفت العلماء النوويين. وكان آخر عمليات القتل المهمة التي نسبت إلى إسرائيل مقتل محسن فخري زاده، رئيس برنامج الطاقة الذرية، في نوفمبر2020 قبل شهرين من دخول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض، الذي وعد خلال حملته الانتخابية بعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية النووية الإيرانية الموقعة عام 2015، والتي انسحب منها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

ووفق روايات صحافية لاحقة، فقد استهدفت إسرائيل أو عملاؤها فخري زاده باستخدام روبوت ذكي يتم التحكم به عن بعد، تم تهريبه إلى إيران على أجزاء عدة، ومن ثم تم تجميعه هناك.

فشل عمليات الاغتيال في تحقيق هدفها

وإذا كانت عمليات الاغتيال هذه تهدف أساساً إلى إعاقة التقدم في البرنامج النووي الإيراني، فقد ثبت فشلها إلى حد كبير، فبعد كل حالة اغتيال كانت وتيرة تطور البرنامج النووي الإيراني تتسارع، حتى إنه وصل الآن إلى نقطة يتوافر عندها ما لدى إيران من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة نووية او اثنتين في غضون أسبوعين، إذا قررت القيام بذلك فعلاً، وفق ما ذكره معظم الخبراء.

وعلى الرغم من أن هذه الاغتيالات بدت غير مرتبطة بتقدم البرنامج النووي، باستثناء ما يبدو حتى الآن أنها وفرت الدافع لتسريع وتيرة العمل في البرنامج، إلا أنها تزامنت مع الفترات التي كانت الولايات المتحدة وإيران خلالها قاب قوسين او أدني من تحقيق اختراق دبلوماسي.

إدانة

وفي الواقع فقد أدان فريق الرئيس السابق باراك أوباما عمليات الاغتيال التي قامت بها إسرائيل، لأنهم كانوا يدركون أن عمليات القتل لن تعرقل البرنامج النووي الإيراني، وأن هدفها الوحيد هو عرقلة العملية الدبلوماسية.

وأثار اغتيال أحد العلماء في عام 2012، تماماً في الوقت الذي بدأت فيه إدارة أوباما بالتحرك بهدوء نحو المفاوضات التي توجت باتفاقية أطلق عليها «خطة العمل المشترك والشامل» إدانات قوية بصورة استثنائية، من قبل كبار المسؤولين في الولايات المتحدة.

وربما تمنحنا هوية ضحية الاغتيال الأخيرة في إيران دليلاً على الهدف المحتمل منه، فالضحية يدعى حسن صياد خودائي، برتبة عقيد في الحرس الثوري الإيراني، وهي المنظمة ذاتها التي تم إدراجها على قائمة المجموعات الإرهابية في عهد الرئيس ترامب، وهي تشكل آخر نقطة شائكة تحول دون عودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية إيران النووية.

بايدن لايزال يرفض

وعلى الرغم من أن فريق بايدن يعرف، واعترف سابقاً، أن إبقاء الحرس الثوري الإيراني في قائمة الإرهاب لا يفيد مصالح واشنطن في لجم البرنامج النووي الإيراني، وأن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب وضعته على القائمة ليجعل العودة إلى اتفاقية إيران النووية أكثر صعوبة من الناحية السياسية على أي رئيس يخلفه، إلا أن بايدن يرفض حتى الآن إلغائه من هذه القائمة.

وثمة تقارير تفيد بأن طهران ربما تكون منفتحة على التنازل من أجل قضية إلغاء الحرس الثوري من قائمة الإرهاب كشرط من أجل العودة إلى قيود الاتفاقية النووية التي تلجم تخصيب اليورانيوم، إضافة إلى بنود رئيسة أخرى. وقال وزير خارجية قطر الذي يقوم بالوساطة بين طهران وواشنطن الشيء ذاته قبل أيام، فهل ثمة اختراق محتمل وشيك؟

وإذا كانت إسرائيل مسؤولة عن عملية القتل، فهل لهذا السبب استهدفت أحد ضباط الحرس الثوري بدلاً من عالم نووي؟ هل خلصت إلى نتيجة مفادها أن قتل ضابط في الحرس الثوري الإيراني، يمكن أن يستفز الحرس الثوري والمتشددين في إيران، بحيث يجعل تقديم تنازلات من طرفهم مسألة صعبة المنال؟

مسألة قانونية

من المؤكد أن ذلك سيتناسب مع الأنماط السابقة، حيث ظهرت أعمال قتل ارتكبتها إسرائيل تم توقيتها بهدف تخريب انخراط الدبلوماسية الأميركية مع إيران. وترى إيران أن موضوع إلغاء الحرس الثوري من قائمة الإرهاب مسألة مهمة، لأنها تجعل قتل أعضاء الحرس الثوري مسألة قانونية، بموجب القانون الأميركي.

ولا ندري إذا كانت إسرائيل وراء عملية القتل هذه أم لا. ولكنها إذا كانت فعلاً مسؤولة عنه، فإنها فعلت ذلك من أجل القضاء على أي احتمال بتقديم تنازلات تتعلق بوضع الحرس الثوري بين واشنطن وطهران، كما أنه يظهر فشل استراتيجية بايدن في السعي لاسترضاء إسرائيل حتى الآن في وقت تخريبها للدبلوماسية الأميركية.

تريتا بارسي كاتب وخبير بشؤون العلاقات بين إيران والولايات المتحدة


إذا كانت إسرائيل فعلاً مسؤولة عن اغتيال خودائي، فإنها فعلت ذلك من أجل القضاء على أي احتمال بتقديم تنازلات تتعلق بوضع الحرس الثوري بين واشنطن وطهران. بعد كل حالة اغتيال كانت وتيرة تطور البرنامج النووي الإيراني تتسارع، حتى إنه وصل الآن إلى نقطة يتوافر عندها ما لدى إيران من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة نووية أو اثنتين في غضون أسبوعين، إذا قررت القيام بذلك فعلاً.

أثار اتهام إيران لإسرائيل بمسؤوليتها عن القتل، إضافة إلى أسلوب القتل الجريء، احتمال وجود علاقة بين حالة القتل الأخيرة وحالات القتل السابقة في إيران التي نسبت إلى إسرائيل، والتي استهدفت العلماء النوويين.

تويتر