مسيرة نضال صحافية جابت الأراضي الفلسطينية على مدار 25 عاماً

شيرين أبوعاقلة.. مشوار مراسلة فلسطين ينتهي قبل اكتمال «التفاصيل»

صورة

يوم الأربعاء الموافق 11 مايو 2022، الساعة السادسة صباحاً بتوقيت فلسطين، تلك اللحظة الفاصلة بين الخبر وناقله، ففي هذه الأثناء، أرسلت الصحافية الفلسطينية الشهيدة شيرين أبوعاقلة خبراً عاجلاً إلى قناة الجزيرة، التي تعمل معها منذ عام 1997، مفادها أن عملية عسكرية إسرائيلية تشهدها مدينة جنين شمال الضفة الغربية.

بعد ذلك، وعلى الفور، توجهت شيرين إلى أرض الميدان، لتوثق عن قرب نبأ الاجتياح العسكري، وتذيعه أمام العالم أجمع، الذي ينتظر وقسم أخبار الجزيرة اكتمال تفاصيل الخبر من مراسلة الأراضي الفلسطينية، التي وقفت أمام ترسانة عسكرية بسترة الصحافة التي لم تكن واقية هذه المرة، من أجل توثيق وبث جرائم الاحتلال ضد العزل. «قوات الاحتلال تقتحم جنين، وتحاصر منزلاً في منطقة (الجابريات)، في الطريق إلى هناك، أوافيكم بخبر فور اتضاح الصورة»، «الجزيرة» تنتظر اكتمال تفاصيل هذا الخبر من مراسلتها في جنين، ولكن ما هي إلا لحظات معدودة، حتى أضحت شيرين هي الخبر الذي لا ترغب الفضائية الإخبارية بثه، ولا يتمنى سكان فلسطين قاطبة الاستماع إليه ومشاهدته، لتكن رصاصة القناصة الإسرائيلية في جسدها هي تفاصيل الحدث الدامي الذي شهدته جنين في لحظات العدوان الإسرائيلي الأولى.

وجود واضح واستهداف متعمد

«شيرين أصيبت أسفل الأذن بالرصاص الحي، الذي أطلقه جنود الاحتلال، فيما منعوا طواقم الإسعاف من الوصول إليها، وتقديم العلاج العاجل لها، لتستشهد على الفور، وتروي دماؤها أرض فلسطين، التي عهدت صوت شيرين على مدار الأيام والسنين»، تلك هي تفاصيل الخبر كاملة، التي لم تروِها هذه المرة شيرين، بل وثقها زميلها في قناة الجزيرة الصحافي الفلسطيني علي السمودي.

شيرين والسمودي كانا أول من دخل مخيم جنين إلى جانب الصحافي مجاهد السعدي، والصحافية شذا حنايشة، لتوثيق ونقل أحداث العملية العسكرية التي كان يشنها الاحتلال للتو، إلا أنهم جميعاً تحولوا إلى خبر شاهده القاصي والداني، إذ حاصرتهم القوات الإسرائيلية المقتحمة من جميع الاتجاهات، فيما كانت الطلقات النارية تنطلق بجانبهم من كل حدب وصوب.

استشهدت شيرين، وأصيب الصحافي السمودي، الذي يعمل منتجاً للأخبار في مكتب قناة الجزيرة داخل الأراضي الفلسطينية، ليصبح الشاهد على جريمة استهداف شيرين أبوعاقلة، التي نفذتها قوات الاحتلال، وفقاً لما يؤكده السمودي.

ويقول الصحافي الفلسطيني لـ«الإمارات اليوم»، بينما خطت ملامح وجهه آثار حزن الفراق وألم الإصابة: «كنت موجوداً برفقة الزميلة أبوعاقلة ومجموعة من الصحافيين، في محيط مدارس وكالة الغوث قرب مخيم جنين، وكان الجميع يرتدي الخوذات والزي الخاص بالصحافيين، وكان المكان الذي توجد فيه والصحافيون واضحاً ومعلوماً لقوات الاحتلال المقتحمة، التي كانت تراقب وتكشف جميع زوايا المنطقة التي خلت تماماً من الشبان أو حتى السكان المدنيين». ويواصل السمودي حديثه: «بينما كنا نبحث عن طريق آمن نسلكه لتغطية أحداث اقتحام جنين، فوجئنا بإطلاق قوات الاحتلال رصاص أسلحتها الرشاشة بشكل مباشر ومتعمّد تجاه المكان الذي نوجد فيه».

على الفور أصيب السمودي في ظهره، ليسقط أرضاً على بعد أمتار عدة من شيرين، بينما كان يشاهد إطلاق الأعيرة النارية تجاه زميلته، التي أصابتها بشكل مباشر في منطقة الأذن والرأس، لتفيض روحها إلى السموات السبع، وتبقى حادثة قتلها حاضرة إلى الأبد في ذهن من كان حاضراً في قلب الحدث.

3 دقائق من إطلاق النار

الصحافية شذا حنايشة مراسلة موقع «ألترا فلسطين» الإخباري، من سكان مدينة جنين، رافقت شيرين أثناء تغطية أحداث اقتحام جنين، وكانت بالقرب منها لحظة اطلاق جنود الاحتلال الإسرائيلي الأعيرة النارية الحية مباشرة صوب مراسلة الجزيرة، والطواقم الصحافية الفلسطينية الموجودة في مكان الحدث.

وتروي حنايشة فصول أحداث استهداف القوات الإسرائيلية لأبوعاقلة والصحافيين الفلسطينيين، مؤكدة أن ما جرى جريمة اغتيال عن عمد لمراسلة الجزيرة والطواقم الإعلامية التي وجدت في جنين، لفضح ممارسات استهداف المدنيين.

وتقول مراسلة ألترا فلسطين: «كنت موجودة بالقرب من الزميلة أبوعاقلة في منطقة مكشوفة، نرتدي الزي الصحافي الكامل، ونحمل معداتنا الصحافية الواضحة بشكل جلي لقوات الاحتلال، التي استمرت في إطلاق الأعيرة النارية تجاهنا على مدار ثلاث دقائق متواصلة، لم أستطع أثناء ذلك التحرك بفعل كثافة الرصاص، واحتميت خلف جذع شجرة كانت تفصلني عن شيرين».

وتواصل حنايشة حديثها بصوت حزين وعيون دامعة: «بينما يطلق جنود الاحتلال الرصاص تجاهنا، سقطت شيرين أرضاً وقد توقف جسدها عن الحركة والتنفس، وعلى الفور حاولت سحبها تجاهي، ولكن دون جدوى».

وتؤكد الصحافية الفلسطينية أن من أطلق النار أصاب شيرين بمنطقة قاتلة ومكشوفة في رأسها، التي لا تحميها سترة الصحافة أو الخوذة الواقية.

مسيرة نضال صحافي

«كانت معكم من الأراضي الفلسطينية شيرين أبوعاقلة»، لم تبرح هذه العبارة أي منزل على مدار 25 عاماً، جابت خلالها شيرين أرجاء فلسطين قاطبة، توثق أوجاع المهجرين، وترصد دموع أمهات الشهداء والأسرى، ودموع أطفالهم المحرومين.

شيرين أبوعاقلة، التي ولدت في مدينة بيت لحم في عام 1971، وعاشت في مدينة القدس الشريف، تعد واحدة من أهم وأبرز الشخصيات الإعلامية الفلسطينية، وقد تعرضت خلال مسيرتها الإعلامية لمحاولات عدة للاستهداف من قبل قوات الاحتلال، والإبعاد عن مكان سكنها، وتعرّضها للحصار والاعتداء والمضايقات داخل المناطق والمدن التي تتعرض للعمليات العسكرية الإسرائيلية.

وانطلاقاً من قطاع غزة جنوب فلسطين، وحتى رأس الناقورة أقصى شمالها، شهدت جميع المناطق والأراضي الفلسطينية، تقدم الصحافية أبوعاقلة الصفوف الأولى للمشاركة في تغطية ونقل مجريات كل الأحداث المستمرة والمتلاحقة، فقد شهدت شيرين جميع اقتحامات الاحتلال لمدن الضفة الغربية، ومدينة القدس، وحصار الرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات في مقر رئاسته، ونقلت عن قرب جميع الحروب التي تعرضت لها غزة المحاصرة على مدار السنوات الماضية.

• من أطلق النار أصاب شيرين بمنطقة قاتلة ومكشوفة في رأسها، التي لا تحميها سترة الصحافة أو الخوذة الواقية.

• شهدت شيرين جميع اقتحامات الاحتلال لمدن الضفة الغربية، ومدينة القدس، وحصار الرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات في مقر رئاسته، ونقلت عن قرب جميع الحروب التي تعرضت لها غزة المحاصرة على مدار السنوات الماضية.

تويتر