بهدف حراسة العقارات المسلوبة في المدينة المقدسة والاستيطان داخلها

تجنيد المستوطنين.. «شبح الضم» يخيم على منازل المقدسيين

صورة

هجمات الاستيطان داخل أحياء وبلدات مدينة القدس الشريف تتمدد دون حدود لتوقفها، ومن أجل إحكام كامل قبضتها، بدأت الجمعيات الاستيطانية في المدينة المقدسة بتجنيد المستوطنين ضمن جهاز مستقل، كوسيلة لتكثيف الاعتداءات ضد السكان المقدسيين، وجعل شبح الضم يخيم على منازلهم وأراضيهم.

وبحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، فإن الجمعيات الاستيطانية تعمل بشكل مستقل أشبه بعمل أجهزة المخابرات، إذ تجند المستوطنين المدربين على حمل السلاح بمقابل مادي، من أجل حراسة وشغل العقارات المسلوبة في المدينة المقدسة، إلى حين تسكين عوائل استيطانية فيها.

وتشهد المدينة المقدسة نشاطاً متصاعداً من الجمعيات الاستيطانية، وعلى رأسها «العاد» و«عطيرت كوهنيم»، من أجل تنفيذ عمليات سلب بيوت المقدسيين وممتلكاتهم في البلدة القديمة، وطردهم منها، تماماً كما يجري في بلدات سلوان وجبل المكبر، وأحياء الشيخ جراح وبطن الهوى.

إرهاب استيطاني

المحامي الفلسطيني مدحت ديبة المختص في الدفاع عن منازل المقدسيين المسلوبة، والمهددة بالهدم، داخل أروقة محاكم الاحتلال، يبين أن الجمعيات الاستيطانية تختار المجندين المستوطنين وتدربهم على حمل السلاح منذ عمر 18 عاماً، وغالباً ما يتم مشاركتهم في وحدات خاصة لها احتكاك مباشر ودائم مع الفلسطينيين، من أجل تنفيذ أكبر قدر من الإرهاب الاستيطاني بحقهم.

ويقول ديبة لـ«الإمارات اليوم»، في لقاء خاص: «هناك فتية من المستوطنين، وهم بالعادة مسلحون يحملون الرشاشات الثقيلة، ويتمركزون في القرى والبلدات الفلسطينية، التي يوجد بها مناطق الزراعة والري، حيث يمنعون بقوة السلاح المواطنين من الوجود داخل أراضيهم، ومن ثم السيطرة شيئاً فشيئاً على ممتلكات وأراضٍ واقعة ضمن المنطقة (C) حسب اتفاقية أوسلو، لإقامة البؤر الاستيطانية، ومن ثم المستوطنات الدائمة عليها».

ويشير المحامي الفلسطيني إلى أن الاحتلال اعتمد تجنيد المستوطنين منذ ستة أعوام، عندما سمح للمستوطنين الذين اعتدوا على قوات الشرطة لحظة إخلاء بعض المستوطنات والبؤر الاستيطانية العشوائية بدمجهم في الوحدات الخاصة التابعة للجيش الإسرائيلي من أجل تنفيذ الاعتداءات بحق الفلسطينيين، داخل بلداتهم وقراهم.

ويلفت إلى أن مشاركة المستوطنين في الصفوف الأمامية للاعتداء على المقدسيين تعد خطراً كبيراً يستهدف وجودهم داخل منازلهم والأحياء التي يعيشون بداخلها منذ آلاف السنين، وإجبارهم قسرياً على التهجير.

تضييق الخناق

من جهة ثانية، يؤكد المختص في شؤون مدينة القدس المحامي المقدسي خالد زبارقة، أن الإجراء الاحتلالي الخاص في قضية تجنيد المستوطنين وتدريبهم على السلاح شهدته أحياء عدة في المدينة المقدسة، وخلال ممارسات وأحداث ضد المواطنين، بغرض تسليط وتكثيف اعتداءاتهم الموجهة بحق السكان الأصليين ومنازلهم.

ويوضح أن تجنيد المستوطنين يأتي في سبيل إحكام قبضة الاستيطان وتضييق خناق الحصار المسلط على رقاب السكان المقدسيين، من أجل تهجيرهم قسرياً.

ويتابع زبارقة: «تحتضن المستوطنات الجاثمة على أراضي المدن والبلدات الفلسطينية مجموعات إسرائيلية مسلحة (ميليشيات)، تدربت على السلاح وتنفيذ مهام استيطانية من أجل تأدية دور المخطط الصهيوني، وتمرير المشروع الاستيطاني في المدينة المقدسة، والمعروف باسم (القدس الكبرى) على أرض الواقع».

ويشير المختص في شؤون المدينة المقدسة إلى أن الجمعيات الاستيطانية تعمل تحت غطاء حكومة الاحتلال من أجل سلب المنازل والأرض التي تعود ملكيتها للفلسطينيين منذ آلاف السنين، وتنفيذ مخططات المشروعات الاستيطانية الاحتلالية.

معاناة الفلسطينيين

السيدة المقدسية أسماء الشيوخي (أم محمد - 58 عاماً)، تعد أحد الأمثلة الحية لاعتداء المستوطنين المسلحين على المقدسيين داخل أحياء البلدة القديمة في مدينة القدس الشريف، حيث تعاني اعتداءات المستوطنين الذين يحرسون منزلاً صودر من أصحابه المقدسيين، ويقطنون بداخله، والذي يجاور منزلها الكائن في منطقة «حوش التولة» وسط حي البستان، جنوب المسجد الأقصى المبارك.

وتقول السيدة المقدسية التي تسكن على بعد 200 متر من المسجد الأقصى المبارك: «نحن لا نسلم من اعتداءات المستوطنين الذين سلبوا المنازل المجاورة في أحياء بلدة سلوان المقدسية، حيث ينتشرون في محيط منزلي، ويطلقون الشتائم العدائية، إلى جانب ممارساتهم الاستفزازية المتمثلة بمراقبة تحركاتنا بواسطة كاميرات المراقبة المنتشرة أمام المنزل وفي محيطه».

وواجهت الشيوخي خلال الفترة الماضية موجة من الإجراءات التعسفية، والمتمثلة في مطالبتهم برحيلها من منزلها، إلى جانب استلامها في شهر أكتوبر الماضي قرار هدم منزلها الذي تعيش فيه منذ عام 1920.

وتضيف أم محمد: «عندما تسلمت قرار الهدم من قبل طواقم بلدية الاحتلال في المدينة المقدسة، أخبروني أن المستوطنين المجاورين لمنزلي يشتكون مني، ويصفون أبنائي بأبناء الإرهابية، وأنه لابد من إخراجي من المنطقة، لأن منزلي يعيق الرؤية أمامهم».

ووفقاً لتقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، الذي غطى الأشهر العشرة الأولى من العام المنصرم 2021، سجلت 410 اعتداءات من قبل المستوطنين ضد الفلسطينيين، 302 منها نفذت ضد الممتلكات، و108 ضد المواطنين الفلسطينيين.

• مشاركة المستوطنين في الصفوف الأمامية للاعتداء على المقدسيين يعد خطراً كبيراً يستهدف وجودهم داخل منازلهم والأحياء التي يعيشون بداخلها منذ آلاف السنين.

• وفقاً لتقرير (أوتشا)، الذي غطى الأشهر العشرة الأولى من العام المنصرم، سجلت 410 اعتداءات من قبل المستوطنين ضد الفلسطينيين، 302 منها نفذت ضد الممتلكات، و108 ضد المواطنين الفلسطينيين.

• الجمعيات الاستيطانية، وعلى رأسها «العاد» و«عطيرت كوهنيم»، تختار المستوطنين وتدربهم على حمل السلاح من عمر 18 عاماً، ويتم مشاركتهم في وحدات لها احتكاك مباشر ودائم مع الفلسطينيين من أجل تنفيذ أكبر قدر من الإرهاب الاستيطاني بحقهم.

تويتر