"طائرات رخيصة" تهدد الجيش الأميركي وتتحول إلى "أكبر خطر"

أكد العديد من الخبراء أن الطائرات بدون طيار "الدرونز" الصغيرة الزهيدة الثمن باتت تشكل تهديدا عسكريا جديدا يثير قلق الجيش الأميركي، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال".

وكان رئيس القيادة المركزية الأميركية، الجنرال كينيث ماكنزي، قد أوضح أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب في أبريل الماضي، أن الطائرات المسيرة هي أكبر خطر منذ استخدام العبوات الناسفة في العراق قبل حوالي 15 عاما، إذ مكن التطور السريع للدرونز، الميليشيات والجماعات الإرهابية وبعض الجيوش من مهاجمة أهداف عالية القيمة بتكلفة منخفضة.

فقد زودت العديد من الميليشيات أو الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش والمتمردين الحوثيين في اليمن، الطائرات بدون طيار بالمتفجرات لمهاجمة المركبات المدرعة باهظة الثمن والمنشآت العسكرية، وكذلك مصافي النفط والموانئ والمطارات المدنية.

وغالبًا ما يتم شراء الطائرات بدون طيار عبر الإنترنت أو تجميعها من الأجزاء المشتراة عبر الإنترنت، لتكون بديلا فعالا ورخيصا في شن العديد من الهجمات.

وفي هذا الصدد، يقول الخبير في عمل الطائرات بدون طيار، آرثر هولاند مايكل، إنه "من الممكن بشكل أو بآخر تأمين المباني الحساسة من الأرض، لكن من الصعب جدا تأمينها ضد هجوم من الجو".

وأضاف مايكل: "حتى لو تم تأمين المنطقة ضد الهجمات الجوية التقليدية، من الطائرات الأكبر حجما، وصولا إلى الصواريخ البالستية، فإن صغر حجم الطائرات المسيرة يقلل كثيرا من فعالية التصدي لها".

وقال مايكل، في حديث سابق لموقع "الحرة" إن "سهولة الوصول إلى الطائرات المسيرة، وسهولة تسليحها النسبية، يجعل من الجميع قادرين على الحصول عليها، مما يزيد خطورتها".

وكانت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في العراق قد شنت العديد من الهجمات باستخدام الدرونز في العام 2021، وقد شملت تلك الهجمات اعتداءات على السفارة الأميركية في بغداد، ومقر إقامة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، والتي وصفت بأنها محاولة اغتيال.

وكذلك اصطدمت طائرات بدون طيار بسفينة تجارية في بحر العرب في يوليو  الماضي، مما أسفر عن مقتل اثنين من طاقمها، بحسب "وول ستريت جورنال".

والأربعاء، تعرضت قاعدة عين الأسد الجوية غربي الأنبار في العراق، لهجوم صاروخي وفق ما ذكر مصدر أمني محلي وآخر في التحالف الدولي لمحاربة داعش، وذلك في ثالث هجوم مماثل منذ الاثنين في العراق.

وسلطت هجمات الطائرات بدون طيار على السعودية على الفارق الكبير بين التكلفة الزهيدة للهجمات والثمن الباهظ للتصدي لها، فالدفاعات الجوية السعودية تتصدى في كثير الأحيان لهجمات الدرونز بإطلاق صواريخ باتريوت أرض - جو، والتي يكلف الواحد منها حوالي 3 ملايين دولار، ناهيك عن الأثمان الباهظة للصواريخ التي تطلقها الطائرات المقاتلة لإحباط تلك الهجمات، بحسب الصحيفة الأميركية.

وتحلق الطائرات الصغيرة بدون طيار على ارتفاع منخفض وببطء ويمكن أن تغير مسارها بشكل حاد، مما يربك الرادار الذي يبحث عن طائرات أو صواريخ كبيرة وسريعة وعالية التحليق. وإذا كانت الطائرات بدون طيار محملة بالمتفجرات، فإن إجبارها على الخروج من السماء يمكن أن يعرض الأشخاص والمنشآت الموجودة على الأرض للخطر.

وأكدت الصحيفة الأميركية أن الولايات المتحدة حاليا تسابق الوقت لتطوير دفاعات متطورة وأكثر فعالية وأرخص تكلفة لمواجهة الدرونز، مشيرة إلى أن واشنطن تركز  في ذلك على الأسلحة الدفاعية التي تعتمد على الليزر وموجات الراديو (الميكرويف) لأنها تعمل بالكهرباء، ويمكن أن تستهدف بسرعة أعدادًا كبيرة من الطائرات بدون طيار.

ولتحديد وتعقب الطائرات بدون طيار بشكل أفضل، تسعى الجيوش إلى دمج البيانات من أجهزة استشعار مختلفة بما في ذلك الرادار والكاميرات وأجهزة مسح الترددات الراديوية، وقد كان إسقاط طائرة بدون طيار إيرانية عام 2019 في مضيق هرمز بواسطة جهاز تشويش مثبت على مركبة تابعة للبحرية على متن السفينة "يو إس إس بوكسر" نقطة تحول في مواجهة هذه الطائرات .

بيد أن سلاح التشويش سرعان ما أصبح قديمًا، إذ تحسنت قدرات الطائرات بدون طيار في مواجهته، وتكيف المهاجمون مع ذلك من خلال وضع الدرونز على نظام الطيار الآلي (توجيهات مسبقة)، مما أدى إلى تقليص الاتصالات وجعل التشويش غير فعال.

وذكر مايكل، الذي يعمل أيضا كخبير بمجلس الأخلاقيات في السياسة الدولية في معهد كارنيغي الأميركي للدراسات، أن لأنظمة التشويش عيوب أخرى أبرزها إمكانية تداخلها مع إشارات المعدات العسكرية أو المدنية الصديقة.

وقال إنه "من الصعب مواجهة الطائرات المسيرة بشكل كامل، إذ أن الآليات الدفاعية، سواء البرمجية أو الراديوية أو القذائف، تعمل كلها بفعالية نسبية، خاصة مع الطائرات الموجهة الأكثر تطورا".

وتعمل القوات الجوية الأميركية على تطوير سلاح "ميكروويف عالي القوة" للتصدي الطائرات بدون طيار.

ويتكون السلاح من رادار ومدفع ميكروويف مثبت فوق حاوية شحن بطول 20 قدمًا.

وفي تقييم ميداني حديث، قام النظام بتدمير 90 بالمئة من أهدافه، ويقول المسؤولون إن بإمكانهم التقدم لنحو 100 بالمئة من تدمير الأهداف.

ورغم أن الاستثمار في ذلك النوع من الدفاعات والتي باتت تعرف باسم "أسلحة الطاقة الموجهة" يكلف الملايين، ولكن فإن تكلفة استخدامها في كل مرة سوف تكون أرخص، وفقا لما يرى رون داوك، مدير برنامج الليزر والأنظمة الكهروضوئية في شركة "Boeing Co".

ويتفق معه الميجر جنرال بالقوات الجوية، أليكسوس أ. مدير، الذي يقول إنه ومقارنة بالصواريخ فإن التكلفة سوف تنخفض بشكل كبير عند الاستعانة بأسلحة الطاقة الموجهة، والتي يمكن استخدامها مرارا وتكرارا لمواجهة أعداد كبيرة من الطائرات المسيرة.

وقد أرسلت قوات المارينز والقوات الجوية بالفعل أنظمة ليزر من بوينغ ورايثيون إلى القوات الأميركية في العراق، والتي يمكن تثبيتها على حوامل ثلاثية القوائم أو نشرها على مركبات لمزيد من المرونة في التحرك، بحسب الصحيفة الأميركية.

 

تويتر