قيس سعيد يقيل هشام المشيشي ويجمّد عمل البرلمان 30 يوماً

تونس تواجه أزمة بعد عزل الرئيس للحكومة

صورة

واجهت تونس أكبر أزمة لها منذ تذوقها الديمقراطية قبل 10 سنوات، أمس، بعد أن أطاح الرئيس قيس سعيد بالحكومة، وجمّد أنشطة البرلمان، في خطوة وصفها خصومه بأنها انقلاب يجب معارضته في الشارع.

وفي بيان صدر في ساعة متأخرة من مساء الأحد، استخدم سعيد الدستور لإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي، وتجميد عمل البرلمان لمدة 30 يوماً، قائلاً إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد.

وجاءت هذه الخطوة بعد يوم من الاحتجاجات ضد الحكومة وحزب النهضة الإسلامي، وهو أكبر حزب في البرلمان، عقب زيادة في الإصابات بفيروس «كورونا»، وتزايد الغضب من الخلل السياسي المزمن والمشكلات الاقتصادية.

ويشكل هذا أكبر تحدٍّ حتى الآن لتونس، بعد ثورة 2011 التي أطلقت شرارة «الربيع العربي»، وأطاحت بالحكم المطلق لمصلحة الحكم الديمقراطي، لكنها فشلت في تحقيق الحكم السليم أو الرخاء.

وفي الساعات التي أعقبت إعلان سعيد، تجمعت حشود ضخمة لدعمه في تونس ومدن أخرى، وتعالت الهتافات والزغاريد، في الوقت الذي طوّق فيه الجيش مبنى البرلمان والتلفزيون الحكومي.

تنديد

وندد رئيس مجلس النواب، راشد الغنوشي، الذي يترأس حزب النهضة، الذي لعب دوراً في الحكومات الائتلافية المتعاقبة، هذه الإجراءات، ووصفها بأنها انقلاب واعتداء على الديمقراطية.

ووصل الغنوشي إلى مبنى البرلمان في الساعات الأولى من صباح أمس، حيث قال إنه سيدعو إلى جلسة تحدٍّ لسعيد، لكن قوات الجيش المتمركزة خارج المبنى منعت الغنوشي، المنفي السياسي السابق البالغ من العمر 80 عاماً، من الدخول.

وقال خارج مبنى البرلمان إنه يعترض على جمع كل السلطات في يد شخص واحد. ودعا في وقت سابق التونسيين للنزول إلى الشوارع، كما فعلوا يوم الثورة في 2011، للاعتراض على هذه الخطوة.

وأظهرت صور بثها التلفزيون بعد ذلك مواجهة العشرات من أنصار النهضة مع أنصار سعيد بالقرب من مبنى البرلمان، حيث تبادلوا الشتائم، في الوقت الذي كانت الشرطة تفصل فيه بينهم. ورفض سعيد، السياسي المستقل الذي تولى السلطة في 2019، الاتهامات بأنه قام بانقلاب. وقال إنه استند في إجراءاته على المادة 80 من الدستور، ووصفها بأنها رد شعبي على الشلل الاقتصادي والسياسي الذي تعاني منه تونس منذ سنوات.

ولكن لم يتم على الإطلاق إنشاء محكمة خاصة ينص عليها دستور 2014 للفصل في مثل هذه الخلافات بين فروع الدولة التونسية، بعد سنوات من الجدل حول اختيار القضاة، ما يسمح بتفسيرات مناقضة للقانون.

وضع أسوأ

انضم حزبان رئيسان في البرلمان، هما «قلب تونس» و«الكرامة»، إلى حزب النهضة في اتهام سعيد بالانقلاب. وقال الرئيس السابق، منصف المرزوقي، الذي ساعد في الإشراف على الانتقال إلى الديمقراطية بعد الثورة، إن ذلك قد يمثل بداية منحدر «إلى وضع أسوأ». وقال سعيد، في بيانه الذي أعلن فيه إقالة المشيشي وتجميد البرلمان، إنه علق أيضاً الحصانة القانونية لأعضاء البرلمان.

وحذّر سعيد من أي رد مسلح على إجراءاته، وقال «انبه الكثيرين الذين يفكرون في اللجوء للسلاح. ومن يطلق رصاصة ستجابهه القوات المسلحة بالرصاص». ويحظى سعيد بدعم مجموعة كبيرة من التونسيين، بمن في ذلك الإسلاميون واليساريون.

وظلت حشود، يصل عددها إلى عشرات الآلاف، في شوارع تونس ومدن أخرى، حيث أطلق البعض ألعاباً نارية لساعات بعد إعلان سعيد، في الوقت الذي كانت فيه طائرات هليكوبتر تحلق في سماء المنطقة. وقالت لمياء مفتاحي أثناء الاحتفال بوسط العاصمة التونسية إن الناس ارتاحت منهم، وذلك في إشارة إلى البرلمان والحكومة. وأضافت «هذه أسعد لحظة منذ الثورة».

من جهته، أعلن حزب التيار الديمقراطي، القريب من الرئيس التونسي، قيس سعيد، أمس، رفضه للقرارات التي أعلنت ليلة الأحد/‏‏‏‏الإثنين.

وجاء في بيان للحزب الممثل في البرلمان أنه يختلف مع تأويل رئيس الجمهورية للفصل 80 من الدستور، ويرفض ما ترتب عنه من قرارات وإجراءات خارج الدستور.

واستند الرئيس إلى مضمون الفصل، الذي يتيح له اتخاذ تدابير استثنائية في أوضاع محددة، مستفيداً من الاحتجاجات وأعمال الشغب التي اجتاحت عدداً من المدن التونسية، أول من أمس.

وقال حزب التيار إنه «لا يرى حلاً إلا في إطار الدستور»، داعياً إلى توحيد الجهود للخروج بالبلاد من الأزمة باحترام الديمقراطية وحقوق الإنسان ومقاومة الفساد السياسي.

وتم انتخاب الرئيس والبرلمان في انتخابات شعبية منفصلة في 2019، في حين تولى رئيس الوزراء هشام المشيشي منصبه في الصيف الماضي، ليحل محل حكومة أخرى لم تستمر سوى فترة وجيزة.

في الوقت نفسه، أسفرت الانتخابات البرلمانية عن برلمان مقسم، لم يشغل فيه أي حزب أكثر من ربع المقاعد.

وتدور خلافات سياسية بين الرئيس والمشيشي منذ عام، مع مكافحة البلاد لأزمة اقتصادية ومالية تلوح في الأفق، وتصدٍّ غير ناجح لجائحة «كورونا».

بموجب الدستور، فإن الرئيس مسؤول بشكل مباشر عن الشؤون الخارجية والجيش فقط، ولكن بعد ما شهدته مراكز التطعيم من فوضى الأسبوع الماضي، طلب الرئيس من الجيش تولي مسؤولية التصدي للجائحة.

وأدى ارتفاع معدلات الإصابة والوفيات في تونس إلى زيادة الغضب العام من الحكومة.

• خلال الساعات التي أعقبت إعلان سعيد، تجمعت حشود ضخمة لدعمه في تونس ومدن أخرى، وتعالت الهتافات والزغاريد في الوقت الذي طوّق فيه الجيش مبنى البرلمان والتلفزيون الحكومي.

• تدور خلافات سياسية بين الرئيس والمشيشي منذ عام مع مكافحة البلاد أزمة اقتصادية ومالية تلوح في الأفق، وتصدٍّ غير ناجح لجائحة «كورونا».

تويتر