بسبب المخاوف من تفشي «كورونا»

الألعاب الأولمبية 2020 تلقي بظلال قاتمة على مستقبل رئيس وزراء اليابان

صورة

في مثل هذه الأيام من العام الماضي، كانت الآمال كبيرة في أن تكون دورة الألعاب الأولمبية «طوكيو 2020» وأولمبياد المعاقين، احتفالًا جماعياً بالفوز على فيروس كورونا. ولكن يبدو أن هذا التفاؤل سابق لأوانه في الوقت الذي يقترب فيه افتتاح الألعاب في 23 يوليو.

فمع تلقيح 20% فقط من المواطنين اليابانيين، تنتشر المخاوف من أن تصبح الألعاب الأولمبية حدثاً يساعد على تسريع انتشار فيروس كورونا، وأظهر استطلاع نشرته صحيفة «أساهي شيمبون» في 28 يونيو أن 60% من الناخبين في طوكيو يريدون إلغاء الألعاب.

كُلفة باهظة

وبالتالي فإن استضافة الألعاب تأتي بكُلفة باهظة للطبقة السياسية في اليابان. وأكثر الضحايا السياسيين حاكمة طوكيو، يوريكو كويكي، التي اضطرت لقضاء الأسبوع الماضي في السرير بعد أن تغلب عليها التعب الناجم عن الاجتماعات والمؤتمرات الصحافية المتواصلة. كما تعرض رئيس الوزراء يوشيهيدي سوغا لأزمات سياسية بسبب إصراره على المضي قدماً في الألعاب جنباً إلى جنب مع تعامل حكومته البطيء وغير الكفؤ مع الوباء.

ويصرّ منظمو الأولمبياد على أنه يمكن التخفيف من مخاطر العدوى من خلال فرض تدابير سلامة صارمة. وسيتم إجراء اختبارات طبية لـ11 ألف رياضي يومياً، من المقرر أن يشاركوا في المنافسة، كما سيتم مراقبة مواقعهم عبر نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس). وقد يؤدي عدم الامتثال لهذه التدابير إلى فرض غرامات، وحتى الطرد من الألعاب المستقبلية. ولكن مع منع المشاهدين الأجانب من السفر إلى اليابان لحضور الألعاب، لايزال من المتوقع أن يسافر نحو 15 ألف رياضي، و53 ألف مسؤول (أقل من 180 ألفاً كان من المتوقع حضورهم في البداية).

في أواخر يونيو، أعلنت اللجنة المنظمة في طوكيو أن عدد المشاهدين المحليين سيقتصر على 50% من سعة المكان، أو 10 آلاف مشاهد لكل موقع مخصص لهم، أو أيهما أقل. ولكن مع ارتفاع عدد الحالات في طوكيو إلى أكثر من 500 حالة إصابة في اليوم، فإن آخر خطة تتمثل في أن يقتصر العدد على 5000 مشاهد لكل موقع، على أن يتم تنظيم جميع الأحداث الكبيرة خلف الأبواب المغلقة. وإذا مضت البلاد في اتخاذ هذا القرار الأخير، فقد يقل عدد المشاهدين في كل حدث عن 40% عما كان مخططاً له من قبل، بما في ذلك حفلا الافتتاح والختام. وحذرت اللجنة من أنها قد تحظر المشاهدين تماماً.

وسيؤدي إلغاء الألعاب إلى خسائر مالية ضخمة للحكومة، حيث تبلغ الكُلفة الرسمية للأولمبياد 15.4 مليار دولار، لكن عمليات التدقيق الحكومية على مدى السنوات العديدة الماضية تشير إلى أنها أعلى بكثير مما هو معلن. وكل هذا المبلغ، باستثناء 6.7 مليارات دولار، يأتي من الخزانة العامة.

تصميم

ويبدو أن اللجنة الأولمبية الدولية مصممة على المضي قدماً في دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن ما يقرب من 75% من دخلها يأتي من بيع حقوق البث.

ويأمل المذيعون في أن تكون دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020 أكثر الألعاب الأولمبية ربحية على الإطلاق، لكن هذه الحسابات معرضة للخطر، إذا كان قلة عدد المشاهدين ستؤثر على عدم اهتمام مشاهدي التلفزيون بهذا الحدث. وبالنظر إلى أنه طُلب من المتفرجين الامتناع عن الهتاف، فهذا احتمال وارد.

ومع ذلك ينتشر القلق من أن يؤدي تدفق الزوار إلى ارتفاع حاد في حالات «كوفيد» على نطاق واسع في طوكيو. وقد يتفاقم ذلك بسبب الوتيرة البطيئة في تقديم اللقاحات في البلاد. لكن وتيرة اللقاح تسارعت في الأسابيع الأخيرة، حيث حققت الحكومة هدفها الوطني بتطعيم مليون شخص يومياً، لكن ليس بالسرعة الكافية كيلا تصبح الألعاب قصة إخبارية سيئة.

حتى الآن، يبدو أن هناك 808 آلاف حالة إصابة بـ«كوفيد-19» وأكثر من 14 ألف حالة وفاة في اليابان - أقل بكثير من معظم الاقتصادات المتقدمة - ومع ذلك لايزال الوضع يثير القلق. ومن الناحية السياسية، فإن تصميم الحكومة على المضي قدماً في الألعاب الأولمبية يهدد بابتعاد الناخبين عنها، حيث سيشعر الكثيرون منهم بالذعر من الطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع الوباء.

تجسيد الثبات

أصبح سوغا رئيساً للوزراء في سبتمبر 2020، بعد أن اُضطر رئيس الوزراء السابق، شينزو آبي للاستقالة بسبب مشكلات صحية. واستقطبت أصول سوغا المتواضعة رضا الناخبين. فقد وُلد لعائلة من مزارعي الفراولة في محافظة أكيتا الريفية، وعمل في مصنع للكرتون ليشق طريقه إلى الجامعة. وهو لا يتمتع بكاريزما آبي، لكنه يجسد الثبات الذي يحبه العديد من الناخبين الأكبر سناً، والذين يشكلون أغلبية أصوات الحزب الديمقراطي الليبرالي.

لكن شعبيته بدأت تتراجع وسط انتقادات بشأن تعامله مع فيروس كورونا. وقدر استطلاع أجرته مؤسسة «أساهي شيمبون» الصحافية أخيراً مع سكان طوكيو، أن نسبة التأييد لمجلس وزرائه تبلغ 33% فقط، وهي الأدنى منذ توليه منصبه. ومن المقرر إجراء الانتخابات الوطنية في أكتوبر. وعلى الرغم من تراجع شعبيته، فإن التهديد الذي يواجهه سوغا لا يأتي من أحزاب المعارضة اليابانية المنقسمة بشكل دائم، ولكن من الفصائل المتنافسة في الحزب الحاكم.

وحتى قبل انتشار الوباء، تعرضت ألعاب طوكيو للكثير من القدح من قبل التقارير الصحافية السيئة، بدءاً من التعاملات المشبوهة للفوز بإقامة الألعاب إلى الاستبدال المفاجئ للمهندس الرئيس للاستاد الوطني الجديد، وفضائح متعددة كشفت عن التحيز الجنسي بين الهيئات المنظمة. وإذا فشلت الألعاب الأولمبية الآن في إعطاء دفعة لسوغا، فقد يشعر رؤساء حزبه بأنه من الضروري التخلص منه.

• مع تلقيح 20% فقط من اليابانيين، تنتشر المخاوف من أن تصبح الألعاب الأولمبية حدثاً يساعد على تسريع انتشار فيروس «كورونا».

• تعرض رئيس الوزراء يوشيهيدي سوغا لأزمات سياسية، بسبب إصراره على المضي قدماً في الألعاب، جنباً إلى جنب مع تعامل حكومته البطيء وغير الكفؤ مع الوباء.

• سيؤدي إلغاء الألعاب إلى خسائر مالية ضخمة للحكومة، حيث تبلغ الكُلفة الرسمية للأولمبياد 15.4 مليار دولار، لكن عمليات التدقيق الحكومية على مدى السنوات العديدة الماضية تشير إلى أنها أعلى بكثير مما هو معلن.

تويتر