الإمارات وسلطنة عمان تؤكدان على الحل السلمي للأزمة

إجماع عربي على رفض التدخلات العسكرية الأجنبية في ليبيا

أكد المشاركون في الاجتماع الوزاري لمجلس الجامعة العربية في دورته غير العادية عبر تقنية الفيديو كونفرنس، بالإجماع اليوم، على خطورة الوضع في ليبيا رفضهم أية مخططات لتقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ، معربين عن إدانتهم ورفضهم لجميع أشكال التدخلات العسكرية الأجنبية في ليبيا، ورفضهم المطلق لأية حلول عسكرية، مشددين على أنه لا سبيل سوى الحل السياسي الشامل لتسوية الأزمة الليبية بجميع جوانبها.

وفيما حذّر الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط في كلمته، من خطورة الوضع الحالي في ليبيا، شدّد وزير الدولة للشؤون الخارجية - في كلمة الإمارات خلال الاجتماع - على حرص الإمارات على وحدة ليبيا والدور العربي في المسار السياسي، في حين أكدت سلطنة عمان أن ليبيا تمر بمنعطف خطير للغاية داعية إلى معالجة الأزمة بالوسائل السملية.

وبحث الوزراء خلال مداولات الدورة غير العادية للمجلس التي عقدت عبر الاتصال المرئي عن بعد الأحداث الميدانية التي تشهدها ليبيا والتهديدات التي تعكسها على الأمن القومي العربي، والقلق المصري من الأخطار التي نشأت بعد التدخل الخارجي من قوى إقليمية وإرسال مرتزقة من شمال سورية إلى الأراضي الليبية.. كما بحثوا في المبادرات المطروحة للتسوية السلمية وآخرها مبادرة القاهرة قبل نحو أسبوعين.

وحذّر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط في كلمته، من خطورة الوضع الحالي في ليبيا، والمرشح للاشتعال بشكل أكثر خطورة، موضحا أن الأمر يستلزم معالجة عربية أكثر قوة، وإرادة سياسية صادقة تجتمع عليها جميع الدول الأعضاء دون استثناء لتمكين الجامعة من الاضطلاع بمسؤولياتها كاملة، والحفاظ على البلاد من التدخلات والأطماع الأجنبية، ومن ثم إخراجها من دوامة الاقتتال والانشقاق والاضطراب بالشكل الذي يستحقه وينشده الشعب الليبي.

وقال أبوالغيط في كلمته، إن الاجتماع يأتي وليبيا تمر بمنعطف خطير للغاية في مسار الصراع الذي يمزق هذا البلد العربي المهم، الذي باتت تطوراته تبعد كل البعد عن هدف التسوية السلمية المتكاملة للوضع في البلاد، وتمثل أبعاده تهديداً لسلامة ووحدة أراضي الدولة الليبية وأمن واستقرار دول الجوار المباشر ومنظومة الأمن القومي العربي ككل.

وأضاف: «لقد تابعنا بقدر بالغ من القلق والاستنكار، التدويل المتزايد المرفوض للأزمة الليبية، مع تفاقم التدخلات العسكرية الأجنبية المكشوفة في الصراع، والخروقات المتكررة والمعلنة لحظر السلاح على جميع الاتجاهات، والاستقدام المنهجي للمرتزقة والمقاتلين الأجانب إلى ساحة المعركة وهو ما جعل من ليبيا مسرحاً آخر – وبامتياز – للتدخل الخارجي والاستهداف الإقليمي لإحدى الدول الأعضاء في جامعتنا العربية».
وأكد «أبوالغيط» تمسك الجامعة بالحفاظ على سيادة واستقلال دولة ليبيا وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية على طول الخط، مشدداً على الرفض لأية أصوات – داخل البلاد أو خارجها – تدعو إلى الانشقاق أو الافتراق، وأية مخططات – محلية كانت أم أجنبية – لتقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ وإحداث شرخ دائم في النسيج المجتمعي الليبي.

وجدد الأمين العام للجامعة العربية إدانته لجميع أشكال التدخلات العسكرية الأجنبية في هذا البلد العربي، مؤكداً أن قرارات مجلس الجامعة واضحة وثابتة في هذا الخصوص، وهي أكثر وضوحاً فيما يخص التدخلات الإقليمية الأوسع في الشؤون الداخلية للدول العربية؛ والرفض المطلق لأية حلول عسكرية للوضع الليبي، لكون الخيار العسكري لن يحقق أي انتصاراً لأي طرف، ولن يحقق العمل العسكري سلاماً أو يُرسي استقراراً على كامل التراب الليبي.

وأوضح «أبوالغيط» أنه لا سبيل سوى الحل السياسي الشامل لتسوية الأزمة الليبية بجميع جوانبها، وذلك عبر عملية سياسية جامعة، بمساراتها الأمنية والسياسية والاقتصادية، تحت الرعاية الأصيلة للأمم المتحدة، على النحو الذي تؤكد عليه قرارات الجامعة، وتوافقت عليه الأطراف المشاركة في مسار برلين، واعتمده مجلس الأمن.

ولفت الأمين العام للجامعة الانتباه إلى إن الهدف المباشر الذي يجب أن نسعى إليه، كما سعينا دائماً منذ أبريل 2019، هو إيقاف القتال وخفض حالة التصعيد العسكري الخطيرة في الميدان، والتوصل إلى تهدئة فورية على جميع خطوط المواجهة وخاصة حول سرت.

وثمن «أبو الغيط» عالياً أي جهد، وبالذات عندما يكون عربياً، لاستئناف الحوار السياسي الجاد بين الأشقاء الليبيين، طالما أن ذلك يرتكز على إطلاق عملية سياسية وطنية خالصة، يقودها الليبيون أنفسهم، وترعاها الأمم المتحدة؛ منوها بأن هناك مقترحات بناءة ومفصلة تضمنها إعلان القاهرة، الذي لقي ترحيباً عربياً وإقليمياً ودولياً واسعا.

من جهته شدّد وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش - في كلمة الإمارات خلال الاجتماع - على حرص الإمارات على وحدة ليبيا والدور العربي في المسار السياسي، وعلى الأهمية الملحة لوقف فوري لإطلاق النار يمهّد لحل سياسي جامع وعودة الأمن والاستقرار لعموم الأراضي الليبية، ويضع حداً لإراقة الدماء، وللتصعيد الإقليمي وللتدخلات التركية المهدّدة للأمن القومي العربي، وبصورة خاصة أمن مصر الشقيقة.

وجدّد قرقاش التأكيد على الموقف الواضح لدولة الإمارات من الأزمة الليبية المنبثق من موقف المجتمع الدولي الداعم لمسار العملية السياسية وفقاً لمقررات الأمم المتحدة ومخرجات مؤتمر برلين بما يقود إلى حل سلمي ليبي - ليبي ناجز ومستدام باعتباره الخيار الوحيد لإعادة السلام إلى الأشقاء الليبيين الذين حضّهم على تغليب المصلحة الوطنية المشتركة.

وأوضح قرقاش تأييد دولة الإمارات للمبادرات الرامية إلى إيجاد حل سياسي ينهي الأزمة الليبية التي طال أمدها ويعيد لدولة ليبيا أمنها واستقرارها ويحافظ على وحدتها وسيادتها بعيداً عن التدخلات الأجنبية في شؤونها، ويحقق للشعب الليبي الشقيق كل ما يصبو إليه من أمن و رخاء وتنمية، داعيا الأطراف الليبية إلى التجاوب الفوري مع المبادرة المصرية المطروحة لوقف إطلاق النار، وبناء دولة المؤسسات، واستعادة النظام والقانون لمحاربة الإرهاب، والتصدي للتدخلات الأجنبية.

كما أكد قرقاش على دعم الإمارات جهود جمهورية مصر العربية الخيّرة في سبيل تسوية الأزمة الليبية، والمساعي المخلصة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في ليبيا والعودة إلى المسار السياسي، مبرزاً محورية الدور العربي والثقل الاستراتيجي والأمني الذي تمثله مصر في حل قضايا المنطقة بعيداً عن التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول العربية، والتي تعمل على إطالة أمد الأزمة ودفع ليبيا بعيداً عن الحل السياسي سعياً لتحقيق أجنداتها التوسعية في المنطقة.. وشدّد على ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة هذه التدخلات.

وأكّد قرقاش تضامن دولة الإمارات مع مصر في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها واستقرارها وحقها في الدفاع عن النفس في إطار الشرعية الدولية.

ومن جانبه، دعا الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي، إلى معالجة الأزمة الليبية بالوسائل السملية، معبراً عن الأسى للوضع الحالي في ليبيا.

وأعرب بن علوي في كلمته خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية، عن أمله أن يسفر الاجتماع عن توافقٍ يصب في مصلحة الشعب الليبي الشقيق ويعمل على إخراجه من هذه المحنة الكبرى.

وقال بن علوي: «يجب علينا أن نتجنب إدخال مواقفنا المختلفة في بعض القرارات التي تعرض على مجلس الجامعة العربية سعيًا إلى تحقيق الإجماع أو التوافق،كما أعرب بن علوي عن الشعور بالآسي للوضع الحالى فى ليبيا، قائلاً:«نسعى إلى معالجته بالوسائل السلمية وإنه لمن المفيد أن يجد أي منا لأخيه عذراً في مثل هذه الأوضاع»، مؤكداً على روابط الأخوة بين الأشقاء العرب وأهمية التعاون من أجل تحقيق المصالح المشتركة.

من جهة ثانية، ناقش وزراء الخارجية العرب في جلسة ثانية - بناء على طلب من جمهورية مصر العربية - تطورات أزمة سد النهضة الإثيوبي.

وأكد وزراء الخارجية على الموقف العربي الداعم لمصر والسودان في القضية، وطالبت المقرّرات التي أقّرها المجتمعون بضرورة تجاوب إثيوبيا مع المبادرات والمساعي المصرية السودانية بحسن نيّة، والتزامها قواعد القانون الدولي والتوصّل إلى حلّ عادل ومتوازن يحفظ حقوق البلدين وشعبيهما من المياه.

وشدّد الوزراء على ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل بين أطراف الأزمة (مصر والسودان وإثيوبيا) قبل شروع أديس أبابا في ملء السد وتشغيله.

 

تويتر