فحص لسكان في مدينة برجامو يرصد أجساماً مضادة للفيروس لدى أكثر من نصفهم
مسلمو إيطاليا لا يجدون قبوراً كافية لدفن ضحايا «كورونا»
جزء مخصص للمسلمين ضمن المقبرة الكاثوليكية في ضواحي ميلانو. أ.ف.ب
شهد أفراد الأقلية المسلمة في إيطاليا كغيرهم تسجيل العديد من الوفيات في صفوفهم جراء «كوفيد-19» الذي ضرب البلد المتوسطي بشدّة. لكن ألمهم تضاعف جرّاء عدم توافر مساحة تكفي لدفن موتاهم، فيما قال مسؤولون بقطاع الصحة في إيطاليا إن مسحاً شمل جزءاً من سكان مدينة برجامو بشمال البلاد رصد أجساماً مضادة لمرض «كوفيد-19» الناجم عن الإصابة بفيروس كورونا، لدى أكثر من نصفهم تقريباً.
ويدعو الأئمة وقادة الجالية المسلمة في إيطاليا حالياً لإقامة المزيد من المقابر الإسلامية أو تخصيص مساحة إضافية لهم في مقابر البلاد، إذ يوصي عدد متزايد منهم بدفنهم في بلدهم إيطاليا.
وقال إمام مسجد «ميلانو سيستو» عبدالله تشينا، لوكالة «فرانس برس»: «اختبرنا الألم (الناجم عن الوباء)، لكنه تعمّق أحياناً عندما لم تجد بعض العائلات مكاناً تدفن فيه موتاها لعدم وجود أقسام مخصصة للمسلمين في مقابر المدن».
وتوفي أكثر من 34 ألف شخص بفيروس كورونا المستجد في إيطاليا، معظمهم في الشمال الصناعي. وعُلقت حركة الطيران في العالم بشكل كامل تقريباً على مدى أشهر.
ونتيجة ذلك، لم يكن بالإمكان إعادة المسلمين الذين توفّوا بـ«كوفيد-19» أو غيره من الأسباب إلى بلدانهم الأصلية، كما كانت الحال في الماضي. وتسبب ذلك في ارتفاع عدد طلبات الدفن، وبالتالي اكتشاف أن لا مكان لهم في مقابر إيطاليا.
ويبلغ عدد المسلمين في إيطاليا نحو 2.6 مليون أي ما يعادل 4.3% من سكان البلاد. ويعيش معظمهم في الشمال، ويحمل 56% منهم جنسية أجنبية في معظم الحالات من دول في شمال إفريقيا أو جنوب آسيا. ولا توجد إحصاءات رسمية بشأن عدد المسلمين، سواء من الإيطاليين أو الأجانب، الذين توفوا خلال فترة تفشي الوباء.
وفي مقبرة بروزانو في ضواحي ميلانو، يحدّق مصطفى مولاي (في الخمسينات من عمره) في قبر ترابي في القسم المخصص للمسلمين ضمن المقبرة الكاثوليكية.
ويتحدث عن وفاة زوجته (55 عاماً) بـ«كوفيد-19» في السابع من أبريل، قائلاً «إنها مشيئة الله».
لكن العديد من مسلمي إيطاليا اضطروا لقطع مسافات كبيرة لدفن موتاهم، أو ترك الجثث لأيام في المشارح أو حتى في المنازل بحثاً عن مكان لدفنها.
وبموجب تعاليم الإسلام، يتعيّن دفن الموتى بأسرع ما يمكن، ويستحسن في غضون 24 ساعة.
وكانت قضية حراء إبراهيم، المرأة المقدونية في بيزونيه قرب مدينة بريشا شمالاً، والتي توفيت والدتها بالفيروس، بين أكثر الحالات صعوبة في هذا الصدد.
وبحسب صحيفة «لا ريبوبليكا»، اضطرت هذه المرأة لإبقاء جثة والدتها في المنزل لأكثر من 10 أيام لعدم وجود مقبرة للمسلمين في منطقتها.
وذكرت الصحيفة أن أعداداً لا تُحصى من العائلات المسلمة وجدت نفسها في مأزق مأساوي مشابه خلال الأزمة.
وقال إمام مسجد «ميلانو سيستو» عبدالله تشينا، إن المشكلة مستمرة حتى بعد انحسار موجات الوفيات الأكبر بالفيروس. وأوضح أنه تم نقل جثة مسلم توفي في ميلانو الأسبوع الماضي إلى منطقة على بعد نحو 50 كلم لدفنها. وشكر تشينا رؤساء المجالس البلدية الذين «فتحوا مقابرهم (الكاثوليكية) خلال الأزمة، لضمان (حصول الموتى المسلمين) على دفن لائق».
وقال رئيس المركز الإسلامي في ميلانو، أبوبكر قدودة، إن بعض العائلات في بريشا وبيرغامو (وهما المنطقتان الأكثر تأثّراً بفيروس كورونا المستجد في البلاد) اضطرّت للانتظار «لوقت طويل للغاية» لدفن موتاها.
وقال قدودة «لم نفكّر في المسافة. توجّهنا إلى أول بلدة وافقت على استقبال الجثث. كان همّنا الأول قبل أي شيء العثور على مكان» لدفنهم.
ويعدّد اتحاد الجالية الإسلامية في إيطاليا 76 مقبرة في البلد الذي يضم نحو 8000 بلدية.
وبُنيت أقدم هذه المقابر عام 1856 في مدينة ترييستي في شمال شرق البلاد، بينما تعود تلك المقامة في روما إلى عام 1974.
وبموجب القانون الإيطالي، بإمكان المقابر أن تخصص «أقساماً خاصة ومنفصلة» لغير الكاثوليك لكنها غير مجبرة على ذلك.
وأقرّ قدودة بأن الحكومة كانت متعاونة في هذا الصدد، لكنه دعا إلى المزيد من «الإرادة السياسية» لإتاحة مساحات إضافية لدفن المسلمين. وأفاد «بعد الوباء، ردت 150 بلدية بشكل إيجابي على طلباتنا» بتوفير قسم للمسلمين في مقابرها.
ومع الوقت، ستزداد الحاجة لتخصيص مواقع لدفن المسلمين في وقت يفضّل المهاجرون وأبناؤهم أن يتم دفنهم في إيطاليا.
وقال قدودة «كان لدينا صندوق للدفع لإعادة الجثث إلى بلدان أصحابها الأصلية، لكن الوضع تغيّر».
وأضاف «لايزال بعض كبار السن يرغبون في أن يتم دفنهم في بلدانهم الأصلية. لكن العديد منهم لديهم أبناء وأحفاد في إيطاليا وباتوا يفضلون أن يدفنوا هنا». وتابع أن المسلمين الأصغر سناً بدورهم «يريدون أن يتم دفنهم في إيطاليا لأنهم إيطاليون».
من ناحية أخرى، أظهر مسح شمل جزءاً من سكان مدينة برجامو بشمال إيطاليا أن 57% من بين 9965 فرداً خضعوا لاختبارات دم في الفترة بين 23 أبريل وحتى الثالث من يونيو، لديهم أجسام مضادة مما يشير إلى تعرضهم لفيروس كورونا.
وقال مسؤولو الصحة في مدينة برجامو بالمدينة، إن المسح كان واسعاً بدرجة كافية ليكون مؤشراً يعتمد عليه في معرفة عدد الأشخاص الذين أصيبوا داخل برجامو التي أصبحت بؤرة انتشار الوباء في إيطاليا.
واكتُشفت أجسام مضادة لدى أكثر من 30% فقط من 10404 أفراد بالأطقم الطبية الذين خضعوا لاختبارات، رغم تعرضهم لمخاطر أكبر في الإصابة مقارنة بغيرهم.
أعداد لا تُحصى من العائلات المسلمة وجدت نفسها في مأزق مأساوي خلال الأزمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news