العزل مستمر في نيويورك.. وتساؤلات حول مستقبل المدينة

رجل يضع كمامة أثناء مروره أمام مسرح سانت جيمس بالمدينة حيث أغلق النشاط الثقافي والفني. رويترز

بعد شهرين من العزل، لا ترى نيويورك العاصمة الاقتصادية والثقافية للولايات المتحدة النور في نهاية النفق بعد، ما يثير شكوكاً متزايدة حول مستقبل هذه المدينة التي تعد رمزاً للحشود في الشوارع والحركة المتواصلة.

وإذا كانت مدن أوروبية عدة بدأت، تدريجياً، تحريك العجلة الاقتصادية، فإن أكبر مدينة بالولايات المتحدة، تعد البؤرة الأولى للوباء مع أكثر من 20 ألف وفاة، ستضطر للانتظار حتى يونيو على الأقل، لمعرفة موعد إعادة فتح المتاجر والمطاعم أو العروض التي تجتذب السياح بالملايين.

وقال رئيس بلدية المدينة، بيل دي بلازيو، أول من أمس، لشبكة «سي إن إن»: «يجب أن نكون منضبطين جداً». وأضاف «سنقوم بذلك بهدوء وبشكل تدريجي».

وإذا كان مرسوم العزل لولاية نيويورك انتهى الجمعة، فستتمكن فقط المناطق غير المأهولة بعدد سكان كبير من استئناف بعض الأنشطة التجارية والصناعية والترفيهية.

ورغم تباطؤ الوباء مع تراجع العدد اليومي للوفيات حيث بات أقل من 200 وعدم سماع صفارات سيارات الإسعاف إلا بشكل نادر، ترفض السلطات الالتزام باستئناف المدارس في سبتمبر، تاركة الملايين من الأهالي في حالة عدم اليقين.

وقال حاكم الولاية أندرو كومو، أول من أمس: «علينا أن نكون أذكياء»، فيما يواصل التحذير من موجة ثانية من الوباء.

وفي الوقت الحالي، لاتزال هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 8.6 ملايين نسمة، بعيدة عن تحقيق المعايير الرئيسة اللازمة لإعادة إطلاق النشاط الاقتصادي تدريجياً. وهذه المعايير هي تراجع مستمر في عدد المرضى الذين يدخلون المستشفيات، وفي عدد الأشخاص في العناية المركزية، وفي الفحوص الإيجابية.

وفي مواجهة العزل الذي يستمر لوقت طويل، بقي سكان نيويورك حتى الآن منضبطين نسبياً، رغم العواقب الوخيمة لمئات الآلاف من الأشخاص، الذين باتوا محرومين من دخلهم، خصوصاً في صفوف الأقليات من السود، والمتحدرين من دول أميركا اللاتينية.

وفي حين تتكثف التظاهرات الرافضة للعزل في أماكن أخرى بالولايات المتحدة، يتوخى كثيرون الحذر، عملاً بتوصيات مسؤولي المدينة، لاسيما أن أكثر من 80 طفلاً من نيويورك أصيبوا بالتهاب نادر، يرجح أنه مرتبط بفيروس كورونا المستجد. وقال العامل دنيزل تشارلز: «يجب أن يستمر العزل لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر أخرى، لأننا نعيش في مدينة كبيرة تضم الكثير من الناس».

من جهتها، تقول عارضة الأزياء كيونا كارسويل، وهي الآن عاطلة عن العمل: «إن الكثير من الناس في عجلة من أمرهم للعودة سريعاً إلى الوضع الطبيعي، لكن الأماكن التي أعيد فتحها هي حالة من الفوضى».

مع ذلك، كلما ظل الاقتصاد في حالة من الجمود، كلما ازداد عدم اليقين بشأن مستقبل مدينة ترتبط أهميتها بكثافتها السكانية، وفرط نشاطها الدائم.

لقد انتقل العديد من الأثرياء في نيويورك إلى المناطق الريفية، والبعض لا يفكر في العودة أبداً.

يقول هانس روبرت (49 عاماً)، وهو مسؤول معلوماتية في بنك نيويوركي كبير: «كل الأسباب التي كانت أساس وجودنا (في نيويورك)، المطاعم والحفلات الموسيقية.. اختفت». وانتقل روبرت، الذي يقيم مع عائلته منذ 10 أعوام في مانهاتن، إلى منزلهم الريفي في شمال نيويورك منذ نهاية أبريل، ويعمل مع زوجته عن بعد من هناك.

وإذا لم تفتح مدرسة ابنتهما في سبتمبر، فإن روبرت لا يستبعد البقاء هناك طالما أن المصرف الذي يعمل فيه، وعلى غرار مؤسسات أخرى، يفكر في السماح لموظفيه بمواصلة العمل عن بعد.

لكن هناك تساؤلات أخرى حول الوضع المالي للمدينة، التي تراجعت عائداتها الضريبية مع توقف النشاط الاقتصادي.

ولوح رئيس بلدية المدينة الديمقراطي بشبح إفلاس مثلما حصل في السبعينات، ما أدى إلى تراجع الخدمات العامة بشكل كبير، وارتفاع كبير في معدلات الجريمة.


نيويورك لاتزال بعيدة عن تحقيق المعايير الرئيسة اللازمة لإعادة إطلاق النشاط الاقتصادي تدريجياً.

تويتر