روسيا تتهم أميركا بانشغالها بالعثور على مُذنِب وإظهار «براءتها»

تنديد واسع بقرار واشنطن تعليق الإسهام المالي في «الصحة العالمية»

منظمة الصحة العالمية تعرضت لانتقادات شديدة من قبل الرئيس الأميركي. أرشيقية

أثار قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تعليق الإسهام المالي الأميركي في منظمة الصحة العالمية، بسبب ما وصفه بـ«سوء إدارتها» الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس «كورونا المستجد»، موجة تنديد واسعة في العالم، أمس، فيما علقت موسكو بالقول إن الشغل الشاغل لواشنطن هو العثور على مُذنِب وإظهار «براءتها» من كل الذنوب.

وتفصيلاً، وجّه الرئيس الأميركي، أول من أمس، لائحة اتهام مطولة إلى منظمة الصحة العالمية، قائلاً إن «العالم تلقى الكثير من المعلومات الخاطئة حول انتقال العدوى والوفيات»، الناجمة عن وباء «كوفيد-19».

وأضاف ترامب الذي كان يتحدث من حدائق البيت الأبيض: «آمر بتعليق تمويل منظمة الصحة العالمية، أثناء إجراء مراجعة لتقييم دور منظمة الصحة العالمية في سوء الإدارة الشديد، وإخفاء تفشي فيروس كورونا المستجد».

وأشار ترامب إلى دراسة «معمقة جداً» يمكن أن تستمر بين 60 و90 يوماً. والولايات المتحدة هي أكبر مسهم في تمويل منظمة الصحة العالمية التي تتخذ من جنيف مقراً.

ولفت الرئيس الأميركي إلى أن إسهام بلاده في تمويل المنظمة كان يراوح بين 400 و500 مليون دولار سنوياً، مقابل إسهام الصين البالغ نحو 40 مليون دولار «وحتى أقل».

وقال ترامب إن «من واجب» الولايات المتحدة المحاسبة.

وأضاف: «لو أن منظمة الصحة العالمية قامت بعملها بإرسال خبراء طبيّين إلى الصين، لتقييم الوضع على الأرض بشكل موضوعي، وفضحت عدم شفافية الصين، لكان من الممكن احتواء تفشّي المرض في مهده مع عدد قليل جداً من الوفيات».

وتابع: «لدينا مشكلات معها منذ سنوات». وما أثار غضب ترامب بشكل خاص هو انتقادات منظمة الصحة العالمية لقراره، في أواخر يناير، القاضي بمنع دخول المسافرين القادمين من الصين إلى الولايات المتحدة، وهو إجراء لايزال يتفاخر به ترامب، ويؤكد أنه أبطأ وصول الفيروس. وقال ترامب إن «الصين دائماً على حقّ» في رأي منظمة الصحة العالمية.

في المقابل، أعلن مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أمس، بعد إعلان ترامب، أنه «لا وقت نضيعه» و«الشاغل الوحيد» إنقاذ الأرواح من وباء «كوفيد-19». وقال غيبريسوس، على حسابه في «تويتر»: «لا وقت نضيعه، الشاغل الوحيد لمنظمة الصحة العالمية مساعدة كل الشعوب لإنقاذ الأرواح، ووضع حد لتفشي فيروس كورونا المستجد»، دون ذكر قرار ترامب.

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، أن «هذا ليس وقت خفض موارد» مثل هذه المنظمة الأممية المنخرطة في الحرب ضدّ وباء «كوفيد-19».

وقال في بيان: «هذا ليس وقت خفض تمويل عمليات منظمة الصحة العالمية، أو أي منظمة إنسانية أخرى تكافح الفيروس، أنا مقتنع بأنه يجب دعم منظمة الصحة العالمية لأن أهميتها حاسمة في الجهود التي يبذلها العالم للانتصار في الحرب ضد (كوفيد-19)».

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، إن «هذا القرار سيُضعف قدرات منظمة الصحة العالمية، وسيقوّض التعاون الدولي ضد الوباء».

وحثّ تشاو الولايات المتحدة على «تحمل مسؤولياتها والتزاماتها بجدية، ودعم الجهود الدولية ضد الوباء، التي تقودها منظمة الصحة العالمية». وكتب وزير الخارجية الألمانية، هايكو ماس، في تغريدة على «تويتر»: «علينا العمل بتعاون وثيق ضد (كوفيد-19)»، وأضاف أن «أحد أفضل الاستثمارات هو تعزيز الأمم المتحدة، خصوصاً منظمة الصحة العالمية، التي ينقصها التمويل مثلاً لتطوير وتوزيع معدات الفحص ولقاحات».

وأضاف الوزير أن «إلقاء اللوم لا يفيد» في الظروف الصحية الحالية، موضحاً أن «الفيروس لا يعرف حدوداً».

وأعرب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن «أسفه العميق» لتعليق الإسهام الأميركي، وكتب بوريل في تغريدة: «ليس هناك أي سبب يبرر» هذا القرار في وقت تُعتبر جهود منظمة الصحة العالمية «ضرورية أكثر من أي وقت مضى، للمساعدة في احتواء وتخفيف (انتشار) الوباء العالمي»، وأضاف: «فقط عبر توحيد القوى يمكننا التغلب على هذه الأزمة التي لا حدود لها».

وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، لوكالة «تاس» العامة للأنباء: «إن إعلان واشنطن تعليق تمويل منظمة الصحة العالمية يثير قلقاً كبيراً في رأينا، إنه يعكس المقاربة الأنانية جداً للسلطات الأميركية في مواجهة ما يحصل في العالم».

وانتقدت الخارجية الروسية قرار ترامب، واعتبرت أن الشغل الشاغل لواشنطن دائماً هو العثور على «مذنبين» وإظهار «براءتها من كل الذنوب».

وقالت الناطقة باسم الخارجية، ماريا زاخاروفا، أمس: «السياسيون في هذا البلد (أميركا) دائماً منشغلون في البحث عن مذنب، المسؤولون عن الوباء هم الصين ومنظمة الصحة العالمية، وفي خسارة (هيلاري) كلينتون الانتخابات، روسيا، وفي مشكلات الطبابة في أميركا، (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين شخصياً. الشغل الشاغل لهم هو العثور على أنبوب الاختبار الأسطوري وتقديمه للعالم دليلاً على ذنب الآخرين وبراءتهم من كل الذنوب».

وأعلنت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية أن فرنسا «تأسف» لقرار ترامب، وقالت سيبت ندياي في ختام اجتماع لمجلس الوزراء: «إنه قرار مؤسف»، موضحة أن باريس تأمل «عودة الأمور إلى طبيعتها».

واعتبر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي محمد، أمس، في تغريدة، أن القرار الأميركي «مؤسف للغاية».

وعلق وزير الخارجية الإيرانية، محمد جواد ظريف، على القرار، في تغريدة على «تويتر»: «العالم يختبر اليوم ما تعرفه إيران وتعيشه طوال الوقت، البلطجة والتهديد والتضليل من قبل النظام الأميركي ليست مجرد إدمان فحسب، بل تقتل الناس».


«الصحة العالمية» علقت على إعلان ترامب قائلة: «لا وقت نضيعه» و«الشاغل الوحيد» إنقاذ الأرواح من «كورونا».

أنطونيو غوتيريس:

«هذا ليس وقت خفض تمويل عمليات منظّمة الصحة العالمية أو أي منظمة إنسانية أخرى تكافح الفيروس».

تويتر