إيران ليست راضية عن دور برهم صالح بالأزمة الحالية

عصيان مدني وقطع إنترنت متواصل بالعراق.. والرصاص الحي يتجدد في بغداد

متظاهرون عراقيون يحاولون عبور جسر الشهداء في بغداد. أ.ب

استيقظ العراق، أمس، على يوم جديد من العصيان المدني في أنحاء البلاد، خصوصاً في العاصمة، حيث عاودت القوات الأمنية استخدام الرصاص الحي لتفريق متظاهرين يطالبون بـ«إسقاط النظام» في اليوم الرابع عشر من الموجة الثانية للاحتجاجات، وفي وقت لاحق صدرت أوامر رسمية بعدم استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، وفيما أكدت مصادر سياسية عدة مقربة من دوائر القرار أن «إيران ليست راضية عن دور (الرئيس) برهم صالح في الأزمة الحالية، حيث تخلى عمّن أوصله إلى الرئاسة (رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي) عند أول مفترق طرق»، لفت العديد من المسؤولين إلى أن عبدالمهدي نفسه أيضاً، أصبح محاصراً ومعزولاً، وأن سلطاته بصنع القرار وفريق مستشاريه باتت خاضعة لضغوط متزايدة من إيران.

ولاتزال خدمة الإنترنت مقطوعة بشكل تام في بغداد ومعظم المحافظات، منذ ليل الإثنين/‏‏‏‏الثلاثاء، وسط مخاوف بين المحتجين من محاولة عزلهم مجدداً لضرب التظاهرات على غرار الموجة الأولى التي شهدت عنفاً غير مسبوق.

وشهدت الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من أكتوبر الماضي، أعمال عنف دامية أسفرت عن مقتل نحو 280 شخصاً، بحسب إحصاء لـ«فرانس برس»، في وقت تمتنع السلطات منذ نحو أسبوع عن نشر حصيلة رسمية.

واتسمت الموجة الأولى من الاحتجاجات بين الأول والسادس من أكتوبر بوجود قناصة على أسطح مبانٍ استهدفوا المتظاهرين، لكن هويتهم لاتزال مجهولة بالنسبة إلى السلطة.

وبدأت دائرة الاحتجاجات تتسع في العاصمة منذ ليل الثلاثاء/‏‏‏‏الأربعاء، مع ما يبدو سعياً من المتظاهرين لتشتيت تركيز القوات الأمنية التي أطلقت الرصاص الحي، أمس، وأوقعت جرحى بين محتجين حاولوا عبور جسر رابع.

وقال متظاهر يدعى محمود، ويبلغ من العمر 20 عاماً، فيما يحاول مسعفون معالجته من إصابة تعرض لها على جسر الشهداء، إن «قوات مكافحة الشغب ضربونا بالهراوات على رؤوسنا واشتبكنا معهم بالحجارة. لكنهم بدأوا بالرمي الحي على المواطنين».

فبعد إقفال جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء التي تضم مقار حكومية وسفارات أجنبية، وجسري السنك والأحرار، يسعى المحتجون إلى إدخال جسر الشهداء ضمن لعبة الكر والفر مع القوات الأمنية.

ويؤكد المتظاهرون أن عمليات قطع الجسور هي في إطار العصيان المدني المعلن، ولحماية كل الطرقات التي تؤدي إلى المتظاهرين في ساحة التحرير، الذين مازالوا يتجمعون خلال النهار.

وأفادت مصادر أمنية عدة لوكالة «فرانس برس»، باستمرار عمليات الخطف لبعض المتظاهرين لدى عودتهم من التظاهر، في ما يبدو محاولة لبث الرعب وتجفيف الشارع. كما أن قطع الانترنت له أثر سلبي في نفوس المحتجين.

وأشار مسؤول حكومي الى أن «حجب الإنترنت ينذر بأنه ستكون هناك دماء».

وكانت السلطات قطعت الانترنت لمدة أسبوعين الشهر الماضي، وشددت الخناق على شبكات التواصل الاجتماعي التي لاتزال محجوبة حتى الآن، إلا من خلال استخدام تطبيقات «في بي إن».

وقالت منظمة «نيت بلوكس» للأمن الإلكتروني إن «هذا القطع الجديد هو أسوأ القيود التي فرضتها الحكومة العراقية منذ بداية التظاهرات» في الأول من أكتوبر.

وإلى جنوب العاصمة، تواصل إغلاق الدوائر الحكومية والمدارس بالكامل في مدن الناصرية والكوت والحلة والنجف والديوانية.

وأقدم متظاهرون، الليلة قبل الماضية، على إحراق منازل نواب ومسؤولين محليين في قضاء الشطرة شمال مدينة الناصرية، بحسب مصادر أمنية.

كما أغلق متظاهرون، صباح أمس، شركة نفط ذي قار، ومنعوا الموظفين من الوصول إلى مقر الشركة، وفق المصدر نفسه.

وفي الديوانية، أغلق متظاهرون مصفى الشنافية النفطي.

أما في مدينة البصرة، لايزال ميناء أم قصر، أحد المنافذ الرئيسة لاستيراد المواد الغذائية والأدوية للبلاد، مغلقاً لاستمرار تجمع المتظاهرين الذين يقطعون الطريق المؤدية إلى الميناء، وهو ما كلف البلاد خسائر بأكثر من ستة مليارات دولار.

وعلى الجانب السياسي، تبدو الأمور مجمدة، خصوصاً مع إعلان عادل عبدالمهدي، أول من أمس، أن الحلول المطروحة حتى الآن لا تفي بالغرض، خصوصاً مسألة إجراء انتخابات نيابية مبكرة.

ومسألة الانتخابات كانت مقترحاً من الرئيس برهم صالح، الذي يجري مشاورات سياسية مع كبار الزعماء في إقليم كردستان العراق.

والواضح حتى الآن أن عبدالمهدي وصالح، في حالة قطيعة، بحسب ما قال مسؤول عراقي لوكالة «فرانس برس»، لاعتبار الأول أن حليفه تخلى عنه.

وتركز غضب المتظاهرين الذين يطالبون بـ«إسقاط النظام» خلال الأيام الماضية، على إيران صاحبة النفوذ الواسع والدور الكبير في العراق، إلى جانب الولايات المتحدة التي لم يُشر إليها المحتجون خلال التظاهرات، وهي بدورها لم تُبدِ تفاعلاً تجاه الأزمة الحالية في البلاد.

تويتر