اتهم أطرافاً بتعطيل مساعيه.. ووزير الخارجية يحذر من الفوضى والفتنة

الحريري يمهل شركاءه في الحكومة 72 ساعة لدعم «الإصلاحات» في لبنان

صورة

أمهل رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، مساء أمس، شركاءه في الحكومة 72 ساعة لدعم «الإصلاحات» في لبنان، متهماً بعضهم بتعطيل عمله، وذلك تزامناً مع موجة تظاهرات ضخمة تشهدها البلاد ضد الطبقة السياسية والتدهور الاقتصادي، حيث أعرب وزير الخارجية، جبران باسيل يعرب، عن تفهمه لما يحدث في الشارع، محذراً من الفوضى والفتنة.

وتفصيلاً، قال الحريري بكلمة عبر التلفزيون: «أنا شخصياً منحت نفسي وقتاً قصيراً جداً، إما شركاؤنا في التسوية والحكومة يعطوننا جواباً واضحاً وحاسماً ونهائياً يقنعني أنا واللبنانيين والمجتمع الدولي.. بأن هناك قراراً لدى الجميع للإصلاح ووقف الهدر والفساد، أو يكون لديَّ كلام آخر».

وأضاف الحريري: «أعود وأقول مهلة قصيرة جداً.. 72 ساعة».

واتهم الحريري، في كلمته، أطرافاً في الحكومة لم يسمها بتعطيل مساعيه للمضي بإصلاحات اقتصادية جدية، سبق أن وافقوا عليها وتتيح للبنان الحصول على قروض وهبات بقيمة 11.6 مليار دولار، أقرها المجتمع الدولي خلال مؤتمر «سيدر» في باريس.

وقال: «الوضع انفجر في الشارع البارحة، وأنا أحاول منذ ثلاث سنوات أن أعالجه وأقدم حلولاً حقيقية»، مضيفاً: «منذ أشهر، ننتظر شركاءنا في الوطن والحكومة أن يسيروا في الحل الذي اتفقنا عليه.. لكن لم تبق مماطلة لم يقوموا بها»، منذ بدء تشكيل الحكومة الذي تطلب أشهراً.

وقال الحريري إن لبنان يمر بظرف عصيب ليست له سابقة في تاريخه، وذلك في ظل موجة توتر تندلع في أنحاء متفرقة من البلاد، بفعل تراكم الغضب، بسبب معدل التضخم، واقتراحات فرض ضريبة جديدة، وارتفاع كلفة المعيشة.

وأكد الحريري، في كلمته، أن الإصلاحات لا تعني فرض ضرائب، معبراً عن شكواه من وضع العراقيل أمام عملية الإصلاح والعمل الحكومي. وتابع: «خفضنا النفقات، وسعينا لزيادة الدخل لكننا كنا دوماً نصطدم بجهة معرقلة»، مضيفاً: «أنا أشعر بألم اللبنانيين، وأؤيد حقهم بالتعبير».

وقال الحريري: «الغضب ردة فعل طبيعية إزاء الأداء السياسي في لبنان وتعطيل الدولة، والناس أمهلتنا كثيراً، وانتظرت منا عملية إصلاح وفرص عمل».

وحذر الحريري، في كلمته، من أن خصومه السياسيين يريدون أن يجعلوا منه «كبش محرقة»، لعدم تمكن الحكومة حتى الآن من القيام بأي إصلاحات ممكنة. وتابع: «أحاول منذ أربع سنوات البحث عن حلول لكن الاستهداف السياسي لم يتوقف».

واستبق وزير الخارجية اللبناني، رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، كلمة الحريري بإعلان رفضه استقالة الحكومة، معتبراً أن هذا الأمر قد يؤدي إلى وضع «أسوأ بكثير من الحالي». ورأى أن الحل يبدأ بخارطة إصلاحات، سبق أن اقترحها.

وأعرب وزير الخارجية اللبناني، بعد لقائه رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، عن تفهمه لما يحدث في الشارع اللبناني، مشيراً إلى أن ذلك هو نتيجة تراكم إخفاقات، داعياً لتنفيذ إصلاحات «ورقة بعبدا»، ومحذراً من الفوضى والفتنة.

وقال باسيل: «هناك سلة إصلاحات طالبت بها الرئيس عون في اجتماع بعبدا، وهي بحاجة إلى تنفيذ، ونحن في التكتل وضعنا ورقة اقتصادية تشمل كل النقاط تحت عنوان إن لبنان غني ولكن منهوب»، مطالباً «بتنفيذ هذه الإصلاحات، وهناك إمكانية للقيام بكل شيء بأيام معدودة، والمطلوب العمل حتى لو كان الناس في الشارع لإنهاء العمل تحت ضغط الشارع».

ونبه أن ما يحصل «يمكن أن يُدخل لبنان في الفوضى والفتنة، ونحن إما أمام الانهيار الكبير أو الإنقاذ الجريء، وهو بين من يريد إحراق الأخضر واليابس، وبين من يريد إطفاء الحرائق ومنع اندلاعها».

ورأى أن انتفاضة الشعب ليست «موجهة ضدنا بل لصالحنا ولصالح مطالب الناس، ما يحصل يقوي موقف الرئيس وموقفنا، ويضعف موقف الذين يواجهوننا، إما بوجود بعضهم في الحكومة، وإما في التظاهرات اليوم».

وطالب بإعطاء الحكومة «فرصة لإنهاء العمل، وإذا لم تستطع الحكومة فيجب أن ترحل، لأن البديل عن الحكومة الحالية هو ضبابي، وأسوأ بكثير من الوضع الحالي».

وقال: «لا نقبل بفرض أي ضرائب جديدة ولو صغيرة على عامة الناس، قبل أن نفرض ضرائب كبيرة على الأثرياء، ومقولتنا إن جيوب الكبيرة قبل الصغيرة».

ويتظاهر آلاف اللبنانيين في تحرك موحد، لرفع الصوت ضد الحكومة وقرارات فرض ضرائب جديدة عليهم.

واندلعت التظاهرات غير المسبوقة منذ سنوات، ليل الخميس، بعد إقرار الحكومة ضريبة، سحبتها لاحقاً، على الاتصالات عبر تطبيقات الإنترنت ضمن سلسلة ضرائب جديدة تدرس إقرارها تباعاً. وعلت مطالب الشارع باستقالة الحكومة، في حراك جامع غير مسبوق لم يستثنِ حزباً أو طائفة أو زعيماً.

وأغلق عشرات الآلاف من المحتجين في أنحاء لبنان، أمس، الطرق وأشعلوا النار في إطارات في ثاني يوم من الاحتجاجات.

وسلّطت التظاهرات الضوء على الانقسام السياسي، وتباين وجهات النظر بين مكونات الحكومة حول آلية توزيع الحصص والتعيينات الإدارية وكيفية خفض العجز والإصلاح من جهة، وملف العلاقة مع سورية المجاورة من جهة أخرى.

ودعت القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي مناصريهم للانضمام إلى المتظاهرين المحتجين على سوء الأوضاع الاقتصادية وفرض الضرائب.

وقال رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، في بيان، بعد ظهر اليوم «أتوجه إلى محازبي ومناصري حزب القوات اللبنانية، للمشاركة في التحركات الشعبية الجارية، وفق منطق وأجواء هذه التحركات، أي من دون شعارات وأعلام حزبية». ودعا رئيس حزب الكتائب اللبنانية المعارض، النائب سامي الجميل «كل اللبنانيين، بمن فيهم الكتائبيون وأصدقاء الكتائب، للاستمرار بالتحرك الذي بدأوه، لا مكان للتعب فلن نتركهم يقفون في وجه هذه الانتفاضة، وسنبقى جميعاً تحت راية العلم اللبناني فقط في الطرقات، وفي مناطقنا وضيعاتنا وشوارعنا وعاصمتنا حتى تحقيق الهدف».

من جهته، أعلن ظافر ناصر، أمين سر الحزب «التقدمي الاشتراكي»، الذي يتزعمه وليد جنبلاط، في تصريح له، عن تنظيم تحركات في مختلف المناطق اللبنانية، «نتيجة الفشل الذريع للعهد بتحقيق الإصلاحات الموعودة». وتم إلغاء جلسة لمجلس الوزراء، كان من المقرر عقدها بعد ظهر أمس، في القصر الجمهوري في بعبدا. وفي وقت سابق، أعلنت وزيرة الداخلية اللبنانية، ريا الحسن، عن رفضها «أعمال التخريب وتعريض أمن المواطنين للخطر، ما يجبرها على اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع هذه الأعمال».

وشددت الوزيرة على أن «استقالة الحكومة لن تكون الحل، بل يمكن أن تأخذ البلد إلى الأسوأ، وعلى المواطنين أن يعرفوا ذلك جيداً»، موضحة أن «هذه الحكومة - مع كل شوائبها - تطرح حلولاً وخيارات باتت قليلة في ظل ما وصلنا إليه من وضع مالي واقتصادي دقيق، لأنه يحتم علينا إقرار موازنة تقشفية».

وأغلقت المدارس والجامعات أبوابها، أمس، التزاماً بقرار وزير التربية بسبب الوضع المستجد، كما تم إغلاق المصارف.

تويتر