«فرح السودان».. المجلس العسكري و«قوى الحرية والتغيير» يوقعان على وثائق المرحلة الانتقالية

وقّع المجلس العسكري وتحالف «إعلان قوى الحرية والتغيير» في السودان، أمس، اتفاقاً من شأنه أن يمهد لبدء مرحلة انتقالية تؤدي إلى حكم مدني في السودان، وسط أجواء احتفالية وحضور رسمي من دول عدة، حيث شاركت الإمارات في حفل التوقيع، وأكدت وقوفها مع السودان الشقيق في مسعاه نحو تأسيس نظام سياسي قادر على النهوض بالدولة، والسير به نحو مستقبل مزدهر، وشددت على ثبات موقفها الداعم للسودان وشعبه، في كل ما يحقق أمنه واستقراره.

ووقع «الوثيقة الدستورية» كل من نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، وممثل تحالف «إعلان قوى الحرية والتغيير»، أحمد الربيع، بقاعة الصداقة التي تطل على نهر النيل في العاصمة الخرطوم. واستغرقت العملية بضع دقائق وشملت أوراقاً عدة، وشهد على التوقيع رئيسا وزراء مصر وإثيوبيا ورئيس المفوضية الإفريقية.

وفور انتهاء التوقيع، حمل رئيس المجلس العسكري، عبدالفتاح البرهان، الوثيقة التي وضعت في غلاف سميك باللون الأخضر، عالياً، ولوّح بها وسط تصفيق الحاضرين، وبينهم رؤساء دول وحكومات إفريقية وممثلون عن الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، كما حضر وزراء ومسؤولون من دول خليجية وعربية.

وجلس حميدتي والربيع على المنصة الرئيسة، وبجوارهما رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، الذي قاد الوساطة التي أدت إلى الاتفاق.

وقد شارك وزير دولة، الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، في مراسم حفل التوقيع على وثائق الانتقال للسلطة المدنية بين المجلس العسكري، وقوى الحرية والتغيير في الخرطوم.

وأكد الجابر وقوف دولة الإمارات العربية المتحدة مع السودان الشقيق، في مسعاه نحو تأسيس نظام سياسي قادر على النهوض بالدولة والسير به نحو مستقبل مزدهر.

وشدّد الجابر على ثبات موقف الإمارات الداعم للسودان وشعبه في كل ما يحقق أمنه واستقراره، معرباً عن تطلع دولة الإمارات إلى أن تشكل هذه الخطوة الإيجابية والمهمة، بداية لمرحلة جديدة تضمن مشاركة كل الأطياف الشعبية الوطنية فيها، وبما ينعكس على رسوخ النظام السياسي واستقراره.

وقال الجابر إن الانتقال السلمي للسلطة عبر طريق الحوار الوطني، هو الطريق الأنجع والأفضل والضامن الوحيد لتقدم الدول ورفعتها، خصوصاً أن تجارب الفوضى أدت إلى نتائج كارثية على العديد من شعوب المنطقة.

وقال الجابر إن تاريخ العلاقات السودانية - الإماراتية تاريخ طويل ومتجذر، ولطالما كانت الإمارات مع الشعب السوداني الشقيق، وستواصل هذه المسيرة الخيرة استناداً إلى سياستها الثابتة في الوقوف مع الشعوب الشقيقة والصديقة، ودعمها في مواجهة التحديات.

من جهته، قال ممثل الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد، في كلمة ألقاها بعد التوقيع: «هذا الإنجاز التاريخي العظيم نتيجة طيبة لهندسة وصنع الإرادة الوطنية، والمجلس العسكري الانتقالي، وقوى إعلان الحرية والتغيير، والحركات المسلحة، والفاعلين السياسيين».

ثم ألقى زعيم حزب الأمة المعارض، الصادق المهدي، كلمة اعتبر فيها أن هذا اليوم هو «يوم عبور إلى الحكم المدني، الذي سيحقق السلام والتحول الديمقراطي عبر انتخابات حرة احتكاماً للشعب السوداني».

وأكد ضرورة فتح الباب أمام «كل القوى التي لم تلوث مواقفها بالاستبداد»، وإلى عدم إقصاء أحد.

وحضر رؤساء تشاد إدريس ديبي، ودولة جنوب السودان سيلفاكير ميارديت، وكينيا أوهورو كينياتا، ورئيس رواندا بول كاغامة، ورئيسا وزراء إثيوبيا ومصر (ممثلا الاتحاد الإفريقي)، وعدد من وزراء خارجية الدول الأخرى، وممثلو المنظمات الإقليمية والدولية، توقيع الوثائق الخاصة بالفترة الانتقالية بقاعة الصداقة في الخرطوم.

وشارك أيضاً في مراسم الاحتفال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، ووزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، ونظيره الكويتي، صباح خالد الحمد الصباح، ورئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إضافة إلى الوسيط الإفريقي محمد الحسن لَبّات، والمبعوث الإثيوبي، محمود درير، وممثلون عن الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

وبدأ حفل التوقيع بالنشيد الوطني السوداني، ثم تمت تلاوة آيات من القرآن الكريم.

وعلقت لافتات داخل القاعة الفخمة كتب عليها «فرح السودان».

وعرض في بداية مراسم الحدث «فرح السودان» فيلم تسجيلي عن الثورة السودانية.

وانطلقت احتفالات رسمية وشعبية في السودان، بمناسبة بدء مراسم التوقيع على الاتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير.

وغابت عن حفل أمس المجموعات المتمرّدة في المناطق المهمشة، مثل دارفور والنيل الأزرق وكردفان.

وكانت الجبهة الثورية السودانية، التي توحدت هذه الحركات تحت رايتها، دعمت الحركة الاحتجاجية، لكنها رفضت الإعلان الدستوري، وطالبت بتمثيل في الحكومة وبمزيد من الضمانات في محادثات السلام.

وعلى الرغم من أن الطريق إلى الديمقراطية لايزال حافلاً بالكثير من العقبات، فقد خيمت الأجواء الاحتفالية على البلاد منذ الصباح، وتقاطر الآلاف من المواطنين من جميع أنحاء السودان إلى الخرطوم للمناسبة.

واحتفت الصحف السودانية، الصادرة صباح أمس، بـ«الانتقال التاريخي».

وكتبت صحيفة «التيار» في صفحتها الأولى: «البلاد تبدأ اليوم الانتقال التاريخي نحو الديمقراطية»، فيما عنونت صحيفة «السوداني»: «الخرطوم تستعد للفرح الأكبر».

ومع التوقيع الرسمي على الاتفاق، سيبدأ السودان عملية تشمل خطوات أولى فورية مهمة، إذ سيتم، اليوم، الإعلان عن تشكيلة مجلس الحكم الانتقالي الجديد، الذي سيتألف أغلبه من المدنيين.

وسيشهد اليوم الإعلان عن تشكيل مجلس السيادة وحلّ المجلس العسكري، فيما سيشهد غداً أداء أعضاء مجلس السيادة اليمين الدستورية. وسيؤدي رئيس الوزراء اليمين الدستورية في 21 أغسطس.

وكان تجمع المهنيين السودانيين أعلن عن اتفاق هياكل قوى الحرية والتغيير على تولي عبدالله حمدوك، رئاسة الوزراء خلال الفترة الانتقالية، بينما رشح المجلس العسكري، عبدالفتاح البرهان، رئيساً للمجلس السيادي.

وقال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي في السودان رئيس اللجنة السياسية، الفريق ركن شمس الدين كباشي، إن المجلس اختار خمسة من أعضائه الحاليين لتمثيله في المجلس السيادي.

وكشف كباشي، في تصريحات صحافية أوردها موقع «السودان اليوم» الإلكتروني، عن أن أعضاء المجلس السيادي من طرف المؤسسة العسكرية، هم الفريق أول محمد حمدان دقلو «حميدتي»، و الفريق شمس الدين الكباشي، والفريق ياسر العطا، مشيراً إلى اختيار الفريق جمال عمر لتولي حقيبة الدفاع في الحكومة الجديدة.

ومن المتوقع أن يركز رئيس الوزراء المرشح، حمدوك، جهوده على إصلاح الاقتصاد السوداني الذي يعاني أزمة منذ انفصال الجنوب الغني بالنفط في 2011 عن الشمال، وشكّل الوضع المعيشي شرارة الاحتجاجات ضد حكم البشير.

وأعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير في السودان عن تسيير مواكب جماهيرية بكل ولايات البلاد، احتفالاً بالتوقيع النهائي على الإعلانين السياسي والدستوري.

وقالت قوى الحرية والتغيير، في بيان رسمي بثته وكالة الأنباء السودانية «سونا»:«تنطلق مواكب الحرية والمدنية في الأقاليم والعاصمة».

وينهي الاتفاق، الذي تم التوصل إليه في الرابع من أغسطس، نحو ثمانية أشهر من الاضطرابات التي بدأت بتظاهرات حاشدة ضدّ الرئيس السابق، عمر البشير. وأطاح الجيش بالبشير تحت ضغط الشارع في أبريل، بعد 30 سنة من حكم السودان بقبضة من حديد.

وتم التوصل إلى الاتفاق بين المجلس العسكري، الذي تولى الحكم بعد الإطاحة بالبشير، والمحتجين، بوساطة إثيوبية، بعد عملية قمع دامية لاعتصام كان يطالب بتسليم الحكم إلى المدنيين. وتسببت عملية القمع في مقتل أكثر من 250 شخصاً، بحسب لجنة الأطباء المركزية القريبة من المحتجين.

ويقصد بوثائق الانتقال للسلطة المدنية كل من وثيقتَي الإعلان السياسي، الموقعة في 17 يوليو الماضي، ووثيقة الإعلان الدستوري الموقعة بالأحرف الأولى، في الرابع من أغسطس الجاري، اللتين تمهدان لإعلان تشكيل الحكومة وبداية الفترة الانتقالية.

سلطان الجابر:

«الإمارات تقف مع السودان الشقيق في مسعاه نحو تأسيس نظام سياسي قادر على النهوض بالدولة والسير به نحو مستقبل مزدهر».

الأكثر مشاركة