بوتين ينتقد الليبرالية والصين تحذر من الحماية الاقتصادية

انطلاق قمة مجموعة العشريـــن بدعوة إلى «الانسجام» وسط استمـرار الخلافات

صورة جماعية لقادة قمة العشرين في أوساكا في حفل الافتتاح. أ.ف.ب

اختتم قادة مجموعة الـ20، أمس، اجتماعات اليوم الأول في قمتهم المنعقدة بمدينة أوساكا غربي اليابان، بعد أن انطلقت بجو من الانسجام، وبمهادنة لافتة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإلقائه دعابة ذات مغزى حول روسيا، وسط عدم تحقيق تقدم حقيقي حول الملفات الخلافية، ومن ضمنها المناخ، وفي وقت انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأفكار التقدمية «الليبرالية» للديمقراطيات الغربية، حذر الرئيس الصيني، شي جينبينغ، من أن مذهب الحماية الاقتصادية الذي تتبعه بعض الدول «يحطم الاقتصاد العالمي».

وافتتح رئيس الوزراء الياباني شينزو آبيه الاجتماع الأول للقمة، حيث ألقى كلمة أكد فيها أهمية التجارة الحرة والمفتوحة.

يذكر أن تبادل فرض التعريفات الجمركية بين الولايات المتحدة والصين أصبح مسألة مثيرة للجدل. ويشعر الكثير من القادة بالقلق من التأثير السلبي الذي يمكن أن ينتج عنه في بقية الاقتصادات.

وأراد شينزو آبي، أن يضع المحادثات في مدينة أوساكا اليابانية الساحلية تحت عنوان «الانسجام الجميل»، في إشارة إلى معنى كلمة «ريوا» اليابانية، اسم الحقبة الجديدة التي أطلقها الإمبراطور الجديد ناروهيتو.

وعلى الرغم من تعبيرهم عن مخاوفهم حيال التوترات التجارية، بدا القادة متفائلين خلال لقائهم الأول. إلا أن المسؤولين اليابانيين يقولون إن العديد منهم يشعرون بالقلق من الخطر الذي يتعرض له الاقتصاد العالمي، بسبب النزاعات التجارية المستمرة.

ويبدو أن ترامب قد تلقّف رسالة شينزو آبي، فقد أطلق تصريحات تصالحية، وأظهر ودية كبيرة بعد سلسلة هجمات أطلقها أخيراً.

فقد أشاد ترامب بـ«المصانع الرائعة» التي بناها صانعو السيارات اليابانيون في الولايات المتحدة، بعد أن كان قد انتقد علناً اعتماد اليابان عسكرياً على الولايات المتحدة.

وأعرب ترامب أيضاً عن رغبته في التوصل إلى «تفاهم» مع الهند، كما وصف المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بأنها «مذهلة»، وللولايات المتحدة خلافات تجارية مع كل هذه الدول. وقرر اليابانيون والأميركيون من جهتهم «تسريع» محادثاتهم التجارية، خصوصاً حول الزراعة والسيارات. من جهة ثانية، اعتبر ترامب أنه «لا داعي للعجلة»، بما يتعلق بمسألة حل التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.

لفت الرئيس الأميركي الأنظار بإطلاقه دعابة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال لقاء ثنائي بينهما، يتعلق بملف الانتخابات الأميركية والتدخل الروسي فيها، وهي مسألة شديدة الحساسية في الولايات المتحدة.

وقال ترامب بسخرية ملتفتاً إلى الرئيس الروسي «لا تدخل في الانتخابات أيها الرئيس، لا تدخل»، وذلك بعدما سأله صحافي حول خطر حصول تدخل روسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 التي ترشح إليها ترامب رسمياً.

وأعلن مستشار الكرملين من جهته أن الرئيس الروسي دعا نظيره الأميركي خلال اللقاء إلى زيارة روسيا في مايو 2020، في مناسبة الاحتفالات بالذكرى الـ75 للانتصار في الحرب العالمية الثانية.

كذلك تبادل ترامب أطراف الحديث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وتعامل بمودة شديدة مع ولي العهد السعودي، وتحدث معه خلال التقاط الصورة الجماعية، وهي لحظة يسلط عليها الإعلام الأضواء بشكل كبير.

ومن المقرر أن يجتمع ترامب وولي العهد السعودي على غداء عمل اليوم.

وأظهر ترامب تقارباً مع نظيره البرازيلي جايير بولسونارو، بصورة بدا فيها مبتسماً ورافعاً إبهامه، سارع الأخير لنشرها على «تويتر». وأكد بولسونارو أنه من كبار«المعجبين» بالملياردير الأميركي.

وفي ما يتعلق بأكثر الموضوعات حساسية في قمة مجموعة العشرين، وهو الخلاف التجاري بين واشنطن وبكين، أعلن ترامب، أمس، أنه يتوقّع عقد لقاء «بنّاء» مع نظيره الصيني شي جينبينغ، أمس.

وسيحاول الزعيمان خلال لقائهما المرتقب خفض التصعيد في ملف النزاع التجاري والتكنولوجي الذي يهدد الاقتصاد العالمي.

وتهدد واشنطن بفرض رسوم جمركية على كل السلع الصينية التي تستوردها الولايات المتحدة، وهو ما سيشكل نقطة لا عودة في النزاع بين العملاقين. وتندد الصين بما تصفه بـ«المضايقات» الأميركية.

وعلى الرغم من ذلك، يأمل محللون كثر التوصل إلى هدنة في أوساكا، رغم أن اتفاقاً تجارياً بين الطرفين يبدو بعيداً في الوقت الحالي.

وتبحث القمة أيضاً ملف المناخ الذي لا يتوقع حصول انفراج حوله. وهو يشكل ملف توتر متكرر في مجموعة الـ20، منذ انسحاب إدارة دونالد ترامب من الاتفاق المناخي الموقع في باريس.

وأكد مقرّبون من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن ملف المناخ هو «الأكثر صعوبة» في القمة.

وقالوا إن الأميركيين يعتمدون موقفاً «متشدداً جداً»، و«يسعون إلى استقطاب ثلاث أو أربع دول أخرى» قد ترفض أيضاً توقيع إعلان دعم لاتفاق باريس، معربين عن خشيتهم أن تتمكن واشنطن من استمالة مزيد من الدول لرفض التوقيع.

كذلك هناك اختلافات عميقة بين قادة دول وحكومات حول مفهوم السلطة السياسية.

وانتقد بوتين، في مقابلة مع صحيفة «فاينانشل تايمز» أمس، الأفكار التقدمية «الليبرالية» للديمقراطيات الغربية.

وقال بوتين إن التقدميين «لا يمكنهم إملاء ما يريدون على غرار ما فعلوا في العقود الأخيرة»، مشيداً بتشدد ترامب في ملف الهجرة غير النظامية. وقال بوتين إن هذا الفكر التقدّمي «عفا عليه الزمن».

ورد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، بالقول «ما اعتبر أنه عفا عليه الزمن، هو التسلط وعبادة الشخص وحكم القلة، حتى لو أن ذلك قد يبدو أحياناً مجدياً».

وفي لقاء فاتر بين رئيسة الوزراء البريطانية وبوتين، الأول منذ تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال، في عام 2018 على الأراضي البريطانية، حثت تيريزا ماي، الرئيس الروسي على «الكف عن أعمال زعزعة الاستقرار التي تهدد المملكة المتحدة وحلفاءها»، مع استبعاد «تطبيع للعلاقات الثنائية» بين البلدين، إذا لم تفعل روسيا ذلك.

ونقلت «بلومبيرغ» عن الرئيس الروسي قوله إن الوقت قد حان لتجاوز «هذه الجلبة بشأن الجواسيس»، والبدء في تطبيع العلاقات مع بريطانيا، مؤكداً مرة أخرى عدم وجود أدلة على ضلوع موسكو في محاولة تسميم سكريبال.

وفي وقت سابق، أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أهمية بلورة نماذج عملية لتعزيز تعاون الصين مع إفريقيا، من خلال إقامة شراكات فاعلة، وبحث أفضل السبل لتمويل مشروعات البنية التحتية في إفريقيا، مثل ممر «القاهرة - كيب تاون»، ومشروع الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، وغيرها من مشروعات البنية التحتية المهمة في القارة.

وشدّد على أهمية مثل هذه المشروعات لتعزيز حركة التجارة البينية بين الدول الإفريقية، وتحسين الأوضاع الاقتصادية فيها، وتوفير فرص العمل لأبنائها، خصوصاً مع دخول اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية القارية حيز النفاذ، معرباً عن التطلع إلى دعم كل شركاء القارة، وعلى رأسها الصين.

جاء ذلك خلال مشاركة الرئيس المصري، أمس، في القمة الصينية الإفريقية المصغرة على هامش أعمال قمة مجموعة الـ20 بأوساكا، والتي جمعت إلى جانبه كلاً من الرئيس الصيني، ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، والرئيس السنغالي ماكي سال، وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.


بوتين أشاد بتشدد ترامب في ملف الهجرة غير النظامية.

تويتر