جواد ظريف استقال نتيجة ضغوط الحرس الثوري الإيراني

ظريف يعدّ الوجه المعتدل للسياسة الخارجية الإيرانية. رويترز

تنهي استقالة وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، حقبة دبلوماسية استمرت ست سنوات، لرجل يعتبر الوجه المعتدل للسياسة الخارجية الإيرانية، وتتمثل أشهر جهوده الدبلوماسية، منذ تعيينه بعد فترة وجيزة من وصول حسن روحاني إلى رئاسة البلاد في عام 2013، في قيادته فريق التفاوض النووي الإيراني مع القوى الكبرى، وتمكن من التوصل في نهاية الأمر إلى اتفاق تم توقيعه، على الرغم من المعارضة القوية للمحافظين والمتطرفين السياسيين في بلاده.

وإلى وقت قريب، كان ظريف أيضاً يدير محادثات مع دول من الاتحاد الأوروبي، حول إنشاء آلية للالتفاف على العقوبات الاقتصادية الأميركية ضد طهران، كما ألمح إلى رغبة بلاده في المصالحة مع دول الخليج.

ظريف، الذي كان يتمتع بدعم كامل من روحاني، ورئيس البرلمان الإيراني المحافظ، علي لاريجاني، ظل في الخطوط الأمامية مدافعاً، عندما كان الحرس الثوري الإيراني يهاجم وينتقد حكومة روحاني، وكان بمثابة قضيب صاعق قلل من الانتقاد المباشر للرئيس نفسه. ومع ذلك، فقد ازداد الضغط في الآونة الأخيرة على روحاني للاستقالة، بسبب ما يزعم النقاد بأنه مسؤول عن الأزمة الاقتصادية الخطرة السائدة في إيران، وهي الأزمة التي ينسبها المحافظون للاتفاق النووي، وما وصفوه بطأطأة الرأس أمام الغرب.

ووقع أعضاء البرلمان الإيراني عريضة تدعو إما إلى استقالة روحاني، أو إلغاء منصب الرئيس، ليحل محله نظام برلماني يختار فيه المشرع، وليس الناخبين، من الشعب الرئيس. ويمكن أن تكون استقالة ظريف بمثابة إلقاء عظم للراديكاليين والحرس الثوري، لكي يسمحوا لروحاني باستكمال ما تبقى من فترة ولايته التي تنتهي في عام 2021.

ويبدو أن ظريف قد فكر في الاستقالة الشهر الماضي، بعد أن واجه الحرس الثوري ونشاطه الإرهابي في أوروبا، ما أدى إلى فرض عقوبات إضافية على إيران، وجعل من الصعب الدفع قدماً بآلية لتجاوز العقوبات المفروضة عليها. وتحدث ظريف أخيراً عن مدى الصعوبات الاقتصادية التي يتحملها الشعب. وجاء ذلك في أعقاب تصريح روحاني بأن إيران تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ الثورة.

وأثارت هذه التصريحات عاصفة من الانتقادات في ديوان المرشد الأعلى، علي خامنئي، ووسط المحافظين والحرس الثوري، الذين اعتبروا هذه التصريحات بمثابة اتهام ضد القيادة العليا، ودعوة لإجراء مفاوضات جديدة مع القوى الغربية. وسيتضح قريباً ما إذا كانت استقالة ظريف قد أنقذت روحاني فعلياً من الضغوط ليتنازل عن الرئاسة قبل إكمال مدته، ويبقى أن نرى من الذي سيحل محله، وما إذا كان بديله سيوافق عليه البرلمان. ويبدو أن خامنئي سيفرض على روحاني تعيين وزير جديد، ما يؤدي إلى تعميق سيطرة المرشد الأعلى على الحكومة الإيرانية، وقدرتها على توجيه سياستها الخارجية. وهذا بالتأكيد ليس خبراً ساراً للاتحاد الأوروبي، الذي يحاول الحفاظ على الاتفاق النووي.

وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة «جمهوري إسلامي»، قال إن القتال بين الأحزاب والفصائل في إيران هو عبارة عن «سم قاتل»، في ما يتعلق بصياغة السياسة الخارجية، ما يشير إلى أنه ربما استقال بسبب ضغوط من عناصر متشددة معارضة لدوره في قيادة التفاوض على الاتفاقية النووية الشاملة في 2015. ويقول «علينا أولاً إبعاد سياستنا الخارجية عن القتال الحزبي والطائفي»، ويمضي قائلاً «السم المميت للسياسة الخارجية، هو أن تصبح السياسة الخارجية قضية قتال حزبي وطائفي»، وانتقد ظريف المتشددين الإيرانيين في خطاب ألقاه في طهران، الأحد الماضي، قائلاً: «لا يمكننا أن نختبئ وراء مؤامرة الإمبريالية، ونلومهم على عدم قدرتنا»، ويضيف «الاستقلال لا يعني العزلة عن العالم».

تويتر