بوتين يصعّد ضد أميركا بـ «صاروخ أسرع من الصوت»

روسيا تعلّق مشاركتها في معاهدة الصواريخ رداً على انسحاب واشنطن

بوتين خلال لقائه وزيري الخارجية والدفاع سيرغي لافروف وسيرغي شويغو. أ.ب

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، أن موسكو ستعلق مشاركتها في معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة، رداً على انسحاب الولايات المتحدة منها قبل يوم، وتعهد بالبدء في إنتاج صواريخ جديدة، بينها واحد أسرع من الصوت.

وتفصيلاً، قال بوتين إن «شركاءنا الأميركيين أعلنوا تعليق مشاركتهم في الاتفاق، وسنعلق نحن كذلك مشاركتنا»، وذلك بعدما حددت الولايات المتحدة لروسيا مهلة للتعاون.

وأكد بوتين خلال لقاء متلفز جمعه بوزيري الخارجية والدفاع سيرغي لافروف وسيرغي شويغو، أن روسيا لن تباشر أي محادثات جديدة مع الولايات المتحدة بشأن مسألة نزع الأسلحة.

وقال بوتين، وفق ما نقل الكرملين، إن موسكو ستعلق التزامها بالمعاهدة المبرمة عام 1987، إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق.

وتابع الرئيس الروسي «سننتظر إلى حين نضوج شركائنا بما يكفي لإجراء حوار متساو وذي مغزى بشأن هذا الموضوع المهم».

وأضاف بوتين أن بلاده ستبدأ في إنتاج صواريخ جديدة، من بينها صاروخ أسرع من الصوت.

وأكد أنه لن يتم نشر الأسلحة النووية المتوسطة في الجزء الأوروبي من روسيا أو أي مكان آخر، إلا إذا أقدمت واشنطن على ذلك.

ومن المرجح أن تؤدي الخطوات الروسية إلى رفع منسوب التوتر بين موسكو وواشنطن، وتؤدي إلى عودة سباق تسلح حذر منه الأوروبيون.

وهدّدت روسيا مراراً بالرد، في حال أعلنت واشنطن انسحابها من المعاهدة النووية.

وكان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أعلن الجمعة، تعليق التزام بلاده بالمعاهدة اعتباراً من السبت، وذلك بعد أن اتهم روسيا بخرق المعاهدة وتجاهل النداءات الأميركية بهذا الشأن.

وترك بومبيو الباب مفتوحاً أمام إجراء مفاوضات مع روسيا خلال مهلة ستة أشهر، من أجل التوصل إلى اتفاق جديد بشأن معاهدة الصواريخ النووية التي يراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر.

وفي حال لم تلتزم موسكو خلال هذه المهلة، فإن واشنطن ستنسحب منها نهائياً، وفق بومبيو.

ويأتي الانسحاب الأميركي الذي كان متوقعاً منذ أشهر، بعد سنوات من نزاع لم يتم حله حول الالتزام الروسي بالمعاهدة الموقعة عام 1987، والمعروفة باسم معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، وتحظر إطلاق صواريخ كروز التي تطلق من الأرض، فيما تنفي روسيا انتهاك المعاهدة.

وتبادلت موسكو وواشنطن لفترة طويلة الاتهامات بخرق المعاهدة، ليعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، العام الماضي، نيته الانسحاب منها ما لم تنفذ روسيا التزاماتها.

وأنهت المعاهدة التي وقعها الرئيس الأميركي رونالد ريغان والزعيم السوفييتي ميخائيل غورباتشوف في ديسمبر عام 1987، سباقاً للتسلح بالرؤوس النووية بثّ الهلع في أوروبا.

ومنعت الاتفاقية نشر صواريخ يراوح مداها بين 500 و5500 كلم.

وشكّل الاتفاق حلاً لأزمة الصواريخ السوفييتية البالستية الموجهة إلى العواصم الغربية، غير أنه لم يضع قيوداً على قوى أساسية أخرى مثل الصين.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أول من أمس، إن واشنطن بدأت بإجراءات الانسحاب من المعاهدة على مدى ستة أشهر.

وقال ترامب إنه يتمنى أن «يجمع الكلّ في غرفة كبيرة وجميلة للعمل على اتفاقية جديدة»، لكن في الوقت الحالي، فإن الولايات المتحدة «لا يمكنها أن تكون في وضعٍ غير ملائم».

وأعرب القادة الأوروبيون عن قلقهم من تداعيات انهيار معاهدة نزع الصواريخ النووية المتوسطة، وحضّوا روسيا على التعامل مع المسائل التي تشكل مصدر قلق بالنسبة لواشنطن قبل انسحاب الأخيرة رسمياً منها في أغسطس المقبل.

وفي بروكسل، قال وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) الـ29، في بيان مشترك: «ندعو روسيا للعودة السريعة إلى الالتزام الكامل بالمعاهدة، الذي يمكن التحقق منه، والأمر يعود الآن إلى روسيا للحفاظ على معاهدة خفض الأسلحة النووية المتوسطة».

وعبّرت بكين، أمس، أيضاً عن قلقها من تعليق الطرفين مشاركتهما في المعاهدة، داعيةً البلدين إلى «حوار بناء» لتفادي «نتائج سلبية».

وتحدّث وزير الخارجية الصيني عن احتمال التفاوض عن معاهدة جديدة متعددة الأطراف تتضمن بكين.

وأعلن حلف شمال الأطلسي في وقت سابق «دعمه الكامل» للولايات المتحدة في انسحابها من المعاهدة، ووافق على أن صاروخ «9 إم 729» الروسي البالستي فيه خرق للاتفاقية.

وأعرب لافروف، أمس، عن قلقه من أن قرار واشنطن التخلي عن معاهدة الصواريخ النووية قد يهدد تمديد مهلة اتفاقية «ستارت» الجديدة.

وتنتهي مهلة اتفاقية «ستارت» التي تحدد عدد الرؤوس النووية لواشنطن وموسكو في عام 2021.

وتستنكر واشنطن منذ سنوات تطوير موسكو أنظمة تقول إنها تخالف معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، غير أن الأميركيين أكدوا علناً نيتهم التجهز بأسلحة نووية جديدة.

وفي مراجعتها الجديدة للوضع النووي في فبراير 2018، أخطرت الولايات المتحدة بأن لديها النية في حيازة سلاحين جديدين: جيل جديد من الصواريخ النووية ضعيفة القدرة، يمكن إطلاقها من غواصة (فئة لم تلحظها معاهدة الصواريخ النووية)، ونوع جديد من صواريخ كروز يشكل انتهاكاً للمعاهدة.

ويؤكد البنتاغون أن النوع الجديد من صواريخ كروز لا يعدّ خرقاً للمعاهدة إلا إذا جرى نشره، مشدداً على أن المعاهدة مع موسكو عام 1987 لم تمنع إطلاق برامج البحث والتطوير.

وأعلن المتحدث باسم البنتاغون جوني مايكل لوكالة فرانس برس، أنه اعتباراً من السبت «لم نعد ملزمين بالقيود» المفروضة في المعاهدة.

وتوفّر ميزانية عام 2019 أموالاً لتطوير هذا الجيل الجديد من صواريخ أرض - أرض متوسطة المدى، و«نحن لانزال في مرحلة البحث»، وفق المتحدّث.

وفي الواقع، فإن البنتاغون يستعد لتطوير نظام يضاهي صاروخ «9 إم 729» الروسي، الذي تقول موسكو إن مداه الأٌقصى هو 480 كلم، فيما تؤكد واشنطن وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي أن الصاروخ الروسي قد اختبر على مسافات أعلى بكثير من تلك المعلن عنها.

تويتر